احتفاء عالمي بحركة "فتح"

رجب أبو سرية
حجم الخط

حتى حركة "حماس" التي كانت أعلنت، قبل أيام، أنها لم تتلق دعوة من حركة "فتح" لحضور مؤتمرها السابع، أعلنت، أول من أمس، أنها ستحضر المؤتمر، وجاء ذلك على لسان الناطق باسم "حماس" حازم قاسم، مبيناً أن وفد الحركة سيضم نواباً من المجلس التشريعي وسيقتصر _ بالطبع _ على المقيمين في الضفة الغربية.
اللافت في المؤتمر السابع لحركة "فتح"، قبل أن ينعقد، أي قبل أن ينهي جلساته ويعلن نتائجه، هو أن افتتاح المؤتمر يشهد حضوراً فلسطينياً، عربياً، ودولياً كبيراً، لم يشهده المؤتمر السابق (السادس)، ويذّكر بما كانت تشهده مؤتمرات الحركة ومؤتمرات الفصائل الفلسطينية عموماً من مشاركات وحضور ممثلي الأحزاب والتنظيمات والحركات السياسية الصديقة، سواء أكانت حركات تحرر أم أحزاباً ديمقراطية أم يسارية من أرجاء الأرض كافة.
في المؤتمرات الحركية التي كانت تعقد في الخارج، أي قبل إنشاء السلطة، أي قبل المؤتمر السادس، كان افتتاح المؤتمر الحركي يشهد مشاركة جل فصائل العمل الوطني، كذلك مشاركة ممثلي حركات التحرر العالمية، وممثلي الأحزاب الشيوعية واليسارية العربية ومن آسيا وأفريقيا، وأميركا اللاتينية وشرق أوروبا، ومن أوروبا الغربية كانت تشارك، أحياناً، الأحزاب الشيوعية من إسبانيا واليونان، وممثلو الاشتراكية الدولية.
أما الآن، فإن أحزاباً ديمقراطية غربية تشارك في مؤتمر "فتح"، ما يعني أن التعاطف مع وتأييد قضية فلسطين لم يعد قصراً على اليسار الاشتراكي العالمي، كذلك يعني أن القضية الفلسطينية عادت مجدداً تقدم نفسها على أنها حركة تحرر تستند إلى تأييد عالمي، كما كان حالها قبل عقود، وبالتحديد قبل أن تعقد م.ت.ف اتفاقات أوسلو مع إسرائيل.
تعيد إذن البوابة الفتحاوية التعاطف العالمي مع القضية الفلسطينية، وهذا يعني أن "فتح" التي حملت على أكتافها السلطة، حتى تماهت معها وفيها، خلال سنين مضت، عادت مجدداً لتظهر وجه أو جانب حركة التحرر منها أو فيها، ما يسهل على الشعب الفلسطيني التوصل إلى إستراتيجية كفاح وطني جديدة، بعد أن وصل مسار أوسلو التفاوضي إلى الطريق المسدود.
وهج الافتتاح قد يخبو حين تبدأ أعمال المؤتمر، حيث من المفترض أن تكون الهيئات القيادية قد أعدت التقارير التي تجمل ما قامت به اللجنة المركزية والمجلس الثوري المنتخبان في المؤتمر السادس السابق، على أصعدة العمل كافة: التنظيمية، المالية، الجماهيرية، الإعلامية والعسكرية، وغيرها، حيث على أساس الإنجاز، النجاح أو الإخفاق، تحاسب الهيئات القيادية، فرادى وجماعات، فيعاد انتخاب من قام بالمهمة التي أوكلت له أو لها على خير ما يرام، فيما تحجب الثقة أو من المفترض ألا ينجح أو يعاد انتخاب من أخفق في تنفيذ المهمة الموكلة إليه، بعد أن منح الفرصة لذلك!
كذلك، لا بد أن يحوز التقرير السياسي، بكل فصوله الوطنية / الفلسطينية، العربية / الإقليمية، والدولية / الكونية، جل الاهتمام والحوار والنقاش، ليس بهدف تحليل ما حدث، ولكن لوضع الخطة بناء على سياق عام متحقق، التي يمكن عبرها مواجهة ما هو قادم، والتي يمكن بها أن تقود حركة "فتح" الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافه في الحرية والاستقلال الوطني.
لكن ما هو متوقع ألا يختلف المؤتمر السابع عن سابقه في طبيعته وما سينجم عنه، أي أن أعضاء المؤتمر الـ 1400 سينشغلون ببند الانتخابات، والذي يفترض أن يختلف عن سابقه في أمر مستجد، وهو انتخاب نائب رئيس الحركة، والذي قد يصبح بدوره قائد الشعب الفلسطيني، أي رئيس السلطة والمنظمة، إضافة لكونه رئيس أكبر فصيل سياسي فلسطيني.
بتقديرنا، إن انتخاب نائب رئيس الحركة لن يحدث لأكثر من سبب، أولها أن من يعرف "فتح" يدرك أنهم قد يتفقون على الفكرة، لكنهم يختلفون ويتصارعون على التنفيذ، ومن حيث المبدأ ربما يكون هناك قبول لفكرة انتخاب نائب رئيس للحركة يقوم بحمل بعض عبء العمل والمسؤولية عن رئيسها، لكن حين يبدأ الحديث أو النقاش عن تسمية شخص بعينه، تدب الخلافات لدرجة أن يصبح إغلاق الملف أفضل حل لجدل لن يكون هناك طائل من ورائه.
لذا نحن نعتقد أنه إن طرحت جدياً فكرة انتخاب نائب لرئيس حركة "فتح"، فإنه ستتم معالجتها بفكرة ربما لا تكون متداولة، من نمط أن يتم استحداث المنصب وتحديد صلاحياته ومهماته ومسؤولياته، ومن ثم القول أن تتم تسمية من يفوز به لاحقاً، من خلال المجلس الثوري مثلاً، أو اللجنة المركزية حتى لا يكون بقوة الرئيس، ويمكن حتى أن يتم إقرار انتخاب أكثر من نائب لرئيس الحركة، كأن يقال نائب رئيس حركة "فتح" للشؤون التنظيمية، أو العلاقات الوطنية، وما إلى ذلك.
مع كل ما يشوب عقد المؤتمر من توقع بأن يكون رتيباً وتقليدياً، إلا أنه يمكن تحقيق بعض الإنجازات، حتى على الواقع التنظيمي للحركة، حيث لا بد من طرح فكرة ألا تتجاوز فترة بقاء عضو المركزية أو الثوري ولايتين متتاليتين، فولايتان تعنيان عشر سنوات، هما عمر المؤتمر حين ينعقد في وقته ودون تأخير.
ما لا بد من قوله أخيراً، إنه لا بد من الحذر والأخذ بعين الاعتبار، ما سيلي انتهاء أعمال المؤتمر، حيث من شبه المؤكد أن يغلق المؤتمر الأبواب نهائياً فيما سمي بظاهرة المتجنحين، لذا فقد ينجم عن ذلك إعلان حركة خارج الحركة، أو تنظيم منشق، كما كان الحال في ثمانينيات القرن الماضي، وهذا أمر مؤسف في وقت يتمنى فيه كل فلسطيني أن يتم جمع الأشتات الفلسطينية كلها لمواجهة معركة أن يكون الكل الفلسطيني أو لا يكون.