المجتمع الدولي يتحمّل المسؤولية عن مجازر حلب

alalam_635443187802058292_25f_4x3
حجم الخط

استكمل نظام الأسد، أول من أمس، إنجازه العسكري الكبير في حربه ضد المتمردين في سورية.
إعادة السيطرة شرق حلب بعد اربع سنوات من القتال المتواصل على المدينة.
ركز الديكتاتور السوري في الأشهر الأخيرة جهوده في المدينة الشمالية، التي تنهار تحت الضغط الكبير الذي يستخدم ضدها.
ومنذ أيام تصل التقارير الكثيرة حول الأعمال الفظيعة في الشوارع، حيث إن القوات المقربة من النظام (منها رجال «حزب الله») يقومون بإعدام المدنيين والأطفال ورجال الطواقم الطبية في الأحياء التي سيطروا عليها، ويمكن القول إن هذه الأعمال ستزداد في الأيام والأسابيع القادمة.
الأمر الذي بدأ بإلقاء براميل الوقود، التي وضعت فيها المتفجرات أيضا، على الأحياء في حلب بوساطة الطائرات القديمة التابعة لسلاح الجو السوري، تم استكماله بإلقاء قنابل أكثر دقة من الطائرات الحربية الروسية، ولكن الاستراتيجية والوسائل الفظة متشابهة، ولم تتردد موسكو أيضا في استهداف المدنيين بشكل متعمد.
وحسب منظمات حقوق الإنسان وحكومات غربية فقد استهدفت العيادات والمستشفيات والمدارس والطوابير قرب المخابز أيضا.
حلب لم تكن لتسقط لولا مساعدة روسيا الكبيرة، فالتدخل العسكري الروسي الذي بدأ في أيلول 2015 تسبب باستقرار خطوط دفاع النظام السوري وسمح للأسد فيما بعد بإعادة سيطرته على مناطق كان فقدها.
وفي حلب يقوم بتسجيل إنجازه الأكبر، لكن يحتمل أن يتم توجيه التحالف الروسي – الإيراني – السوري نحو مدينة إدلب في غرب حلب.
السيطرة الكاملة على المدينة ستسمح بإبعاد التهديد المتواصل على المناطق العلوية، غرب الدولة، التي هي مهمة بشكل خاص بالنسبة للنظام وللراعي الروسي الذي أنشأ فيها ميناء بحرياً وموقعاً لسلاح الجو.
إن هذه روسيا التي تبذل اسرائيل الجهود للتقرب منها. وتشمل هذه الجهود اربعة لقاءات بين رئيس الحكومة نتنياهو والرئيس بوتين.
اسرائيل غير مسؤولة بالطبع عن المجزرة الفظيعة في حلب. وباستثناء عضويتها في المجتمع الدولي، حيث عبرت عن قلة حيلتها على خلفية القصف البشع، فان نتنياهو يلعب بالاوراق التي لديه، ويبدو أنه يفعل ذلك بشكل جيد حتى الآن، فقد نجحت اسرائيل في الامتناع عن الانجرار إلى داخل الحرب الاهلية السورية، وعملت إلى حد كبير من أجل فرض الخطوط الحمر التي وضعتها (الرد الفوري على أي اطلاق نار عليها والعمل على منع تهريب السلاح الكيميائي والسلاح المتقدم من سورية إلى «حزب الله» في لبنان).
وفي الوقت ذاته امتنعت عن التورط في المواجهات الجوية مع روسيا في السماء السورية. إن المجتمع الدولي كله يتحمل مسؤولية المجزرة في حلب، وجرائم النظام.
وحسب منظمات حقوق الانسان فان نظام الاسد وحلفاءه مسؤولون عن قتل 90 في المئة من المدنيين الذين قتلوا في الحرب السورية التي بدأت في آذار 2011.
