تدور منذ عدة أشهر بين إسرائيل والولايات المتحدة محادثات بشأن رزمة المساعدة العسكرية للسنوات المقبلة. ويتعين على إسرائيل أن تقرر ما إذا كانت ستقبل بالاقتراح الذي قدمته الإدارة الحالية، أو ستجازف وتنتظر الإدارة المقبلة على أمل أن يكون اقتراح تلك الإدارة أفضل.
بالنسبة إلى إسرائيل، المشكلة الأساسية في الاقتراح الحالي [للإدارة الأميركية] هو إلغاء الاتفاق الذي بموجبه تستطيع إسرائيل استخدام ربع مليار دولار من أموال المساعدة العسكرية - التي تحول سنوياً في إطار البرنامج الأميركي لتمويل جيوش أجنبية - من أجل القيام بعمليات شراء في إسرائيل بدلاً من الولايات المتحدة. وهذا الترتيب موجود منذ قررت الولايات المتحدة المشاركة في مشروع طائرة لافي.
الهدف من برنامج تمويل جيوش أجنبية هو تقديم منح وقروض تستطيع بوساطتها الدول شراء سلاح وعتاد دفاعي من إنتاج أميركي. والمستفيد من هذا البرنامج هو الدول التي تحصل على المساعدة، والصناعات الأمنية الأميركية التي تبيع منتجاتها بأموال هذه المساعدة. وقد أتاح هذا الترتيب الخارج عن المألوف لإسرائيل توجيه ربع مليار دولار من أموال المساعدة سنوياً من أجل عمليات شراء داخلية، وكانت له أهمية كبيرة بالنسبة للصناعات الأمنية هنا، وإلغاؤه سيلحق ضرراً كبيراً بها.
إن هذا الترتيب جرى التوصل إليه خصيصاً من أجل مشروع طائرة لافي بعد مساع كثيرة قام بها داني هالبرِن الذي عمل مستشاراً اقتصادياً في سفارة إسرائيل في واشنطن، وجهود قمت بها أنا شخصياً عندما كنت سفيراً لإسرائيل في الولايات المتحدة.
لقد أيد مجلسا الشيوخ والنواب والإدارة الأميركية، بمن فيهم الرئيس ريغن هذا الترتيب. وأدرك الذين سعوا إلى القضاء على مشروع لافي أن مساعيهم لن تكلل بالنجاح إذا أدى إلغاء المشروع إلى إلغاء هذا الترتيب الاستثنائي، لذا وضع هؤلاء لأنفسهم هدف تغيير الاتفاق الخاص بحيث لا يكون مقيداً بمشروع لافي.
بالنسبة إلى وزير الدفاع الأميركي آنذاك، كاسبر واينبرغر، كان هذا بمثابة حبة مرة توجب عليه ابتلاعها من أجل تحقيق هدفه المتمثل في القضاء على مشروع لافي.
لم يكن واينبرغر ومساعده ديف زكهايم، اللذان عملا ضد مشيئة الكونغرس وسياسة الرئيس، لينجحا في القضاء على مشروع لافي من دون مساعدة من جانب بضعة إسرائيليين، قرر كل واحد منهم، ولأسبابه الخاصة، الضغط على الحكومة من أجل إلغاء المشروع. فقد ادّعى شمعون بيريس في الحكومة أن طائرة لافي ليست متطورة بما فيه الكفاية، وأنه بدلاً منها يجب تطوير طائرة جديدة أطلق عليها اسم «لافي 2000»؛ وقال عيزر وايزمان إنه يجب إلغاء المشروع لأن لافي طائرة متطورة أكثر من اللازم؛ وقال قائد سلاح الجو أفيهو بن نون للحكومة إن سلاح الجو سيقلص ولذلك سيكون بحاجة إلى 80 طائرة لافي فقط وليس إلى 120 كما كان مخططاً، وإن سلاح الجو يخطط لشراء الطائرة الأميركية F-22 التي تتفوق في خصائصها على طائرة لافي. وكان هناك صبيان وزارة المال المدهشون الذين حذروا الحكومة من انهيار السوق الإسرائيلية إذا لم يجر إلغاء مشروع لافي، ووزيرة الصحة شوشانا أربيلي – ألموزليني التي هددها بيرس واضطرت إلى الامتناع عن التصويت فيما كانت الدموع تسيل على خديها. وفي نهاية الأمر وبأغلبية صوت واحد، اتخذ قرار إلغاء مشروع طائرة لافي.
بعض هؤلاء الأشخاص ليسوا على قيد الحياة، والبعض الآخر يفضلون بالتأكيد نسيان ما قالوه في تلك الأيام. جرى القضاء على مشروع لافي وتلقت الصناعة الجوية في إسرائيل ضربة قاسية لم تتعاف منها حتى الآن. واينبرغر لم يعد حياً، لكنه بعد كل هذه السنوات من المحتمل أنه ينفذ انتقامه. ويبدو أن الترتيب الذي أتاح لإسرائيل استخدام أموال المساعدات الأميركية من أجل مشترياتها من الصناعات الأمنية الإسرائيلية، والذي هو واحد من الإنجازات الكثيرة لمشروع لافي، سيلغى نهائياً.