بالصور: "فايزة" قصة حقيقية لامرأة عايشت فصول المعاناة والحرمان

بالصور: "فايزة" قصة حقيقية لامرأة عايشت فصول المعاناة والحرمان
حجم الخط

غزة - خاص وكالة خبر- محمود غانم

ليست ضرباً من الخيال أو نسجاً لقصة غير واقعية، بل هي فصول رواية لأم مزجت ملامحها بمعاني الألم والمعاناة، جراء معايشتها لحياة مؤلمة تروي تفاصيلها بكل حسرة ومرارة، ولسان حالها يقول تذوقت المرارة والحرمان وتجرعت البؤس، فما أن ينتهي أحد فصول معاناتها، إلا ويبدأ فصل جديد عنوانه التحدي والصمود.

جدران منزلها المتهالكة تشهد على حياة الأم "فايزة" التي تجرعت آلام الحياة وقسوتها، في بدايات حياة زوجية لم تكن سعيدة بالمطلق، حينما تزوجت من ابن عمها الذي يعمل نجاراً، وهي في مقتبل العمر، وبفارق كبير في العمر ما بينها وبين زوجها.

 وقالت فايزة خلال حديثها لمراسل وكالة "خبر": "إنها عاشت بداية حياتها في منزل العائلة الذي يضم معظم أفرادها، مضيفةً: "أدركت أن فصل المعاناة بدأ من هنا، عندما كنت أعتني في تربية أولاد زوجي الستة بعد وفاة والدتهم، فكنت أنا المسؤولة عن تربيتهم".

وتابعت: "لم يقتصر شريط المعاناة هنا، فسرعان ما اصطدمت بطريق مسدود، عندما حرمت من الإنجاب لأكثر من "17" عاماً، فحينها شعرت بأنني فقدت الحياة ومشاعر الأمومة، وعادت لي لحظات الندم أنني تزوجت في سن مبكر، وطرقت كافة السبل سعياً للإنجاب وجميعها باءت بالفشل، إلا أنني أدركت أنها إرادة الله".

وأردفت فايزة، "لم أمكث قليلاً من صدمتي الثانية وهي حرماني من الإنجاب، حتى وجدت طفلة على عتبة منزلي في عام  1985 بلا مأوى أوملجأ"، وقالت الطفلة لي: "أبحث عن أمي وأبي"، فصمت لوقت قليل ولم أتمالك مشاعري واصطحبتها إلى منزلي، وحينها كانت الصدمة الكبرى برفض العائلة وعدم تقبلها لفكرة تبني الطفلة، إلا أن زوجي ومن نابع حُسن تربيتي لأولاده، تغلب على ضغوط العائلة، وقبِل أن أقوم بتربية الطفلة في المنزل بصحبة أولاده.

وتابعت، "قمت بتربيتها لأكثر من "19"عاماً حتى شعرت بأنها ابنتي بحق، وحينها أدركت أنني أعطيتها حنان الأم بقولها لي "يا ماما"، حيث وهبتني شعور الأمومة لحظة وجودها في حياتي، مضيفةً أنها ذهبت إلى المحكمة وطلبت تسميتها "هبة" تيمناً من الله على صبرها وحرمانها من الإنجاب.

وقالت فايزة، إن الطفلة هبة جاءت وعادت لي الحياة ومعاني البهجة والسرور من جديد، عندما شاء قدر الله وبعد تسع سنوات من تربية الطفلة "هبة"، أن يرزقني بمولود جديد سميته محمد بعد حرمان من الإنجاب دام "17" عاماً، مشيرةً إلى أنها لم تتمالك أعصابها وأن دموع الفرح غلبت عليها في ذلك الوقت. 