إن سورية، وليس عدم القدرة على حل الصراع - الاسرائيلي الفلسطيني، هي التي تعكس الفشل الذريع لرئيس الولايات المتحدة، براك اوباما، في السياسة الخارجية.
حلب هي رقم قياسي آخر، لكنه ليس الاخير في اعمال التطهير العرقي المتواصل.
ففي رواندا في العام 1994 اثناء ولاية كلينتون قتل عدد أكبر من الاشخاص، لكن ذلك حدث في فترة زمنية قصيرة نسبيا، وفي العالم الذي لم يكن فيه المواطنون يقومون بتوثيق القصف من داخل المدينة المحاصرة، بوساطة الفيس بوك وتويتر
جارات سورية، ومنها الاردن ولبنان واسرائيل، تتابع بقلق تأثير انتصار الأسد في حلب.
فالأردن يخشى من موجات اللاجئين من حلب نحو الجنوب الذين يحتمل أن يكون داخلهم مقاتلون من منظمات المتمردين المتطرفين.
وفي لبنان يقلقون من مشاعر الانتصار المتزايدة لـ «حزب الله» وإمكانية ترجمة ذلك إلى أحداث عنف داخلية في لبنان، بعد أن سجلت المنظمة الشيعية إنجازا في تعيين الرئيس الذي هو شريك سياسي لها.
تركز اسرائيل الاهتمام على الحدود في هضبة الجولان وامكانية أن يبادر نظام الاسد الى طرد المتمردين الذين يسيطرون على طول الحدود.
وخطوة كهذه قد تسمح بتواجد «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني والمليشيات المحلية التي تعمل قرب الحدود – هذا تهديد واضح بالنسبة لإسرائيل.
ويمكن القول إن الحفاظ على المصالح الاسرائيلية في هضبة الجولان سيكون أحد الامور الاولى التي ستطرح في لقاء نتنياهو – ترامب فور دخوله إلى البيت الابيض.
ولكن اللعبة الأساسية في سورية تتعلق بالتجاذب بين القوى العظمى.
فالرئيس المنتخب في الولايات المتحدة، دونالد ترامب، لم يوضح بعد موقفه بالنسبة لسورية، والتقديرات السائدة حسب تصريحاته أثناء حملته الانتخابية تبين أنه سيمتنع عن توسيع التدخل العسكري الأميركي هناك، وسيكون أقل معارضة من ادارة اوباما لخطوات بوتين.
يقول نظام الأسد إنه يريد ويستطيع الاستمرار والتقدم واستكمال «تحرير» كل سورية من أيدي المتمردين.
ويبدو أن روسيا تشك في ذلك، لا سيما بسبب الثمن الذي قد يكون لهذه الخطوة الطموحة – الاسد لا يمكنه أن يتحرك دون مساعدة روسيا وايران، وفي جميع الحالات، من المشكوك فيه أن تتدخل الولايات المتحدة لمنع الخطوات العسكرية القادمة للنظام ومؤيديه.
يركز دونالد ترامب أكثر من اوباما خطاباته على الحاجة الى القضاء على «داعش»، الامر الذي يبرر التعاون مع روسيا. في هذه الساحة، نجاح التحالف الدولي برئاسة الولايات المتحدة، محدود.
والمعركة على الموصل في العراق تواجه الكثير من الصعوبات.
وهناك تقارير تفيد بأن الجيش العراقي الذي يعمل في ظل المساعدة والارشاد الأميركيين يتعرض لخسائر كبيرة، وهو لا ينجح في التغلب على مقاومة «داعش».
والمعركة العسكرية في مدينة الرقة في شمال شرقي سورية، التي تم اعلانها كعاصمة لخلافة «داعش»، تتأخر.
قبل بضعة أشهر كانت التقديرات تفيد بأن احتلال الرقة سيتم حتى نهاية هذه السنة.
ولكن العملية البرية هناك قد تؤجل لفترة طويلة، ويحتمل أن يسبق التحالف الروسي - الإيراني الأميركيين في هذه المعركة.