موسكو في دور «الضلع الثالث» أو «السيبة»؟

حسن البطل
حجم الخط

لو كنت محرراً لا كاتباً في جريدتي، لدمجت خبرين وردا في الصفحة الأولى من "أيام" السبت: نائب وزير الخارجية الروسي زار إسرائيل؛ ورئيس الحكومة الروسية سيزور إسرائيل وفلسطين يومي 10 و11 من الشهر المقبل.
هل حلّت موسكو في دور "الوسيط النزيه" بدلاً من واشنطن، أو أنها ستشكل معها ومع باريس الضلع الثالث في مثلث ثلاثي الأشكال الهندسية، أو القائمة الثالثة في "سيبة" الحل الدولي للمسألة الفلسطينية ـ الإسرائيلية؟
في عزّ مرحلة إمبراطورية بريطانيا لا تغرب الشمس عن ممتلكاتها، قال وزير بريطاني: لا صداقات دائمة؛ لا عداوات دائمة.. بل مصالح دائمة. بعد انهيار إمبراطورية سوفياتية سيطرت على نصف أوروبا، دعا غورباتشوف إلى توازن مصالح في العلاقات الدولية.
في إعلان الحكومة الروسية برنامج زيارة رئيسها، ديمتري مدفيديف، إلى إسرائيل وفلسطين أنها ستتركز على تطوير العلاقات الثنائية مع إسرائيل؛ وتنفيذ الاتفاقات الثنائية مع فلسطين.
في آذار العام 2016 حضر وزراء فلسطينيون وروس اجتماعاً حكومياً مشتركاً للتعاون التجاري والاقتصادي، كما تفعل حكومة فلسطين وإسرائيل مع حكومات دول أخرى كألمانيا مثلاً وفرنسا.
حالياً، تشكل الجالية اليهودية الروسية في إسرائيل أقل من خمس سكانها ولروسيا أن تقول ما قاله ملك المغرب، الحسن الثاني، إن اليهود المغاربة في إسرائيل هم "رعاياي"؟!
منذ سنوات، تحاول إسرائيل، وكذا روسيا، إقامة توازن مصالح في العلاقات الثنائية، خاصة منذ حقبة مدفيديف ـ بوتين، اللذين تبادلا المواقع؛ ومنذ الولاية الثالثة لنتنياهو، الذي يحاول موازنة علاقاته مع موسكو مع علاقات استراتيجية مع واشنطن، خاصة في ولايتي اوباما، وخطابيه في إسطنبول والقاهرة حول المسألة الفلسطينية ـ الإسرائيلية.
توقيت الزيارتين الروسيتين كأنه مقصود لتليا إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية يوم 8 الشهر المقبل.
اعتباراً من هذه النتائج، سيبدأ العد العكسي لمشروع قرار إلى مجلس الأمن حول الاستيطان اليهودي، ستقدمه فرنسا، بعد مؤتمرها الدولي.
إسرائيل تخشى أن تدعم واشنطن القرار الفرنسي، أو تمتنع عن نقضه، أو يلقي اوباما، بعد الانتخابات، أو قبل تسلم الرئيس الجديد مهامه في 20 كانون الثاني، "وصية الوداع" حول موقف أميركي أوضح من تنفيذ "الحل بدولتين".
في المؤتمر التمهيدي الدولي بباريس، الذي عقد في حزيران الماضي، لم توجه دعوة لإسرائيل وفلسطين، لأن الأولى عارضت والثانية وافقت. لكن، في مؤتمر مقرر نهاية هذا العام، يفترض أن تشارك الدولتان فيه.
ترى موسكو، التي تدعم مؤتمر باريس، أن قمة ثلاثية في موسكو بمشاركة عباس ونتنياهو يجب أن تسبق أو تمهد لمؤتمر باريس الدولي، علماً أن فلسطين وافقت وإسرائيل تلكّأت وطلبت التأجيل.
كما تنتظر فلسطين وفرنسا "الوقت المناسب" لمشروع قرار من مجلس الأمن، بناء على نتائج المؤتمر الدولي، كذلك موسكو غير مستعجلة لقمة ثلاثية وتنتظر "الوقت المناسب"، أي أن استئناف الحوار المباشر، المقطوع منذ 2009 يجب أن يتم تحضيراً للمؤتمر الدولي.
احتكرت أميركا دور الوسيط، خاصة بعد رعايتها توقيع اتفاقية أوسلو، وحتى في سنوات سبقتها، وهي تقود "رباعية مدريد" عملياً، والدولة الوحيدة التي تحمي إسرائيل من العزلة الدولية بمظلة "الفيتو".
المشروع الفرنسي هو مشروع أوروبي (الاتحاد الأوروبي) بعد تشذيبه من التهديد الفرنسي بالاعتراف بدولة فلسطين، تم تشذيبه بحيث يصعب على واشنطن نقضه أمام مجلس الأمن.
عندما تحدث اوباما عن الموضوع الفلسطيني في جنازة بيريس، قال صحافي إسرائيلي: إن إسرائيل وضعت إبهاميها في أذنيها وحركت أصابعها دلالة على الاستخفاف، بل ومدّت لسانها، أيضاً!
هل سينجح بوتين فيما فشل فيه كيري وهولاند بعقد قمة فلسطينية ـ إسرائيلية، ولو كانت لكسر الجمود والتقاط صور، خلاف قمتي كامب ديفيد المصرية ـ الإسرائيلية الناجحة، والفلسطينية ـ الإسرائيلية الفاشلة، أو في الأقل توافق إسرائيل على حضور مؤتمر باريس الدولي.
كيف ستتوافق موسكو وباريس وواشنطن (أضلاع المثلث) على حل في فلسطين، بينما هي مختلفة عسكرياً وسياسياً في سورية، وبينما تنسق روسيا وإسرائيل عسكرياً في سورية أكثر من التنسيق الروسي ـ الأميركي العسكري والسياسي، أيضاً.
من الصعب أن يرسم الضلع الروسي الثالث في المثلث شكل مثلث متساوي الأضلاع وبزوايا متساوية لتفاوت ميزان علاقات المصالح الروسية والفرنسية والأميركية بخاصة مع طرفي الصراع.
بالتالي، فإن "سيبة" الحل من ثلاث قوائم لن تكون "راكزة" لأن الحل في فلسطين جزء من الحل في سورية، وبالتالي في الشرق الأوسط، وإن رأى البعض خلاف هذا.
مع هذا، فإن حركة موسكو وباريس وواشنطن بعد الانتخابات هي اكثر قليلاً من "جعجعة بلا طحين" لأن الحل دولي في فلسطين، والصراع دولي في سورية وعليها وعلى المصالح المتضاربة في الشرق الأوسط.. والعالم!

