طغت أخبار المؤتمر العام السابع لـ فتح، على ما سواها من أخبار، طيلة أيام المؤتمر، ولا تزال. ولعله من نافلة القول، إن الانشغال الفلسطيني بنتائج المؤتمر، وما سيترتب عليه، سيستمر في الأسابيع القادمة.
أخبار فتح، بل وشؤونها الداخلية، لم تكن هماً سيشغل هذا التنظيم فقط، بل كانت شأناً فلسطينياً، يشغل الفلسطينيين جميعاً، نظراً لمركزيتها ودورها. وانعكاس أوضاعها وشؤونها، على الساحة الفلسطينية، عموماً.
انشغل الجميع، بالمؤتمر العام السابع، وكان هذه المرة، شبه علني، وعلى شاشات التلفزة، وتم تسخير وسائل السلطة الإعلامية كلها، في خدمته، وتسليط الأضواء عليه.
ستحمل نتائج المؤتمر، ليس الانتخابية منها فقط، بل نتائجها عموماً، مادة دسمة للنقاش، للائتلاف والاختلاف، وسيكون من الطبيعي، أن يقف من مع السلطة، ومع الشرعية، في موقف المؤيد والداعم، ومن كان في موقع مختلف، أن يكون في موقف المعارض، هناك مثالب، لمن يبحث عنها، ومن الطبيعي أن يقوم "بتبهيرها" وتضخيمها.
وهناك محاسن، ليس من الصعب العثور عليها وتزيينها.
نتائج أي مؤتمر، لأي حركة أو حزب، تقاس ليس بنتائجها فقط، بل بالقدرة على تجسيدها وترجمتها وتأطيرها، وإعطائها أبعاداً حية، قادرة على خلق وقائع جديدة.
علينا الانتظار، ولو قليلاً لمعرفة ما جرى في هذا المؤتمر أو ذاك.
حدث المؤتمر، ونجح في تجاوز صعاب وعقبات جدية، أبرزها الأزمات الداخلية، وما تعرضت له فتح من ضغوط ومخاطر أحاطت بها، وتمكنت من تجديد شرعيتها، ودماء قياداتها.
في المدى المنظور والقريب، لدينا استحقاق آخر، هو استحقاق عقد المجلس الوطني، في دورته العادية.
هذا الاستحقاق، هو استحقاق مهم للغاية، لتجديد شرعية م.ت.ف وقياداتها إجمالاً، ولرسم آفاق المرحلة القادمة، وهي مرحلة تحدٍ ومواجهة، ونضال من أجل إنهاء الاحتلال وبناء الدولة المستقلة.
نجاح المؤتمر العام، سيعني إنجاحاً لعقد الجلسة العادية للمجلس الوطني، ووضع اللبنات الحقيقية القوية، لتجاوز حالة الانشقاق الجيوـ سياسي القائمة.
استحقاق عقد دورة عادية، للمجلس الوطني، وكما هو محدد مسبقاً، في هذا الشهر، سيعني جدية مؤتمر فتح في الاستمرار في عمليات التجديد والعمل، وهو كما تبدى من خلال أعماله، جدي وناجح وحاسم في آن معاً.
بعد تجديد شرعية قيادات فتح وفي حال تجديد شرعيات م.ت.ف سيكون الباب مفتوحاً لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، ما سيشكل انتقالاً كاملاً للحالة الفلسطينية، من حال ما قبل عقد المؤتمر، إلى حال ما بعده، وبناء القدرة على المواجهة، وتحدي الصعاب وخوض معركة إنهاء الاحتلال وبناء الدولة.
المرحلة صعبة وشائكة، دون شك، وباتت تحتاج إلى المزيد من الصبر، ومواجهة الصعاب، والعمل وتوافر الأمل، بالوصول إلى بر الأمان، في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة.
إلى جانب ذلك، وهو ما أكده مؤتمر فتح السابع، الاستمرار في الجهود الدبلوماسية لنيل صفة العضوية الكاملة، كدولة في الأمم المتحدة والاستمرار في خوض المعركة الدبلوماسية، وهي معركة نجح بها الفلسطينيون، نجاحاً ملحوظاً ومشهوداً له.
في مرحلة ما بعد المؤتمر، نعيش مرحلة "الجهاد الأكبر"، إن جاز التعبير، وهي مرحلة لها خصائصها وأبعادها، النجاح فيها هو نجاح للقضية الفلسطينية عموماً، وارتكاب الخطأ، سيعادل الجريمة بحق القضية والشعب بحق التاريخ والمستقبل في آن.