رجلان يلبسان بناطيل سوداء وقمصانا بيضاء وقبعات وقفا وصورا بالهاتف المحمول، لم يكونا استثناء لولا المكان الذي وقفا فيه: مسار السيارات في حاجز الـ «دي.سي.أو» في بيت إيل في مدخل رام الله الشرقي.
لم يقوما بتصوير المنظر الطبيعي في صباح الاحد، أو مبنى الادارة المدنية خلف التلة، بل صورا السيارات التي تدفقت الى رام الله.
ومع أو دون صلة، بعد ملاحظتهما أن الموقعة أعلاه تقوم بتصويرهما وهما يصوران، تركا الموقع ودخلا سيارة  كانت تقف في الخلف، حيث انتظرهما فيها السائق.
ما الذي يعنيهما بمئات الفلسطينيين الذين يسافرون في الصباح الى عملهم في المدينة؟ ما الذي يعنيهما بالحاجز الذي تم تخفيف شروط العبور فيه الى درجة كبيرة في الاشهر الاخيرة، حيث لم يكن هناك في تلك الساعة جنود؟ المصوران لم يتصرفا بشكل عنيف، لكن الموقف عبر عن مستويات من سيادة البيت والوقاحة. الحاجز نفسه يتكون من مستويات وسنوات من العنف البيروقراطي والعسكري – الذي يقيد حرية حركة الفلسطينيين لصالح المعتدين الاسرائيليين. العنف الذي يمنح الاسرائيليين الارض والحقوق المسلوبة من الفلسطينيين، عنف السيد الذي يدخل الى وريد كل اسرائيلي.
على مسافة بضع عشرات من الكيلومترات من هناك في يوم الاثنين، شاب مع سوالف وقبعة سوداء تحرش بكلب الماني وعدد من نشطاء «تعايش» الذين تابعوا البؤرة الاستيطانية غير القانونية الجديدة التي تمت اقامتها في منطقة الحماه في شمال غور الاردن. ومن شدة الفزع سقطت نشيطة دولية وحيدة كانت قد انضمت الى الجولة على الارض. وتُبين الصور الكلب وهو يُشرف على عض أحد النشطاء (الذي أظهر هدوءا لافتاً). صاحب السوالف أمسك برسن الكلب. إن هذا عنف مسيطر عليه، يتم نحو من هم ليسوا عربا. الكلب، ومسدس ظاهر ومسدسات مخفية، تهديدات وتحرش تسد منذ اسبوعين طريق الرعاة الفلسطينيين من خلة حمد الى المرعى في التلة.
المكان يخزن طبقات عميقة من العنف الاسرائيلي: المستوطنة التي توجد خلف الشارع، محولة، التي بنيت على اراضي خاصة لفلسطينيين، لم يكونوا في الضفة الغربية، لسوء حظهم، عند احتلالها في العام 1967. اصحاب الارض القانونيون تتم تسميتهم غائبين، والمستوطنة لا تعتبر غير قانونية، وبهذا تضاف طبقات التعذيب اللغوي. الشارع هو «طريق غاندي» – على اسم رحبعام زئيفي، الذي شجع الترحيل، والذي ذكراه مقدسة الآن في اسرائيل. في الطرف الغربي من الشارع، توجد البؤرة غير القانونية تلة سلعيت، التي سيطرت على اراضي فلسطينية خاصة وزرعت اشجار النخيل والزيتون. والآن جاء دور البؤرة الجديدة، التي عمرها خمسة أو ستة اسابيع فقط.
تعرف السلطات ذلك. وقد جاء من وحدة منسق شؤون «المناطق» أن هناك أوامر لوقف العمل. وتبين، الخميس الماضي، أن العمل قد توقف. كيف حدث ذلك؟ الموقعة أعلاه شاهدت، الخميس  الماضي،كيف أن البناء يتوسع باتجاه الأعلى، نحو التلة. وايضا بعد اقامة البؤرة بوقت قصير جاءت قوات الادارة المدنية وهدمت حظائر الرعاة الفلسطينيين، الامر الذي يسمى عملية بقوات متعددة. الانكار الذي يهدف الى تشويش التعاون القوي لتجاوز القانون من قبل السلطات والافراد – هو طبقة اخرى من العنف المؤسساتي.
نشطاء «تعايش» قاموا بتوثيق ما يحدث في بؤرة محولة الاستيطانية، واصحاب البؤرة قاموا باستدعاء الشرطة التي جاءت على الفور. بماذا يختلف النشيطان عن المصورين الاسرائيليين في الحاجز في مدخل رام الله؟ الاخيران هما جزء من نسيج العنف الاسرائيلي، و»تعايش» تحاول قطع خيوط هذا العنف.