نفذت بلديات محافظة رام الله والبيرة عدداً من المشاريع التطويرية لتحسين الخدمات في المدن، واستطاعت البلدية أن تتميز بالمشاريع التي تنفذها وتطبقها في المدينة، نظراً لعدة عوامل أهمها وجود مركز القيادة والسلطة ومقراتها في المدينة، ما يجعلها أهم المدن الفلسطينية ويعطيها الطابع السيادي.
كما تعتبر مركز إلتقاء جميع سكان الضفة الغربية، حيث يرتادها الجميع لإنهاء معاملاتهم الحكومية والخاصة، ما يتطلب من البلدية أن تحمل على عاتقها تطوير الخدمات في المدينة وتحسينها .
مشروع عدادات مواقف السيارات مسبقة الدفع
ومن أكثر المشاريع جدلاً في مدينة رام الله هو مشروع "عدادات مواقف السيارات مسبقة الدفع"، حيث أجرت "وكالة خبر" هذا التقرير لتظهر آراء الناس وانطباعاتهم عن هذا المشروع وآليات تطبيقه والهدف منه وكيفية تعامل موظفي البلدية مع المواطنين.
وكانت بلدية "رام الله" قد أعلنت عن إطلاقها هذا المشروع قبل سنوات، وبدأت بتطبيقه بهدف تنظيم الحالة المرورية في المدينة وتخفيف حالة الازدحام الذي تشهده مدينة رام الله، وقامت إحدى الشركات الخاصة باستئجار مواقف السيارات من البلدية في المناطق الحيوية في المدينة، وركبت عدادات مسبقة الدفع.
ولكن سرعان ما توقف هذا المشروع عن العمل بعد عدة أشهر بقرار حكومي، وذلك بسبب اعتداء من موظفي الشركة التي استأجرت المواقف على أحد المواطنين ورشه بغاز الفلفل السام، هذا المشهد جعل من هؤلاء الموظفين وكأنها "عصابة" تعتدي على المواطنين.
وعاودت بلدية رام الله تأجير شوارع المدينة ومواقفها لشركة خاصة ، مقابل أن تدفع هذه الشركة مبلغ 1000 شيكل تقريبا عن كل عداد سنوياً ، ويقدر عدد مواقف السيارات لهذه الشركة في مدينة رام الله أكثر من 350 عداد .
تكلفة الوقوف .. والإستئجار من البلدية
وتبلغ تعرفة الوقوف شيقلاً واحداً عن كل 30 دقيقة، أي نظرياً نحو 25 شيقل في اليوم، تدفع هذه الشركة الخاصة لبلدية رام الله، والتي تشغل اليوم 386 موقف أقل من 3 شواقل (أجر وقوف ساعة ونصف) عن كل عداد في اليوم (1027 سنوياً) ؟!.
فيما تدفع شركة أخرى 1480 شيقل سنوياً عن كل عداد لبلدية البيرة التي تشغل الآن 120 عداداً ما يعني نحو 4 شيقل (أجر ساعتين وقوف) عن كل عداد في اليوم ما يعني أن أغلب الدخل المتأتي يذهب للشركات.
هل عدادات الدفع المسبق للمواقف ، قانونية ؟
المشاكل والحوادث التي حدثت بسبب هذه الشركات وموظفيها، فتحت باباً من التساؤلات، وحاولت وكالة "خبر" الحصول على إجابات لها، ومن أهم هذه التساؤلات هو مدى قانونية عمل هذه العدادات، وكيفية تعامل موظفي هذه الشركات مع المواطنين؟، وهل يحق لهم احتجاز سيارات المواطنين؟.
وأوضح عدد من القانونيين والمحاميين لوكالة "خبر"، أن القانون يجيز للبلديات تنظيم الحالة المرورية بوضع عدادات لمواقف السيارات بأسعار ومبالغ رمزية الهدف منها تخفيف الإزدحام المروري.
وأكدوا على أنه لا يحق لأي جهة كانت احتجاز سيارة مواطن لم يدفع في العداد، ولا يحق لها أن تجبره على دفع غرامات مالية كبيرة، موضحين أن الشرطة هي الجهة الوحيدة التي تنفذ القانون، وعندما يحرر الشرطي مخالفة لأي سائق، يكون هناك فرصة وحق للاعتراض في المحكمة لهذا السائق، ولا يقوم بدفع المخالفة فورياً، على عكس ما تقوم به شركات العدادات في رام الله وغيرها من المدن.
أحد المواطنين اُضطر لدفع مبلغ قدره (50 شيكلاً) مخالفة ليستطيع تحرير سيارته بعد أن احتجزها موظفو شركة العدادات بسبب تجاوزه الوقت المسموح للوقوف فيه، على الرغم من أنه دفع عدة شواقل في العداد مقابل الوقوف في هذا المكان.
وتساءل مواطن آخر، "ماذا لو لم أكن أحمل مالاً في جيبي؟، هل الهدف جباية المال أم تنظيم الحالة المرورية ؟"، وأضاف "ماذا لو أن هناك طارئاً حدث معي أثناء احتجاز السيارة ؟، فهل يسمح القانون "لعصابة أن تجبي المال من المواطنين بالخاوة بتشريع من بلدية رام الله؟؟.
التعامل السيء لموظفي شركات العدادات
وكالة "خبر" أجرت عدد من المقابلات مع المواطنين وسألتهم عن آرائهم في تعامل موظفي هذه الشركات معهم، حيث عبر غالبيتهم عن استيائهم الشديد من سوء تعامل موظفي العدادات مع المواطنين، وقد وصفهم البعض بأنهم "عصابة تُـدَفِـع الناس المال بالخاوة"، مؤكدين على أن هؤلاء الموظفين يعتدون على المواطن الذي يعترض على احتجاز سيارته، ويجمعون بعضهم من خلال أجهزة الاتصال اللاسلكي الموجودة معهم ، ليرهبون المواطنين، متسائلين أين البلدية والرقابة من تصرفات هؤلاء الشبان؟.
وفي حادثة أخرى موثقة بالفيديو زودنا بها أحد متابعي وكالة "خبر"، أظهرت اعتداء موظفي شركة العدادات برام الله على مواطنة اعترضت على احتجاز سيارتها في الشارع وإجبارها على دفع غرامة مالية بالقوة ، مما يؤكد ما تحدث به المواطنين عن سوء تعامل موظفي هذه الشركات.
مطالبات بالتدخل لوقف الانتهاكات
وطالب المواطنون البلديات ووزارة الحكم المحلي وجهاز الشرطة والمحافظة، بضرورة التدخل لوقف انتهاكات موظفي هذه الشركات، الذي يعتبر انتهاكاً وتعدياً على دور الشرطة.