كتب : توفيق أبو شومر
إذا أردتُ أن تكون مهيمنا على عالم الألفية الثالثة، فعليك اتباع عشر خطوات، وهي لم تَرد في كتاب (الأمير)لميكافيللي:
أولا: نشر زراعة دفيئات الإرهاب في كل دولة، وبخاصة الدول المالكة لمساحات جُغرافية كبيرة، ومخزونات هائلة من الموارد الطبيعية.
ثانيا: إعادة نبش التراث العرقي والديني، بحثا عن الاختلافات والإثنيات والعرقيات، والمذاهب الدينية، وإشعال الخلافات بينها.
ثالثا: إيقاد شعلات الغرور في هذه الدول، بإمدادها بالسلاح والتكنولوجيا المتطورة، لتصاب بغرور القوة، لكي تتمكن من غزو جاراتها، مع منحها وعودا بأنها ستصبح من الدول الكبرى.
رابعا: تضييق الخناق على المبدعين في هذه الدول، مبدعي الفنون، والعلوم، والآداب،لغرض تهجيرهم من هذه الدول إلى الدول الكبيرة، وجعل تلك البلدان منافي للعقول، ومواطن للجهل والتخلف فقط!
خامسا: زرع ألغام في بنية النظام التعليمي والتربوي،وذلك باعتماد مبدأ حشو العقول بالمحفوظات المُنفِّرة، وحشو الطلاب في الفصول، وإقصاء المدرسين الواعين ممن يسعون لتفتيح العقول، لا حشوها، وجعل المدارس سجونا، وتعذيب المدرسين، باضطهادهم في مرتباتهم الشهرية، وقهرهم بالواجبات الملقاة على عاتقهم، ليتحولوا إلى تُجَّار شنطة، وتحويل الجامعات من بؤر إشعاع ثقافية، إلى دفئيات لتخريج الموظفين، وبيع الألقاب الأكاديمية!
سادسا: نشر الفساد الإداري والوظيفي، وترسيخ الوساطة والنفوذ، وتقديمها على الكفاءة، مع إرساء قواعد الرشاوى، ومسحها بالزيت المقدس، وجعل النفاق والرياء كَياسة ولُطف، والوفاء والإخلاص هَبل وسُخف، أما الالتزام بالقانون والخُلق فهو تخلُّف، أما الرشاوى والسمسرة بكل أنواعها، فهي وساطة شريفة عفيفة!
سابعا: إلهاء الشعوب بقضايا حياتية، وجعل هذه القضايا مشاكل تفوق كل القضايا المركزية، فيصبحُ نقصُ جُرعات الكهرباء، وأكواب الماء، وتأخُّر المرتبات الشهرية، مُقدَّما على قضايا الوطن الرئيسة، وبمرور الزمن تتحول تلك القضايا إلى القضايا الأهم التي تسعى الشعوب عقودا طويلة من السنين لمحاولة حلها. مع خلق فوضى لتشجيع استنزاف الموارد الطبيعية، ماء، ومخزونات بترولية وغازية،للإخلال بالتوازن البيئي لنشر الأمراض السارية والمتوطنة، مع نشر ثقافة استهلاك، الغذاء، والدواء، المستوردة من الخارج!
ثامنا: هدم الأبنية القانونية،بعد إصدارها في تشريعات، وتسهيل خرقها وتعديلها تمهيدا لتجميدها في الثلاجة الوطنية الكبرى؛ مع السعي لتعزيز النظام الأسري، والعشائري، والقبلي، وإرجاع الوطن إلى حالته الأولى، له اسم الوطن الواحد، ولكنه يُدار وفق نظام القبائل! ويمكن أيضا إدارة تلك الدول بنظام آخر، نظامٍ حزبي سلطوي، له شكل الحضارة، ولكنه حزبي قبلي بامتياز، يعتمد مبدأ التضليل بالشعارات والخطابات المثيرة!
تاسعا: اعتماد سياسة فرض الضرائب على كل المنتجات، مع تجديد وتكثير أنواعها، وزيادتها في كل عام، لأنَّ هذه الضرائبُ تُحقِّق أمرين:
- نشر مرض القهر النفسي بين كل قطاعات الشعب.
- إحداث ثارات دفينة بين الشعوب وقياداتها السياسية والحزبية.
عاشرا: نشر الخرافات والبدع والسحر والشعوذة، فهي أروع الوسائل لإدامة القهر والظلم،مع مطاردة ومصادرة وتحريم الفنون الجميلة، كل تلك الخطوات تساعد على إطالة حُكم الديكتاتوريين والطغاة، وتمنحهم حصانة طويلة الأجل ضد الانتفاضات والثورات، المصاحبة دائما للثقافات والفنون!
وللحقيقة فإن تطبيق البنود العشرة السابقة سيكون له مفعول السحر، لأنه سيؤدي في النهاية إلى:
إعادة تدوير شعوب تلك الدول، وتخليصها من تاريخها القديم، ومن وثقافتها، ومن مخزونات حضارتها، وجعلها قطيعا ، تَسهُل قيادتها، ومن ثَمَّ، إرسالها إلى المسلخ!!