بدأ الكثير من الناس الذين أبنوا فؤاد، أول من امس، تأبينهم بكلمات: «بعد موت المقدسين».
هذا قول بشع، ومتلون. اذا لم يكن لديك شيء جيد لقوله عن شخص مات الآن فلا تقل. وان كانت لديك اشياء جيدة لا تختبئ وراء هذه الجملة، لأن هذا ليس مناسباً لامتداح من أنقذه مرضه من مخالب المحكمة.
أسفت، أول من امس، لرؤية يوسي بيلين يجلس في استديوهات التلفاز والراديو فقط للحديث عن اخفاقات فؤاد كسياسي. هذا لا لزوم له. وصبياني. وغير محترم. لقد كان فؤاد اشياء كثيرة. جيدة وسيئة. لكن شخصيته بمجملها لا تبرر سوء من اسرعوا، أول من أمس، لتصفية الحساب معه.
إذاً، ما الذي يمكن قوله عن فؤاد، حول سيرته كشاب وحيد جاء من العراق وتسلقه هرم الجيش والسياسة؟ يبدو لي أنه لا يوجد اي سياسي اليوم جاء شابا وحيدا من بولندا او ملدوفا او الاتحاد السوفييتي، طهران او حتى من الولايات المتحدة.
حول مساهمة فؤاد للدولة كرجل عسكري يمكن قول هذا عن كل شخص خدم في الجيش 30 عاما. رأيي أن قلائل هم الذين يبقون في الجيش لأنهم يريدون خدمة الدولة. ولكن ان كان هذا معيارا معينا للرسمية الاسرائيلية فان فؤاد عمل ذلك بشكل كبير، ايضا بجرأته وايضا بمناصبه.
دخوله للسياسة ايضا لم يترك لديّ انطباعا كبيرا. من معرفتي القريبة للسياسيين قلة هم من يضعون مصلحة الدولة أمام عيونهم وليس السيرة المهنية الخاصة بهم. وأقل منهم هم من يساهمون بشيء. معظمهم لا يتركون اي بصمة. ولكن ان كانت الحياة السياسية هي المعيار للعطاء من أجل الدولة فان فؤاد فعل ذلك. 30 عاما في السياسة من حزب تامي التابع لابو حصيرة مرورا بـ»ياحد» لعيزر فايتسمان وحتى حزب العمل، وصل هناك الى منصب رئيس الحزب، وزير في عدة وزارات مهمة الى أن وصل الى وزارة الدفاع في حكومة شارون، حيث تواجد في جميع المفترقات الحاسمة بوظائف مهمة.
الوظيفة الاخيرة التي طلبها لنفسها – رئيس الدولة – كانت وظيفة واحدة اكثر من اللزوم، وفتحت صندوق المفاسد الذي تحول في نهاية المطاف الى نعش للقبر.
عن ذلك الفساد الذي كشف في العامين الاخيرين لا شيء يمكن قوله. ان كان وضع فؤاد الصحي هو الذي فرض قرار المحكمة باغلاق الملف بسبب عدم قدرته على المحاكمة فان موته قد حرره من ذلك.
ورغم كل هذا أحببت فؤاد. كان شخصا استثنائيا من بين السياسيين: قلبه واسع، صديق جيد، صاحب تهكم ذاتي، لا يأخذ نفسه بجدية زائدة عن اللزوم. كل هذه صفات نادرة بين اصدقائه في المهنة. لقد كان من بين القلائل الذين يمكن عدهم على اصابع يد واحدة، حين تحدث مع الناس او الصحافيين اهتم بحياتهم ولم يكن مهتما بنفسه فقط. الحديث معه كان مسليا ومريحا، وليس حصرا للأنا والصيت الخاص.
من أجل أن نفهم الأمر اليكم قصة عن فؤاد، من الممكن ان تكون القصة الاخيرة: قبل اسبوعين اجريت عملية معقدة طويلة لاحد اصدقاء فؤاد المقربين ووضع في العناية المركزة. فؤاد رغم وضعه الصعب وصل الى المستشفى بمساعدة عكاز، وانتظر في غرفة الانتظار الى أن سمح له بالدخول. وقد فعل ذلك مرتين خلال الاسبوعين الاخيرين. وحين ادخل هو للعناية المركزة اهتم بان يتصل من سريره بذلك الصديق من أجل تشجيعه.
هناك من لن يتأثر لهذه القصة. لأن الولاء والصداقة لا تعني شيئا أمام قصص الفساد. هذا هو، إذاً. حيث رغم ذلك هناك أشياء لا يتم تقديرها أبدا زيادة على اللزوم. وبعد الموت يمكن بل يجب ان نروي قصصهم.