وحدة الاستيطان.. "مافيا" تسرق الأراضي الفلسطينية

20152004220609
حجم الخط

ينتظم عمال كثيرون في العالم من أجل أماكن عملهم. اليابانيون يجدون صعوبة في استنفاد باقي أيام عطلهم بسبب زيادة التماهي مع مشغليهم، وفي الصين والهند فان بلدانا كثيرة مستعبدة من قبل منظمات ضخمة. مقابل ذلك عدد المستأجَرين الذين يهب مكان عملهم للدفاع عن مصالحهم أقل من ذلك بكثير.
واحد من اولئك المحظوظين هو من سكان مستوطنة عوفرا، المحامي اريئيل ارليخ، العامل في «منتدى كوهيلت»، وهي رابطة تعمل على دمج «المكانة الدائمة لاسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، وتعزيز الديمقراطية الاسرائيلية، ودعم حرية الفرد وتشجيع تطبيق مبادئ السوق الحرة في إسرائيل».
وقّع ارليخ مع عضو آخر من المنتدى على رأي مضاد لذلك الرأي الذي صاغته مساعدة المستشار القانوني للحكومة، دينا زلبر، في شباط الماضي، الذي استنتج أن الدعم المباشر لوحدة الاستيطان – التي هي بالصدفة أو بغير الصدفة، المقاول الفرعي الاساسي لحكومات اسرائيل في دعم مشروع الاستيطان – يجب أن يتوقف فوراً.
وثيقة منتدى كوهيلت تتحدى استنتاجات زلبر، ويقرر أن «ليس من غير الشرعي مبدئيا أن تقوم الدولة باستخدام صلاحياتها وتنفذ سياساتها بوساطة اجسام غير حكومية طالما أن هذه خاضعة للمعايير المقبولة وللمراقبة والاشراف».
ونظرا لأن الكلمات الجميلة (مراقبة واشراف) مذكورة في البند الاول من الوثيقة فمن الجدير بالذكر أن وحدة الاستيطان بدعم سياسي من اليمين تقوم بذلك (سواء قانونيا أو سياسيا) من اجل افشال محاولات الانصياع لقانون حرية المعرفة، الذي يسري على كل جسم مراقب، تعتمد ميزانيته على اموال دافعي الضرائب. إن السبب لرفض الوحدة لوضع نفسها تحت هذا القانون واضح تماما. وسيعتبر تفصيله استخفافاً بذكاء القارئ.
المشكلة مع وحدة الاستيطان ليس فقط إدارتها المتحايلة، ولكن ايضا أساليب العمل التي تستخدمها عن سبق اصرار، والتي تنهل من اعماق العالم الجنائي. وهنا سنرجع الى الحظ الفريد لـ ارليخ الذي يسكن في مستوطنة معظم منازلها – ويوجد المئات منها – مبنية على اراضي خاصة سرقت من سكان القرى الفلسطينية المجاورة: من اجل خلق مستند مزور للشرعية حول سرقة الارض بالجملة تطوعت وحدة الاستيطان ووقعت على ما يشبه «اتفاقيات تأجير»، مع المستوطنين في الموقع. في هذه الاتفاقيات تطرح الوحدة نفسها وكأنها تملك حقوقا على الارض بقوة الاتفاق الذي لديها مع الادارة المدنية. المشكلة الصغيرة هي أن معظم الاراضي التي «استأجرتها» وحدة المستوطنين في الموقع لم ينقلوا اليها في أي يوم من الايام أو للدولة،  حيث يدور الحديث عن ممتلكات شخصية للفلسطينيين.
وحدة الاستيطان لهذا ليس فقط كان من الواجب منذ زمن أن يتم تجريدها من صلاحياتها ومن ميزانيتها، ولكن في كل دولة قانون الاشخاص المرتبطون بتصرف كهذا والذين أوجدوا لهذه الوحدة ميزانيات تطوير ذاتي وقوة مؤسسية فاسدة، كانوا سيقضون وقتهم في سجن الرملة بدلا من اللعب بميزانيات تبلغ مئات الملايين من الشواكل في السنة.
في عالم البحث من المعتاد أن الشخص الذي يكتب وثيقة من شأنها أن تكون مهنية حول موضوع يوجد له علاقة شخصية معه، يبين بصورة واضحة علاقاته الشخصية. ولكن الفحص الدقيق برأي «ارليخ» يقود الى الاستنتاج بأن قواعد الشرف الاساسية هذه لا تسري كما يبدو على اعضاء منتدى «كوهيلت». مع ذلك النقطة الاساسية هنا ليست عالمهم الاخلاقي المشكوك فيه لـ ارليخ ومدراؤه في «كوهيلت»، ولا حتى النقاش حول مسألة هل بعد حوالي سبعين سنة وصلت دولة اسرائيل الى مرحلة تستطيع فيها أن تعمل بميزانية وسياسة واضحة ومكشوفة، أم أنه لم ينقض بعد زمن المنظمات السرية والمخابئ السرية وبطاقات الحماية والأجسام التي تسوي الأمور، التي تعمل بطرق ملتوية ومشكوك فيها؟.
النقطة المركزية التي يجب فهمها هي أن المستوطنين مثلهم مثل جهاز الامن الذي يصارع على التقاعدات الفاسدة لمن يتركونه أو لشركة الكهرباء التي تقاتل من اجل الامتيازات المبالغ فيها لعمالها الذين يتحكمون بالازرار، ولا يفكرون بوجود خطأ في الامتياز الضخم هذا، وبالتأكيد لا ينوون التنازل عنه.
إن هذا المنتدى الذي أخذ على نفسه المهمة الثقيلة «دعم وتطبيق مبادئ السوق الحرة في اسرائيل» سيهتم بمواصلة أن تبقى في يديه وسائل النضال من أجل ذلك.

عن «هآرتس»