لماذا ديسمبر؟

thumbgen (16)
حجم الخط
 

ديسمبر أكثر الشهور بهجة عند المسيحيين المصريين لكنه عند الإرهابيين نهاية مرحلة.

فى ديسمبر ٢٠١٠ جرى تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، ومن بعد تتالت الأحداث بصورة متسارعة حتى تم إجبار مبارك على التخلى عن الحكم. الآن فى ديسمبر نفسه إنما عام ٢٠١٦ يجرى تفجير الكنيسة البطرسية داخل حدود الكاتدرائية، رمز الأرثوذكسية فى العالم. فما هى يا ترى صورة الأحداث والتداعيات المقبلة؟

ليس بالضرورة أن يتكرر الآن ما جرى مع مبارك. إنما ينبغى بالضرورة تحديد الهدف الإرهابى. بالضرورة أيضا ينبغى اعتبار الإرهاب من هذا النوع موظفا سياسيا، يرتع الإرهاب فى بيئة شديدة الاضطراب محليا وإقليميا ودوليا، وربما تشهد الأيام والأسابيع المقبلة أحداثا أشد قسوة.

الآن نفهم لماذا عاد الإرهاب للتمركز بصورة أساسية فى القاهرة خلال الفترة الأخيرة بعد أن ظل محصورا طوال الفترات الماضية أقصى شمال شرق سيناء.

من شرق القاهرة، قال الإرهابيون أولا إن الجيش لن يمكنه حماية رجاله فاغتالوا العميد عادل رجائى أمام منزله، ومن قلب شارع الهرم، قالوا ثانية إن الشرطة لن يمكنها حماية نفسها، ففجروا ستة من رجال الشرطة بجانب مسجد السلام الجمعة الماضى. أخيرا وليس آخرا قالوا إن المسيحيين بكنائسهم لن يحميهم أحد، وإن البلد كل البلد لن يحميه منا أحد ففجروا الكنيسة البطرسية فى قلب العباسية. لم يستهدفوا الكاتدرائية المرقسية فقط. إنما اقتربوا أيضا من كل مراكز الحكم الحساسة فى مصر.

التركيز على القاهرة، كعاصمة ومركز حكم، يعنى ضمن ما يعنى أن الإرهاب وداعميه يسعون نحو «يناير» جديدة، وأن الفترة من الآن حتى يناير ٢٠١٧ وما بعده ربما تشهد تكثيفا وتنوعا فى استعمال أساليب الإرهاب على أمل تفجير الأوضاع السياسية والاجتماعية وصنع يناير جديدة.

لا شىء يفيد الإرهاب أكثر من الكلام المستهلك الذى تكرره الشاشات ذاتها والشخوص ذاتهم مع كل حادثة إرهابية.

ليس جديدا أن لنا خصوما فى الخارج، وأن هناك من ينتهج العنف والإرهاب سبيلا فى الداخل، وأن الإرهاب صار عابرا للحدود،

وأن دولاً وأجهزة وجماعات تعتمد على توظيف الإرهاب فى تحقيق أهدافها وأغراضها، إنما الجديد الذى يستحق التناول هو كيف تمكن الإرهابيون من الوصول إلى داخل الكنيسة البطرسية.

ماذا استخدموا من أساليب نوعية جديدة؟

كيف عرفوا أن ثغرة الكاتدرائية هى بذاتها الكنيسة البطرسية؟ ماذا يعنى أن يحيط الإرهابيون بالقاهرة من شرقها إلى جنوبها

وصولاً إلى قلبها. كيف تمكنوا من ذلك؟

ماذا لدينا من نقص؟ وما خطتنا لإجهاض وإبطال مفعول الإرهاب؟

لا شىء يفيد الإرهاب أكثر من استغلال كل حادثة إرهابية فى صنع تمركزات طائفية جديدة فى أوساط المجتمع. توزيع الاتهامات على هذه المؤسسة أو تلك أو إلقاء المسؤولية على هذه المؤسسة أو تلك، كل هذا يعنى شيئا واحدا أن الإرهاب نجح فى القتل وربح الميدان السياسى أيضا.

المراجعة ليست عيبا بل فضيلة وهى الحامية أيضا. المراجعة صارت ضرورة واجبة. وأول ما يستحق المراجعة هو نوعية الخطاب السياسى الإعلامى السائد.

قبل أن تخوض مصر حربها ضد الاحتلال الإسرائيلى عام ٧٣ أعدت ضمن ما أعدت خطة سياسية- إعلامية شاملة فجاء الانتصار.

منذ سنوات تخوض مصر حربا ضد الإرهاب، فأين هى الخطة السياسية- الإعلامية التى تحقق الانتصار؟

عن المصري اليوم