صمت نتنياهو يؤسس لاغتيال جديد في إسرائيل

20160811083620
حجم الخط

كان ميدان رابين مليئاً بشكل تام، مساء السبت، ليس بفضل كاريزما رئيس المعارضة، اسحق هرتسوغ. فرئيس الائتلاف، دافيد بيتان، هو الذي قام بخدمة المعارضة من خلال تصريحه الاستفزازي حينما قال إن «قتل رابين لم يكن قتلاً سياسياً».
غضب عشرات الآلاف، الذين جاءوا الى الميدان، من اقواله، وجاءوا للاثبات أن تكتيك دونالد ترامب – الذي يحوّل الكذب حقيقة إذا تم تكراره مرتين – لن ينجح في اسرائيل.
لماذا، اذاً، نحتج على المبعوث؟ الصوت هو صوت راعي بيتان – رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو.
إن صمت نتنياهو حيال اقوال بيتان هو محاولة لاعادة صياغة التاريخ وتطهير نتنياهو من المسؤولية الشخصية عن قتل اسحق رابين.  نعم، نتنياهو هو المسؤول عن قتل رابين؛ لأنه سمح للتحريض بالتفاقم دون كبحه، وبذلك منحه الشرعية الى أن خرج عن السيطرة.
إن قتل رابين هو بالتأكيد قتل سياسي. لأن رابين قتل بسبب مواقفه السياسية على يد رجل من اليمين المتطرف الذي عارضه سياسيا. لذلك فان السياسي الذي كان على رأس المعسكر الذي خرج منه القاتل يتحمل المسؤولية عن ذلك. يجب الانتباه: المسؤولية وليس التهمة. فلا أحد يشتبه بنتنياهو أنه أراد التحريض على قتل رابين أو خطر بباله أن التحريض في الشوارع ضد «اوسلو» وضد رئيس الحكومة، الذي قاد هذه العملية، سيؤدي الى القتل. لم يحلم نتنياهو بامكانية حدوث قتل سياسي، لذلك هو ليس متهما، لكنه مسؤول لأن الزعيم في الدولة الديمقراطية مسؤول عن اجراء النقاش الديمقراطي، وهذه المسؤولية تشمل كبح الانفعال ومنع التحريض ووأد الكراهية وهي في مهدها.
لم يفعل نتنياهو أي شيء من ذلك قبل قتل رابين. والأمر المزعزع هو أنه لا يفعل أي شيء الآن ايضا، بل العكس؛ صمته على اقوال بيتان هو محاولة لتنظيف نفسه من المسؤولية عن صمته في حينه، واعطاء شرعية جديدة للتحريض. لأنه إذا لم يكن قتل رابين قتلا سياسيا، فان التحريض السياسي ليس هو سبب القتل، لذلك من المشروع العودة والتحريض. يمكن العودة وسفك دماء الصحافيين والقضاة والسياسيين واليساريين؛ لأنه ليس هناك ثمن للتحريض. الحقيقة هي أن التحريض ينتهي بالقتل السياسي، والمحرضون ليسوا مسؤولين. صمت نتنياهو على اقوال بيتان، وعلى خلفية وسم اليسار كخائن محظور عليهم العمل كصحافيين يثبت أنه لم يتعلم أي شيء من قتل رابين. وايضاً ليست لديه النية ليتعلم. الدرس الوحيد الذي تعلمه نتنياهو من انكسار الديمقراطية الاسرائيلية، الذي كان له دور اساسي فيه، هو أنه يمكن نسيان الانكسار ودروسه اذا استمر الكذب لفترة من الوقت. الكذب هو الحقيقة الجديدة، ونتنياهو هو فارس الاكاذيب الحالي لإسرائيل. بعد قتل رابين بـ 21 سنة وبعد 83 سنة على قتل حاييم ارلوزوروف – الذي هو ايضا سبقه تحريض من قبل اليمين المتطرف ولم يخرج أحد في حينه من اليمين كي يمنع التحريض ويوقف القتل ولم يتحمل أحد المسؤولية بعد ذلك – فان المسؤولين عن منع القتل السياسي التالي يتنصلون من المسؤولية بلامبالاة وتهكم. من هنا فان القتل السياسي التالي في دولة اسرائيل ليس إلا مسألة وقت.