بشجاعة المجاهد المنتصر في المعركة الصح ضد أعتى أعداء الأمة، إسرائيل، (فحاميها الأميركي)، رفع «السيد» صوته محذراً ومنبّهاً، ومن موقع المواجهة الميدانية، العصابات المسلحة بعنوان «داعش» و «النصرة»، إلى خطورة الجرائم التي ترتكبها ضد الدين الحنيف، والمؤمنين عموماً، في هذه البلاد التي منها انطلق المبشرون لنشر راية الإسلام في العالم شرقاً وغرباً.
تجاوز «السيد» موقعه كمجاهد يحارب ضد هؤلاء السفاحين، قتلة الرجال والنساء والأطفال، وسنابل القمح وأشجار الزيتون وأعرق ملامح الحضارة الإنسانية، وخاطبهم محذراً من أن «الإسلام» هو الشهيد الأول لحربهم الظالمة تحت الشعار الديني في سوريا (والعراق واليمن وليبيا و...) وتفجيراتهم القاتلة التي تذهب بمئات الضحايا الأبرياء في لبنان ومختلف أنحاء الوطن العربي وبعض عواصم أوروبا ومدنها من قبل أن يعرفوهم ومن دون أن يحترموا حقهم في الحياة، وهي منحة إلهية..
خاطبهم من موقع القوة والقدرة، العارف بزيف إسلامهم الذي يتسترون به وهم يقتلون مراكز الحضارة الإنسانية، ويسبون النساء، ويذبحون الأطفال، ويغتالون المدن وقرى الفلاحين مشققي الأيدي بالجهد من أجل إنتاج الزيتون والبرتقال والقمح والفستق الحلبي،
خاطبهم وهو قائد المجاهدين وفي مناسبة الاحتفال بالذكرى العاشرة لحرب تموز التي خاضها العدو الإسرائيلي، مهاجماً لبنان بعنوان جبل عامل والضاحية الضحية وطرق إمداد المقاومة، وحيثما يتواجد مناصروها... وهي الحرب التي استخدم فيها أسلحته كافة، في البر والبحر والجو، من الطيران إلى الصواريخ فإلى المدفعية الثقيلة فإلى دبابات الميركافا، مفخرة جيشه، فإلى بعض بوارجه ومنها التي احترقت قبالة ساحل بيروت..
..وهي الحرب التي استطالت لمدة ثلاثة وثلاثين يوماً من القتال الضاري، وحفلت بالعديد من المواجهات بالنار وجهاً لوجه، وسهر فيها بعض من كان تبقى من الأهالي في منطقة مرجعيون في ضوء نيران مجاهدي المقاومة وهي تحرق دبابات الميركافا في سهل الخيام.
لم يتحدث «السيد» باسم النظام السوري ولا أي نظام آخر، بل تحدث كقائد لتنظيم مجاهد قاتل على امتداد عقدين من الزمن تقريباً، احتلال العدو الإسرائيلي الذي كان لا يُقهر فقهره وأخرجه عنوة من أرض لبنان ذات ليل، أواخر أيام العام ألفين، مما جعله يتخلى عن عملائه وأعوانه و «رهائنه» من خونة أهلهم، الذين ذهبوا إليه طلبا للأمان فأذلّهم وعاملهم كما يستحقون من تحقير وإذلال.
ولقد فوجئ من استمع إلى خطاب «السيد» في احتفال بنت جبيل بدعوته هؤلاء الانتحاريين الذين يفجرون «الإسلام» كدين قبل المؤمنين به وبعدهم، إلى إجراء مراجعة لمسار حربهم على سوريا (والعراق وليبيا واليمن و...)، وإلى التنبه للنتائج الخطيرة لهذه الحرب البلا أفق، والتي لن يتمكنوا من الانتصار فيها، مهما بلغت أعدادهم ومهما تعاظمت ثرواتهم من النفط المنهوب، ومهما هدموا من معالم العمران في عواصم الحضارة الإنسانية.
هذه ليست دعوة للمصالحة مع هذه المجاميع من القتلة باسم الدين الحنيف والدين منهم براء، ولا هي تُطلق في سياق الدفاع عن النظام السوري... بل هي إنذار بما ينتظر هؤلاء الذين أساؤوا إلى الدين الحنيف وأهله أكثر مما أساؤوا الى هذه البلاد وأهلها بناة العمران الإنساني والذين طالما جاهدوا بأنفسهم من أجل القضايا المحقة من فلسطين ضد الصهاينة، إلى الجزائر ضد الاحتلال الفرنسي إلى لبنان لهزيمة «التطرف الآخر» واستنقاذ لبنان من الحرب الأهلية التي كادت تعصف بكيانه وبأهله.
ومع أن الأمل شبه معدوم في أن يسمع قادة التنظيمات الإرهابية، فإن «السيد» قد رسم ـ مرة أخرى ـ الخط الفاصل بين «الجهاد» في سبيل الله وبين السفاحين قتلة الشعوب والأوطان ومعها الدين الحنيف