لماذا يتعين على أوروبا حماية المجتمع المدني الفلسطيني ومواطنيها من القمع الإسرائيلي؟

860x484
حجم الخط

 

أعلن المسؤولون الإسرائيليون مزيدا من الإجراءات ضد أنشطة المجتمع المدني اللاعنفية. فخلال الإنتفاضة الأولى، أبعدت سلطات الإحتلال الإسرائيلي نشطاء اللاعنف وحاولت منع أية مظاهرة سلمية ضد السياسات المفروضة والقمعية. وفي هذه الأيام، تحاول اسرائيل وبدعم دولي، سحق حركة التضامن المتنامية مع القضية الفلسطينية من أجل الحرية والإستقلال.

وخلال العام الماضي، شنت الحكومة الإسرائيلية ومنظمات أخرى حملة ضد أي عبارة استنكارية للإحتلال الإسرائيلي لفلسطين وضد جرائمة وسياساته العنصرية. وكانت المنظمات الفلسطينية لحقوق الإنسان مثل (الحق) ضحية الجهود المنسقة الهادفة الى تعريض تمويلها للخطر، وبضمنها الهجمات الشريرة وتحريض الكراهية الذي أدى الى التهديدات بالقتل ضد بعض موظفيها.

للأسف، أن هذه الحملة ضد المجتمع المدني الفلسطيني وشركائه أضحت مقبولة نوعا ما، كما يتم تشجيعها من أعضاء المجتمع الدولي. ولقد ذهلنا لرؤية التواجد الرسمي الأوروبي في اجتماعين مناهضين لحركة مقاطعة اسرائيل وسحب الإستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، حيث أن ممثل الإتحاد الأوروبي في تل أبيب لم يكتف بالإشادة بإسرائيل بسبب "سجلها لحقوق الإنسان"، إنما أعلن علانية بأن منتوجات المستوطنات مرحب بها في الأسواق الأوروبية.

كما أعلن العديد من المسؤولين الأوروبيين وبضمنهم فيديريكا موغيريني ، عن عدم اتخاذ إجراءات ملموسة ضد الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي باستثناء البيانات. في حين قال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز لنظيره الإسرائيلي، المستوطن، بأنه يعارض وضع علامات مميزة على بضائع المستوطنات.

وعندما قررت المملكة المتحدة تجريم حملات المقاطعة للاحتلال الإسرائيلي، أوضحنا للمسؤولين الأوروبيين بأنه لم يعد من المقبول من أي حكومة أن تدعي دعم حل الدولتين بينما تمنح الحصانة للجرائم الإسرائيلية والانتهاكات الممنهجة للقانون الدولي.

إضافة الى ذلك، فخلال الأشهر القليلة الماضية أعلنت بعض الحكومات الأخرى عن الرغبة في التسامح مع الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، مثل وزير خارجية البراغواي الذي أعلن صراحة أن البلدة القديمة من القدس لا تخضع للاحتلال الإسرائيلي، بينما قامت كولومبيا بالتوقيع على إتفاقية للتجارة الحرة مع إسرائيل والتي تمنح معاملة تفضيلية لبضائع المستوطنات وكأنها بضائع إسرائيلية اعتيادية.

وبينما تستمر المستوطنات الإسرائيلية بالنمو بما يرتبط بها من صناعة ونظام إستيطاني، يستمر هدم المنازل الفلسطينية. وأقصى ما يرغب المجتمع الدولي بطرحه في هذا الخصوص هي الإدانة بدلا من الأفعال الملموسة لإنهاء أقدم احتلال أجنبي عسكري في التاريخ المعاصر. وبغض النظر عن كم قرارات الأمم المتحدة التي تنتهكها اسرائيل، فإن بعض الدول لا ترغب فقط بعدم الفعل، إنما تمنع مجتمعها المدني من العمل ضد الإنتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في فلسطين.

وبالتحديد، ردا على ضعف الرغبة السياسية الدولية لتحمل المسؤوليات تجاه الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، أخذت العديد من جماعات المجتمع المدني الفلسطيني والإسرائيلي والدولي، زمام المبادة لاطلاق حملات شجاعة لإظهار الحقيقة على الأرض والمطالبة بعمل ملموس من المجتمع الدولي. وأصبحوا جميعهم هدفا للحكومة الإسرائيلية ومؤسساتها ذات الصلة، على الرغم من عدم مطالبتهم جميعا بمقاطعة إسرائيل.

إن الإعلان الإسرائيلي الأخير بابعاد ومنع دخول حملة الجوازات الأجنبية، المنخرطين في حملات سلمية ضد الإحتلال الإسرائيلي، لا يعكس فقط مدى سيطرة إسرائيل على الحدود وكل شخص في فلسطين، إنما يكشف رغبة الحكومة الإسرائيلية في إنهاء أي مقاومة سلمية ضد الإنتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان الفلسطيني.

وأقل ما يمكن توقعه من المجتمع الدولي وبخاصة أوروبا، القيام بدور فاعل في دعم الحق بالقيام بعمل سلمي ضد انتهاكات حقوق الإنسان، بدلا من دعمها إما المباشر أو غير المباشر لمحاولات تجريم مثل تلك الأعمال.

الفلسطينيون لن يقفوا مكتوفي الأيدي ، بينما تستمر الجرافات الإسرائيلية في هدم منازلهم وتصنيف الأرض الفلسطينية للبناء الإستيطاني. وسيستمر أصحاب الضمائر الحية بالعمل لوقف هذه الجريمة الاستعمارية. وقد لا تكون جميع الحكومات راغبة في الوقوف الى الجانب الصحيح من التاريخ، لكن عليها على أقل تقدير دعم وحماية مواطنيها الذين لا يرغبون بالرضوخ للتنكر الممنهج لحقوق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال.