بات عقد المؤتمر العام السابع لـ"فتح"، أمراً مفروغاً منه، بعد استشعار "فتح" أولاً، بأنه ضرورة للحفاظ على تلك الحركة، وتراثها وتاريخها في آن، كما أن عقده، يأتي في سياق إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، ومؤسسة المجلس الوطني الفلسطيني، ودورها في الحفاظ على شرعية م.ت.ف، ودورها القيادي.
يستشعر المتابع، بأن الحماس والحرص على فتح، أصبح أوضح مما سبق، وبأن محاولة الحفاظ على الحركة ومستقبلها، بات هاجساً يومياً لدى أبناء فتح. تبدو الأمور، وكأن الرضا، عما يجري ترتيبه، بات هو السائد، وبأن لا مشكلة داخلية ستعترض عقده، وفي موعده المحدد... هنالك ملفات كثيرة أمام المؤتمر، منها ما هو سياسي ومنها ما هو تنظيمي، لكن ضرورات عقده، ستحتم على الجميع، القبول بتسويات داخلية، كان من الصعب القيام بها، فيما لو بقيت الأمور عائمة.
الأهم من عقده، على الرغم من الضرورة في عقده، يكمن في قدرة هذا المؤتمر، على قراءة ما آلت إليه فتح، والظروف السلطوية والإقليمية، التي باتت تحيط بها، وبالتالي ستحتم، شكل هذه الحركة، تنظيمياً وسياسياً في المستقبل.
هل ستبقى حركة تحرر وطني عام، أو أن شكل الحزب، وما يقتضيه ذلك من ترتيبات بات أمراً لازماً، للاستمرار في فتح، ولكن بشكل جديد.
لا بد من محاولة لقراءة آفاق المستقبل، مع ما تستلزمه هذه القراءة من إجراءات، قد تطال البنى والأشكال الداخلية، وهذا ما يحتاج إلى قراءات معمّقة ومسؤولة.
لعبت فتح، دوراً محورياً في مجريات الحياة السياسية الفلسطينية، بشكل عام، وشكلت العمود الفقري، الذي كان أقوى من الانشقاقات والخلافات، ومحاولات التدخل العربي والإقليمي، بشكل عام.
لكن مياهاً كثيرة جرت في نهر الوطنية والكيانية الفلسطينية، كان أكثرها قوة وتأثيراً، ما حدث بعد اتفاق أوسلو، وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية، في مناخات الحماس والحمية والحرص على فتح ومن أبنائها، وعلى النحو الذي نشاهده ونقرؤه يومياً، يمكننا القول، إن الأمل لا يزال معقوداً، كي تتجاوز فتح حالة الترهل، وتتمكن من رسم آفاق حركتها المستقبلية في ظل ما نعانيه، ويعانيه الإقليم إجمالاً، من أزمات، غير مسبوقة.
بعد المؤتمر العام لـ"فتح"، سيجري عقد دورة عادية، للمجلس الوطني الفلسطيني، وبالعضوية السابقة. مؤسسة المجلس الوطني، ضعفت وتهشمت، وأصبح من الضرورة، تجديدها وإحياؤها، لكن حالتنا الراهنة، وفي حال عقد المؤتمر العام لـ"فتح"، يصبح عقد هذه الدورة، ضرورة، أيضاً، وعلينا أن نتجاوز اعتبارات، بعضها أساسي، على أن يكون عقدها، لتكريس الشرعية، والحفاظ على الكيان الوطني أولاً، على أن يقوم هذا المجلس، برسم آفاق مرحلة مستقبلية قادمة، تكفل عقد دورة جديدة للمجلس، في غضون عام ـ عامين، من عقد هذه الدورة، وعلى أسس جديدة، يتجاوز بعضها الفصائلية والإنابة الثورية، كي تستطيع فئات الشعب الفلسطيني، وشرائحه المشاركة في مؤسسة المجلس الوطني القادمة.
لا بد من إعادة دراسة وقراءة الأسس والمنطلقات لعقد دورة جديدة، وعلى أسس جديدة، لمجلس وطني فلسطيني قادم، قادر على تمثيل القوى والشرائح الاجتماعية كافة.
دورة ناجحة لمؤتمر عام لـ"فتح"، ستعني عقد دورة ناجحة قادمة لمجلس وطني فلسطيني قادم، قد يكون لنا ملاحظات جوهرية وأساسية، على تشكيله، لكن علينا أن نراه، في حكم الضرورة، حفاظاً على الكيانية السياسية أولاً، وللإفساح في المجال، لوضع أسس جديدة لعقده ثانياً!