اصدرت مجموعة من الخبراء العرب المشاركين في مؤتمر "الاسكوا" حول سبل تعزيز الابتكار من اجل التنمية المستدامة الشاملة في المنطقة العربية بعنوان "تحفيز التعاون وجسر الفجوات"، الذي عقد في العاصمة اللبنانية مطلع الشهر الحالي.
وجاء بمشاركة المجلس الاعلى للإبداع والتميز ممثلا عن دولة فلسطين العديد من التوصيات للمنظمات الدولية والاقليمية والحكومات ومؤسسات البحث العلمي والمؤسسات التعليمية والقطاع الخاص.
ودعا الخبراء الحكومات إطلاق مبادرات عربية خاصة بالابتكار من أجل تحقيق التنمية المستدامة، والتنسيق بين لجان الأمم المتحدة الاقليمية وغيرها من المنظمات الإقليمية والدولية لتعزيز الابتكار والاسهام في تحقيق خطة التنمية المستدامة 2030، ووضع إطار لمؤشرات قياس الابتكار وطنياً وإقليمياً وتشجيع الحكومات العربية على جمع ونشر وتحليل البيانات والمعلومات الخاصة بالابتكار بشكل دوري وخاصة تلك المتعلقة بمخرجات الابتكار وأثره.
وحث الخبراء الحكومات العربية على وضع واعتماد استراتيجيات وطنية عامة للابتكار من أجل الاسهام في عملية التنمية المستدامة الشاملة للجميع تأخذ في الحسبان الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، وتهتم بالقيمة الانسانية وتفاعل الانسان مع البيئة المحيطة، وتكون متلائمة ومتكاملة مع الخطط والاستراتيجيات الوطنية للتنمية ومع الواقع المحلي، وتفعيل وتنفيذ استراتيجيات الابتكار عبر وضع خطط عمل لتنفيذها ومراقبة سير العمل ووضع آليات لتقييم التنفيذ، والتعاون والتنسيق من أجل تطبيق وتنفيذ الاستراتيجية العربية للبحث العلمي والتقني والابتكار، وتعزيز التكامل والتعاون بين البلدان العربية في مجال سياسات العلم والتكنولوجيا والابتكار، وتفعيل دور المؤسسات الإقليمية المعنية بالعلم والتكنولوجيا والابتكار.
وأكدوا على أهمية الاستقرار الأمني والسياسي من أجل بناء بيئة محفزة للابتكار في العالم العربي، ضرورة تطوير الإطار التشريعي والإجرائي للملكية الفكرية في المنطقة العربية نظراً لدورها في تحفيز الابتكار، وتعديل القوانين والسياسات المتعلقة بقطاع الأعمال كالقوانين الاستثمارية والإجراءات الضريبية لتصبح عاملاً محفزاً لتشجيع القطاع الخاص على البحث والتطوير والابتكار.
وحول تعزيز الابتكار من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، دعا الخبراء العرب الى إعداد دراسات حول دور الابتكار في تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستويين الوطني والإقليمي بحيث تأخذ بالاعتبار أولويات المنطقة، وربط هذه الدراسات مع الخطط الوطنية للتنمية، وخطط السياسات الخارجية، وتخصيص الموارد المالية والبشرية لتحويل المعرفة إلى ثروة وليس فقط تحويل الثروة إلى معرفة، وإنشاء صناديق وطنية وعربية خاصة بالابتكار وتحسين الاستفادة من التمويل المقدم من الجامعات ومراكز الابحاث الوطنية، ودعم التوجه نحو الانفتاح ونحو الابتكار المفتوح وتوفير مستلزماته مثل قوانين حماية الملكية الفكرية، وإيجاد حلول لهجرة الأدمغة عن طريق اقتراح مبادرات للتعاون مع المغتربين والاستفادة من خبرتهم في مجال العلم والتكنولوجيا والابتكار.
وضمن التوصيات الخاصة بمؤسسات البحث العلمي والمؤسسات التعليمية، دعا الخبراء العرب الى زيادة الإنفاق على البحث والتطوير نظراً لأهميتهما لتحقيق خطة التنمية المستدامة 2030 ولأهميتهما لتطوير الابتكار، والتركيز على الارتقاء بنوعية التعليم لبناء القدرات في المجالات الابتكارية وتنمية الفكر النقدي، الأمر الذي يتطلب تطوير النظام التعليمي، والتعليم المهني والتقني، واستخدام التكنولوجيا من أجل دعم العملية التعليمية، وإعادة النظر في الرؤيا والرسالة في المؤسسات التعليمية لإدراج الابتكار كعنصر أساسي فيها، وتشجيع هذه المؤسسات على إدخال مناهج خاصة بريادة الاعمال في برامجها، وتشجيع الاستفادة من الدورات التعليمية والبرامج المفتوحة "MOOC" المتواجدة على الإنترنت والعمل على تطوير هذه النوع من الدورات باللغة العربية، والسعي لتوفير مؤسسات لاعتمادية البرامج الأكاديمية على المستوى العربي.