قلق في بلاد "الساموراي"
عن روايته "الجميلات النائمات" فاز باسوناري كاواباتا بجائزة نوبل في العام 1968 كأول أديب ياباني، ولم تنجح رواية غابرييل غارسيا ماركيز، فائز آخر بنوبل في النسج على منوالها.
لا مقارنة للرواية مع "ألف ليلة وليلة" أو "لوليتا" للروسي نابوكوف في هذا النوع من الأدب الجنسي، لكن ما يقلق شعب الساموراي "كا غيموشا" هو عزوف متزايد لليابانيين، ذكوراً وإناثاً، عن الزواج وحتى عن الجنس، ولوجود نسبة كبيرة من الجنسين عازفة عنهما.
مع تزايد العزباوات العوانس في اليابان، فإن إحصائية منذرة تقول: قد ينقرض شعب الساموراي خلال قرن، لأن المسنين من أعمار 75 سنة أكثر من الأطفال دون سن الـ15.
مع 1.48 مولود لكل زوجين في اليابان، فإن هذه البلاد فيها 1.38 من الأجانب، لأنها اختارت نقل مصانعها إلى دول الجوار، عكس استيراد أوروبا للأيدي العاملة.
دول أخرى، مثل تركيا تشجع المواطنين على الزواج والإنجاب مع مكافآت أعلى لكل طفل ثان وثالث، وكذلك تفعل إسرائيل، وخاصة اليهود المتدينين فيها.
دول العالم تنقسم بين غنية وفقيرة، متقدمة ومتخلفة، وأيضاً بين شعوب شائخة وشعوب فتية، تحتاج الأولى مصلاً في عروقها من الثانية.