بلقيس الملحم " في المدرسة علمونا +18 "

622_dyn_1436061525
حجم الخط

تقول الكاتبة السعودية بلقيس الملحم:
في المدرسة علمونا:

بأن الذي لا يصلي جماعه في المسجد فهو منافق !
أبي كان واحد منهم .

و بأن شارب الدخان فاسق !
أخي محمد كان واحداً منهم .

و بأن المسبل لـ ثوبه اقتطع لنفسه قطعه من نار !
أخي طارق كان واحداً منهم .

و بأن وجه أمي الجميل فتنه !
لكن لا أحد يشبه أمي .

و بأن اختي مريم التي تطرب لـ عبدالحليم مصبوب الحديد المذاب في اذنها لا محاله !
لقد فاتني أن أقول لهم بأنها أيضا تحبه ، فهل ستحشر معه ؟ أظنهم سيحكمون بذلك .

و بأن جامعتي المختلطة وكراً للدعارة!
رغم أنها علمتني أشرف مهنة و هي الطب .

و بأن صديقتي سلوى التي دعتني لحفلة عيد ميلادها صديقة سوء !

و بأن جارتنا المسيحية نجسة !

و زميلتي الشيعية أكثر خبثاً من اليهود !

و بأن خالي المثقف علماني ملحد يجب ان يقتل !

و بأني أنا ، الساكتة عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر: شريكة كل هذا في الاثم و العقاب !

لكني اكتشفت بأن أبي أطيب مخلوق في العالم ، كان يقبلني كل ليلة قبل أن أنام ، و يترك لي مبلغاً من المال كلما سافر من أجل عمله .

أخي محمد و طارق كانا أيضاً أكبر مما تصورته عنهما , محمد يرأس جمعية خيرية في احدى جامعات استراليا و طارق يعمل متطوعاً في مركز أيتام المدينة كـ مدرب للكارتيه .

أما أختي التي تصغرني بأربع سنوات بعد وفاة أمي حرمت نفسها الزواج من أجلنا.

أمي ! يكفي أنها تلتحف التراب و أبي راض عنها و هي راضية عنه !

جامعتي المختلطة ! كونت لي أسرة سعيدة بـ زواجي من رئيس قسم الجراحة و من خلالها ربيت أطفاله الثلاثه بعد فقد والدتهم .

أما كيف اقضي وقت فراغي؟ فكانت صديقتي سلوى هي المنفذ الوحيد لي ، لقد تعلمنا سويا كيف نغزل الكنزات الصوفية ، و ندهن العلب الفارغه لـ بيعها في مزاد لصالح الأسر المحتاجة . أختي مريم أيضا كانت تدير هذا البزار السنوي.

ماذا عن جارتي؟ أنا لا أتذكر منها سوى دموعها الرقراقة . يومها أنقذتنا من حادث حريق كان سيلتهمني و أخوتي بعد ان أصيبت هي ببعض الحروق .

زميلتي الشيعيه ! هي من أسعفتني أثناء رحله لحديقة الحيوانات . يومها سقطت في بركة قذرة للبط . فلحقت بي و كُسرت ذراعها في الوحل من أجلي .

عمي! هو من بنى مسجدا و سماه باسم جدتي .

وأنا ! لا أزال أسأل: لماذا يعلمونا أن نكره الآخرين ؟!