كما أوصى الخبراء العرب مؤسسات القطاع الخاص بالعمل على صياغة استراتيجية خاصة بالاقتصاد الرقمي تعزز الدور الهام للتكنولوجيات الرقمية للتحول نحو الاقتصاد الرقمي؛ وتحفيز مؤسسات القطاع الخاص على القيام بأنشطة خاصة بالبحث والتطوير والابتكار وتمويلها للحفاظ على التنافسية المحلية والإقليمية والعالمية؛ والتركيز على التطوير لتحويل مخرجات البحث العلمي إلى منتجات تجارية قابلة للتسويق، الأمر الذي يتطلب تطوير تقنيات الإنتاج، وخطوط الإنتاج واعتماد نماذج مثل "النمذجة" الأولية السريعة والتسويق، وتعزيز قدرة استيعاب التكنولوجيات الحديثة واستخداماتها المتعددة لدى قطاع الاعمال وتحفيز التعاون بين القطاع الخاص في المنطقة العربية والقطاع الخاص العالمي من أجل نقل التكنولوجيات الحديثة وملاءمتها مع احتياجات المنطقة العربية.
كما دعوا الى تعزيز الربط بين مكونات منظومة الابتكار الوطنية، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص في تعزيز الابتكار، ودعم المؤسسات الداعمة للابتكار مثل الحاضنات ومكاتب نقل التكنولوجيا ومراكز الابتكار والحدائق التكنولوجية ومساحات العمل المشتركة، وتعزيز الربط بين المؤسسات الأكاديمية وقطاع الأعمال، أو القطاع الصناعي، عبر المؤسسات الداعمة للابتكار، وبناء ثقافة الابتكار في المجتمع وتحديداً بين الشباب من خلال إبراز ونشر قصص النجاح على المستوى الإقليمي وتبادل المعرفة حول النماذج المثلى للابتكار وكذلك نشر الاخفاقات لإثراء المعرفة حول العملية الابتكارية، وتطوير منصة عربية أو بوابة خاصة لتجميع المبادرات المميزة للابتكار ونشر القصص الناجحة في العالم العربي، والاهتمام بالابتكار الاجتماعي وبإدماج جميع فئات المجتمع وخاصة المرأة والشباب، و الاهتمام أيضاً بالابتكار في المجالات الاجتماعية ومنها قضايا اللاجئين والقضايا التي تعاني منها المجتمعات المهمشة، وتشجيع تنظيم دورات التدريبية حول الابتكار خارج نطاق المدرسة ومنها ورش العمل التي تهدف إلى بناء المهارات التكنولوجية، وتطوير الأفكار الجديدة "ideation" وتطوير التطبيقات الجديدة "hackathons"، وإنشاء منصة للتشبيك بين الخبراء والمبتكرين والمؤسسات الوطنية والإقليمية الداعمة للابتكار بهدف تشارك الخبرات والممارسات المثلى وتنسيق الجهود.
وأوصوا بالتركيز على المجالات الابتكارية التكنولوجية الحديثة والناشئة ذات الطابع العملي لإيجاد الحلول للمنطقة العربية والتي منها: تكنولوجيا النانو، والطباعة الثلاثية الأبعاد، والطاقة المتجددة، وتحلية المياه، والحوسبة السحابية، والبيانات الكبيرة، والتواصل الاجتماعي، والتطبيقات النقالة، علما أن الابتكار لا ينحصر في المجال التكنولوجي أو في البحث والتطوير فحسب، بل يتعداه إلى مجالات أخرى كالابتكار في المؤسسات الحكومية وفي تقديم الخدمات والتنظيم ونماذج الاعمال.
وخص الخبراء العرب الشباب ورواد الأعمال والشركات الناشئة بمجموعة من التوصيات للاستفادة من الثروة الشبابية الكامنة في الدول العربية وقدراتها الابتكارية والاهتمام بالمواهب ورعايتها وتأهيلها للإسهام بفاعلية في التنمية القائمة على الابتكار في المنطقة العربية، وبناء بيئة مناسبة تدعم رواد الأعمال من الناحية القانونية والتشريعية والتمويلية وغيرها من متطلبات ريادة الأعمال، وتشجيع المرأة على المشاركة في ريادة الأعمال وتحفيز المساواة بين الجنسين في المبادرات الخاصة بريادة الأعمال، وتعزيز الثقة بالشباب العربي وبرواد الأعمال العرب وتشجيعهم من أجل تسهيل انتشار أعمالهم.
وقدم المؤتمرون العديد من اوراق العمل خلال اعمال المؤتمر الذي استمر يومين متتاليين، ومن ضمنها ورقة فلسطين قدمها المهندس عدنان سمارة رئيس المجلس الاعلى للإبداع والتميز، تناولت واقع الابداع والابتكار في فلسطين ودور المؤسسات الرسمية والاهلية والخاصة في رعاية المبدعين عامة والشباب بشكل خاص.