قراءة أولية لوضعية النساء في القوائم الانتخابية

ريما كتانة نزال
حجم الخط

سواء تأجلت الانتخابات إلى أجل معلوم أو مجهول، تفحص القوائم لجهة وضعية النساء فيها تمرين مطلوب، فحص وتحليل واستكمال المعلومات، حول ملابسات تشكيل القوائم، مطابقة شهادات المرشحات والمستهدفات بالترشيح، أشكال من التعسف لمن يملك القرار على من لا يملكه، إزاحة عضوات سابقات ممن راكمن تجارب مهمة إلى مواقع لا تراعي تجارب النجاح القوية، إحساس المرأة الواعية بالإقصاء ومشتقاته؛ موجع. 
الكشف عن أشكال التعسف والاضطهاد ضد المرأة بدأت بشكل مبكر، فقد تم تنظيم أشكال من الحراكات في جميع المحافظات مستخدمة الإعلام؛ لإيصال رسائل الاحتجاج والاستنكار على الطريقة التي يتم التعامل بها في تشكيل القوائم. تحكُّم العائلية وانجرار الحزب إلى اشتراطاتها وثقافتها الإقصائية، عمليات التلاعب بالترتيب وفقاً للحسابات والمصالح الانتخابية، تقصد استهداف النساء الضعيفات، والأصعب أن يتم التمييز في إعطاء الأولوية في الترشح وتولي المسؤولية؛ بين اللاجئ-ة وبين ابن-ة البلد، وقْع وواقع علقميّ.
شهدت الساعات الأخيرة، قبل إغلاق لجنة الانتخابات المركزية أبوابها أمام تسجيل القوائم، حركة ونشاطاً غير اعتيادي، الأمر الذي يوضح صعوبة المخاض الذي شهده تشكيل القوائم. وفي المحصلة تم تقديم (860) قائمة لعضوية (416) هيئة محلية، مع الأخذ بالاعتبار نجاح  (182) قائمة بالتزكية.
وفي تفاصيل التزكية التي تنحصر عموماً في القرى الصغيرة، تراوحت نسبة قوائم التزكية بين 78% في محافظتي طوباس والقدس، لتصل إلى 33% من قوائم محافظتي طولكرم وسلفيت، الأقل تعاملاً مع قوائم التزكية، بينما بلغت نسبة قوائم التزكية في أريحا 71% وفي محافظة رام الله والبيرة 52% من قوائمها، و43% في محافظة نابلس، و41% في محافظة الخليل، أما في قلقيلية فقد تساوت قوائم التزكية مع قوائم الانتخاب.
بلغت نسبة مشاركة النساء 26% من العدد الكلي للمرشحين. ولم يكن بإمكان الأحزاب، موضوعياً، الالتزام بما وقعته مع الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية برفع المشاركة إلى 30% من حجم القائمة، لأنها ببساطة لا تملك قرار التشكيل، بل تركز قرار التشكيل بيد العائلات بما فيه حق «الفيتو»، في مرحلة الانطفاء والتراجع الفصائلي. لقد حسمت العائلة أكثرية القوائم بما فيها تلك التي حملت اسم الفصيل، ومن ثم تلتها الفصائل في اتخاذ موقع ثانياً. 
ظاهرة القوائم النسوية مستمرة، ترشحت قائمة «عطاء بلا حدود» النسوية المشكلة من تسع سيدات في «دورا» التابعة لمحافظة الخليل، إلى جانب ست قوائم انتخابية أخرى. منذ قائمتي «الخليل» و»صفا» النسويتين في العام 2012، ما زالت النساء يعبِّرن عن احتجاجهن على التمييز بطريقتهن الخاصة، إقصاء ذكوري يقابله إقصاء نسوي من القائمة.
ربما كان على الحركة النسائية، تقديم منهجية بديلة لحالة الإقصاء الممارس في تشكيل القوائم، قوائم تتوخى المناصفة، تعبيراً عن بديلنا النسوي للقوائم، وهو البديل الموضوعي لتبني فكر المساواة في القانون الأساسي، والالتزام المطلوب تجاه الانضمام لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. لماذا لا نخرج من علب ترتيب القائمة وتحكم الذكور والقانون فيها؟ لم لا نقدم قائمة تقدم الوجه الآخر لعملة التمييز، بين كل خمسة نساء رجل؟
في مشاركة النساء أيضاً، لدينا ثماني قوائم ترأست النساء القوائم بما فيها القائمة النسوية. قائمة في مدينة غزة وسبعة في الضفة الغربية. قائمة التحالف الديمقراطي – نابلس، قائمة غزة للجميع المستقلة، وقائمة النويعمة والديوك والنوفا في محافظة أريحا، وقائمة الوفاق الوطني في قيرة – محافظة سلفيت، وقائمة حركة «فتح» في مجلس الدوحة - بيت لحم، وكتلة البناء والوفاق الوطني في قرية بني زيد الغربية - محافظة رام الله والبيرة، قائمة النصر في كفر قدوم - محافظة قلقيلية، وقائمة «بيت أولا المستقلة» في مجلس بيت أولا - محافظة الخليل. وهو الأمر الذي يمكن تفسيره في ضوء إقرار المجتمع الفلسطيني بحالات نسائية قوية فرضت نفسها.  
في ترتيب النساء في القوائم، تنافست 777 قائمة على عضوية 391 مجلساً في الضفة الغربية، تم وضع 459 مرشحة في الترتيب الخامس، و139 قائمة وضعتهن في الترتيب الرابع، و137 قائمة في الترتيب الثالث، و28 قائمة في الترتيب الثاني.
بينما في قطاع غزة حيث تنافست 83 قائمة على خمس وعشرين مجلساً، شغلت المرشحات الترتيب الخامس في 54 قائمة، وشغلت الترتيب الرابع في 11 قائمة، و14 قائمة وُضعت في الترتيب الثالث، وسبع قوائم شغلت الترتيب الثاني.
في المقارنة بين المحافظات الشمالية والجنوبية على صعيد ترتيب النساء في القوائم، يتضح من الأرقام أنها تصب لصالح قطاع غزة، على عكس الانطباع السائد والادعاء عن تمايز المحافظات الشمالية. لقد وقفت القوائم في القطاع أمام تحدي تظهير الهوية والحفاظ على المكتسبات ولو بزاوية حادة، راعت عدم المساس بالمصالح الذكورية أو الخروج على الثقافة النمطية السائدة.
الملاحظة الأخيرة، يبدو أن الجميع في الموقع الواحد يسعى نحو التماثل والتشابه في تحديد وضعية المرشحات، ترتيباً وعدداً. بمعنى محاولة إزالة عوامل التمايز الاجتماعية بين القوائم، أو تهميش مساهمتها في توجيه وتحديد الخيارات الانتخابية. ربما سأميل إلى طرقها في توجهاتنا المستقبلية، نحو فكفكة الحصار حول المرشحات وصولاً لتكريس مرجعية المبادئ.