ما أصعبَ أنْ تحبّ امرأةً كاتبة دائمة التذمر تعيش بين كتبها وفوضاىها، هكذا كان يقول ذاك الكاتب المولع بامرأة يحبّ فيها كل شيء، إلا التذمر، فهي ما زالت لم تدرْ بأنَّ ذاك الكاتب المشهور واقعٌ في حُبّها، وقال في ذاتهبينما كان يجلس في بيته: في روايتي التي على وشك الإنتهاء من كتابةِ الصفحات الأخيرة منها ألمّح فيها بأنني أغرمتُ بها رغم كل نكدها المختلف، وذات مساء مكفهر أتته بعدما شعرتْ بضجرٍ غير عادي واشتكتْ له همّها على مدخل المنزل العاديّ، وبدأتْ تقصُّ عليه ما حدثَ معها قبل أيامٍ، وقالتْ له: حصل معي قصة أيها الصديق أتدري بأنّ أحداً جاءَ ليخطبني، لكنني قلت له: لا أريدُ الزواج بعد هذا العمر، فكيف لي أنْ أتزوجَ رجلاً لا أُحبّه لا وأعرف كيف يفكر، فابتسمَ ذاك الكاتب، وقالَ لها: هدّئي من روعكِ، فأنا أرى بأنَّكِ جئت مضطربةٌ، فتعالي نسيرُ صوب الوادي، لكيْ تفضفضي عنْ حالكِ وهمومكِ، وخرجا سويةً من صالون منزله وسارا في طريقٍ ترابية، وبينما كانا يخطوان بدا الانزعاجُ على وجه تلك الكاتبة جلياً، وقالتْ له: لقد تعوّدتُ العيشَ بمفردي بين كتبي وقصصي وأوراقي المبعثرة وفوضاي الرائعة، فلا أدري كيفَ سأعيشُ مع رجلٍ لا أعرفُ عنه شيئاً، ولمْ أقع في حُبّه البتّة، فهزَّ رأسَه الكاتب وقالَ لها: صدقتِ فالزّواجُ بلا حُبٍّ إنّما هو ضرب من الجنون، وبعدما تعبا من السّيْر استراحا على صخرةٍ ملساء، ودخّنا سيجارتيْن، وعادا في ذات الطّريق، وعندما وصلتْ الكاتبةُ إلى بيتها قامَ ذاك الكاتب بتوديعِها، وقالَ لها: كوني هادئةً ولا تقلقي، فقالتْ له: أتدري في سيْري معكَ أشعرُ براحةٍ غريبة، وقبل أنْ تدخلَ إلى بيتِها سألته ما هي روايتك الأخيرة، التي تكتبها الآن؟ فردّ عليها حينما سأنتهي من كتابتِها سأعطيكِ نسخةً منها، لكي تقرأيها، فبتسمتْ له ولوحّت له بيدها، ودخلتْ إلى منزلها، وخطتْ نحو حُجرتها وقالتْ بدا لي من نظراتِ عيني ذاك الكاتب بأنّه يميلُ لي، لكنّه ما زال خجلا في إعلانه عن ذاك الميل أما ذاك الكاتب فعادَ إلى بيتِه وجلسَ في غُرفته، وأخذ يكتبُ ما تبقّى مِنْ روايتِه والتي كانَ عنوانها وقوعٌ بطيء في حُبّ كاتبة، وقالَ في ذاته عندما ستقرأُ تلك الكاتبة المهمومة ستدركُ بأنَّني ألمح لهاعَنْ حُبّي لها، وحينها ستسرّ، لكنني كيف سأغيّر من تذمرها..
عائلة حرز عطا الله بغزة تجري انتخاباتها الداخلية
15 سبتمبر 2023