في اعتراف إسرائيلي نادر.. الاستيطان غير شرعي!!

هاني حبيب
حجم الخط

على حد علمي فإنها المرة الأولى التي تعترف بها إسرائيل بأن العملية الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، غير شرعية وتتناقض تماماً مع القانون الدولي، تلك العملية التي كانت ولا تزال مستمرة بشكل متواصل، يأتي هذا الاعتراف من قبل اثنين من كبار القانونيين الإسرائيليين والعاملين في الدولة العبرية في مناصب حساسة، ذلك أن المستشار القانوني لحكومة نتنياهو، وفي اطار النقاش المحتدم حول ما يسمى "قانون التسويات" والخاص بتنظيم الوضع القانوني للمستوطنات في الضفة الغربية، وفي رأي قدمه افيحاي مندليت إلى اللجنة البرلمانية الخاصة التي ناقشت هذه المسألة، أمس الثلاثاء، أشار الى أن المساس بالسكان الفلسطينيين غير شرعي وفقاً لأحكام القانون الدولي، وهناك قيود واضحة في هذا القانون تمنع فرض الدولة المحتلة سيادتها على مساحات واقعة خارج اراضيها، يجوز ـ يتابع مندليت ـ مصادرة اراض في "يهودا والسامرة" تعود ملكيتها إلى فلسطينيين لأغراض عسكرية محضة، فيما لا يجوز مصادرتها لأغراض عامة.

وإذا ما تجاوزنا ما أشار اليه حول جواز مصادرة اراضي لاغراض عسكرية، فإن هذا الرأي بالاعتراف، إنما يشكل دحضاً رسمياً ويقر أن معظم ما تم مصادرته في الضفة الغربية من اراض لصالح الاستيطان الإسرائيلي، هو غير شرعي، ليس هناك بالأحرى مستوطنات قانونية وشرعية وأخرى غير قانونية وغير شرعية، الاستيطان وفقاً للقانون الدولي، وحسب مندليت وكل المشرعين القانونيين على مستوى العالم يعتبرون الاستيطان غير قانوني وغير شرعي ويعبر عن إدارة ظهر إسرائيل للقانون الدولي من خلال رسم خارطة واقعية بالقوة، لصالح العملية الاستيطانية.

وإذا كان المستشار القانوني للحكومة قد أشار بهذا الرأي، فإن مستشار الكنيست، وفي ذات السياق، لم يختلف مع هذا الرأي، بل أيده وأكده، فقد قال ايال ينون، إن مشروع القانون الخاص بتنظيم الوضع القانوني للمستوطنات، يمكن تفسيره كضم هذه المناطق ووضعها تحت السيادة الإسرائيلية، ما يثير إشكالات بالنسبة للقانون الدولي، استدراك ينون في هذا السياق بالغ الأهمية، فقد أضاف "ان مشروع القانون هذا، يتجاوز خطا لم يتم تجاوزه وهو التشريع الذي يطال السكان الفلسطينيين الذين لا يتمتعون بحق المشاركة في انتخابات الكنيست".

ووفقاً لذلك الرأي، يجوز مصادرة أراضي "مواطنين" إسرائيليين لأغراض المصلحة العامة، إلاّ أن ذلك غير جائز حسب القانون الدولي، مع "غرباء" أو بمعنى آخر مع سكان محتلين، كما هو الوضع في الضفة الغربية المحتلة! [الإذاعة الإسرائيلية بالعربية].

قراءة التزامن في هذه الآراء ـ الاعترافات بالغة الأهمية، فهي تأتي في سياق النقاشات في الكنيست حول "مشروع التسويات" من ناحية، وقرار هدم الاحتلال لقرية "ام الحيران" في النقب، فالمشروع المشار اليه وحتى قبل عرضه على الكنيست، أمس، كان مجالاً لخلافات اساسية، تتعلق بتركيبة الحكومة الإسرائيلية من ناحية، و"الموقف المفاجئ" من قبل أحد أشد المتطرفين في حكومة نتنياهو، وزير الأمن ليبرمان، الذي أبدى موقفاً "معتدلاً" في خلاف وتناقض واضحين مع رئيس حكومته الذي كان وراء ومع المشروع المقترح للنقاش ولاتخاذ القرار، فليبرمان يدعو بدلاً من إقرار هذا المشروع إلى تجميد البناء في "المستوطنات المعزولة" في اطار صفقة مع الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة ترامب تفضي بالاعتراف بالمستوطنات الكبرى أو الكتل الاستيطانية الأساسية، والتي تصر الدولة العبرية على أن تبقى ضمن حدودها وسيادتها في اطار أية تسوية قادمة مع الفلسطينيين، وفي هذا السياق، يدعم ليبرمان، بخلاف معظم وزراء الحكومة، قرار محكمة العدل العليا بإخلاء مستوطنة "عمونة" حتى 25 كانون الأول المقبل ويبرر ليبرمان الانتظار حتى يتسلم "ترامب" مقاليد البيت الأبيض، برسالة من مستشاري الرئيس الأميركي المنتخب طلبت فيها من إسرائيل عدم ترسيخ وقائع على الأرض قبل وصول ترامب إلى البيت الأبيض.

فإذا كانت مستوطنة "عمونة" قد أثارت كل هذه النقاشات والاعتراضات، فإن شأن قرية "ام الحيران" في النقب، لا يجد أية أهمية بالنسبة للقيادات الإسرائيلية، القانونية والحكومية على حد سواء، باستثناء بعض مراكز وجمعيات حقوق الإنسان، خاصة "مركز عدالة" الذي قدم التماساً باسم سكان القرية المقرر هدمها وتشريد سكانها ومصادرة أملاكها، ويقف نواب القائمة العربية المشتركة، وحدهم تقريباً، إلى جانب حقوق مواطني القرية الذين باتوا في سياق عملية ترانسفير ممنهجة.

في هذا السياق، فإننا ندعو إلى تأكيد آراء فقهاء القانون الإسرائيلي التي سبق الإشارة إليها على الصعيد الدولي، كرد على ادعاءات الحكومة الإسرائيلية بشرعية الاستيطان، وثانياً دعوة إلى الوقوف إلى جانب أهلنا في قرية "ام الحيران" التي ستهدم لصالح إقامة مستوطنة، ربما بنفس الاسم وتوسيع الغابات المحيطة على حساب أراضي السكان العرب الأصليين!