وعن الفصل الرابع من حياتها المآساوية، قالت: " إن والدي انتابه شعور بتأنيب الضمير من زواجي بابن عمي، وضيق العيش والحال التي كنت أعيشه، فقرر منحي بيتاً لا تتجاوز مساحته الـ""200 متراً، وذلك كإرث لي من ماله وملكه لكي أقطن فيه أنا وزوجي وأولاده، ولكن سرعان ما كنت ضحية لظلم وفريسة اخواني، عندما طردوني من منزلي وأخذوا البيت بالقوة، وحينها طرقت أبواب المحاكم لاسترجاع حقي، ولكن لعنة الفقر لم تسعفني في إكمال القضية والمتابعة مع المحامي، لإنصافي في أخذ حقي من ورثة والدي الذي كان بمثابة ذكرى جميلة منه، والذي تمنى يوماً من الأيام أن أعيش في أمان واستقرار، ولسان حالها يقول "لن أسامحهم في حياتي".

وأضافت، "طرقت كل الأبواب والسبل في البحث عن بيت نعيش به أنا وزوجي وأولاده بالإيجار، في حين كان زوجي عاطلاً عن العمل ويعاني من أزمة قلبية حادة، وتجاعيد وجهه تعكس عمره السبعيني، وجدران منزل متهالكة جدرانه ولا يصلح للعيش الآدمي، علاوةً على مساحة المنزل الضيقة التي تأوي ثلاثة أسر، يعيش في كل غرفة أسرة، وكانت شدة الحرارة تأكل جسدنا في الصيف، وتنخر أعظامنا في الشتاء نظراً لشدة البرودة. 

وتروي "فايزة" فاجعتها الكبرى التي عايشتها ضمن فصول معاناتها، حينما تفاجأت بأن ابنها "محمد" تبين بعد فحوصات قام بإجراءها أنه يعاني من مرض في العظم ما يسمى "بالرومتيزم"، ولكن مشيئة الله قدرت أن يتماثل للشفاء من هذا المرض"، وتضيف "جاءت بعد ذلك الفاجعة الجديدة، دون أن تتمالك "فايزة" دموعها حين علمها بأن نجلها محمد يعاني من مرض تصلب في العمود الفقري، الأمر الذي أفقده القدرة على الحركة أوالمشي، ليس ذلك فحسب بل أن الصدمة كانت تكتفي في صعوبة الحصول على الدواء، نظراً لارتفاع ثمنه.

وتسرد فايزة فصول روايتها قائلة: "سافرت بابني محمد إلى مصر 3 أعوام، ولكن كانت النتيجة بلا فائدة وبقي يعاني من المرض"، وقدم لي الطبيب نصيحة أن أقوم بتزوجيه سريعاً حتى ينسى آلامه ومرضه، ولكن الفقر وضيق حال زوجي حال دون تحقيق ذلك، وطرقت كل أبواب الخير كي يساعدوني ولو بمبلغ بسيط من المال، لإكمال احتياجات وتكاليف الزواج لابني وزواجه من بنت عمه بمهر بسيط دون تكلفة عالية".

وتابعت فايزة، "بدأت أستعيد الأمل مجدداً عندما اكتملت فرحة ابنها المريض محمد بزواجه من بنت عمه عام 2014"، ولكنها سرعان ما تفاجأت بصدمة أخرى عندما أخبرني الطبيب أن "محمد" يحتاج كل 5 أشهر لعلاج في الخارج، الأمر الذي عجزت عن توفيره نظراً لثمنه الباهض، وعدم توفيره في مستشفيات قطاع غزة، الأمر الذى أدى به في بعض الأيام إلى استخدام العكاز، ليتمكن من المشي والحركة".

وتبقى حكاية الأم "فايزة" ومعاناتها قائمة، ويشهد على ذلك تجاعيد وجهها الحزينة، لترسم "فايزة" نموذجاً من الصبر والتضحية، لغيرها من القصص الإنسانية في قطاع غزة التي يعاني أهلها من ظروف صعبة وفقر شديد.

وأنهت فايزة حكايتها المريرة قائلةً: "أتمنى من يقرأ قصتي أن يتعاطف معي لأنني عانيت كثيراً في حياتي، داعيةً أصحاب القلوب الرحيمة إلى توفير منزل بسيط يحميها من شدة الحرارة والبرد والحشرات الطائرة، وتوفير علاج لابنها، ليعيش حياة مع زوجته وفرصة عمل تسد احتياجاته".



11

10

9

8

7



11

6

5

4

3

1

z

c

x

v

n




22