"اسرائيل" وغزة والزواري والحرب الرابعة

thumbgen (43)
حجم الخط
 

هل تكرر««إسرائيل»» سيناريو الحرب الثانية على غزة في أعقاب اغتيال القائد القسامي الجعبري، باغتيالها القائد القسامي أيضاً المهندس التونسي محمد الزواري؟ للوقوف على أبعاد السيناريو الجديد، واحتمالات الحرب الرابعة، نشير إلى أن ««إسرائيل»» هي من فجر الحرب الثانية، وكانت تدرك أن اغتيال قيادي بحجم الجعبري الذي لعب دوراً في صفقة شاليط، وظهر في أكثر من صورة بكبرياء القائد المنتصر سوف يلقى رداً من جانب المقاومة. وجاءت تلك الحرب في أعقاب سيطرة «الإخوان» على السلطة في مصر، وكان الهدف عسكرياً وسياسياً. عسكري لأن اغتيال الجعبري يعتبر كسراً لهيبة هذه الشخصية، والهدف الثاني سياسي لقياس درجة فعل «الإخوان»، ومحاولة الاستفادة منه بتوقيع اتفاق هدنة طويل الأمد، واختبار سلوك حركة حماس في المفاضلة بين بقاء حكم «الإخوان» كأولوية عليا على الحرب مع ««إسرائيل»». ونجحت «إسرائيل» جزئياً في تحقيق بعض أهدافها، وكانت أقصر حرب، لم تدم أكثر من أسبوع، تخللتها زيارة رئيس الوزراء المصري آنذاك، هاشم قنديل إلى غزة في وساطة تؤكد ما أشرنا إليه. وبسقوط حكم «الإخوان» تغيرت أولويات المعادلة السياسية التي حكمت غزة ب«إسرائيل»، لتأتي الحرب الثالثة وهي الأطول لفرض وقائع سياسية جديدة. ولا نبتعد عن الحقيقة إذا قلنا إن الحرب الثالثة كانت خياراً لحركة المقاومة في محاولة لفرض واقع سياسي جديد، وتحقيق أهداف سياسية تتمثل في رفع الحصار، والاعتراف الواقعي بالحركة، وبناء ميناء بحري يربط غزة بالعالم الخارجي ويقلل من اعتمادها على مصر. وهذه الأهداف فشلت.

من هنا كان لا بد من إعادة بناء القدرات العسكرية لحركة حماس، بشكل كمي وكيفي، لإحداث تغيير في معادلة القوة مع «إسرائيل». وفي هذا السياق يأتي دور القائد الحمساوي التونسي محمد الزواري. والسؤال هنا ما الدلالات والتداعيات السياسية والعسكرية لاغتيال هذا القائد ؟وما خيارات حركة حماس؟ «إسرائيل» هذه المرة تريد جر حركة حماس لحرب جديدة، لأكثر من سبب: أولاً كشف اغتيال الزواري، بكفاءته وقدراته العلمية الخوف من تمكنه من تطوير القدرات الجوية لحركة حماس، وإمكان امتلاكها لطائرات أكثر تقدماً، وثانياً يتم الكشف لأول مرة عن مواطن عربي ينتمي لحركة حماس، وهو ما يعني أن الباب قد يكون مفتوحاً أمام آخرين من جنسيات أخرى، تساهم في الاتجاه نفسه. وثالثاً التصريحات المتعددة من قيادات حماس بأن الحركة قد نجحت، ليس في تعويض ما خسرته في الحرب الثالثة فقط، بل أصبحت لديها قدرات وإمكانات قتالية متطورة، كمّاً وكيفاً. ولهذا دلالات خطرة في علاقة غزة وحماس بالكيان الصهيوني. فمن منظور موازين القوة والردع تقوم نظرية أمن الكيان على أن تبقى حماس في غزة، ولكن من دون قدرات قتالية تشكل تهديداً مباشراً على أمنها، وهذا يعني أن أي شكل من أشكال السلاح يشكل تهديداً للكيان، وهذا في حد ذاته دافع قوي لقيامه بعدوان رابع على غزة، بهدف تدمير القدرات القتالية لدى حماس. والهدف الآخر عدم إضعاف حركة حماس لدرجة يصعب عليها حفظ الأمن على الحدود مع الكيان. إضافة إلى خلق واقع سياسي جديد قد يفرض على الحركة هدنة طويلة الأجل مقابل رفع جزئي للحصار عن غزة.

وهذا الواقع السياسي الجديد قد يحقق للكيان هدفه الأساس والرئيسي، وهو تحويل الانقسام إلى حالة بنيوية كاملة تحول دون قيام الدولة الفلسطينية، التي يشكل عدم قيامها جوهر الفكر الليكودي الذي يحكم «إسرائيل»، والذي أساسه عدم قيام الدولة الفلسطينية. ويبقى السؤال: ما الذي يشجع «إسرائيل» على الذهاب لخيار الحرب؟ عوامل كثيرة قد تدفع إلى ذلك، من بينها طبيعة الحكومة اليمينية المتشددة، وحاجة نتنياهو لتعويض خسائر الحرب الأخيرة، والتمهيد للفوز بفترة رئاسية خامسة تدخله التاريخ اليهودي، إضافة إلى حالة الانقسام الفلسطيني، وضعف البنية الاقتصادية والاجتماعية في غزة، والوضع العربي المتردي، وانشغال الدول العربية بقضاياها الداخلية. وأخيراً، الوضع السياسي الجديد في الولايات المتحدة بفوز ترامب بالرئاسة، والاطمئنان للموقف الأمريكي المؤيد لأي عدوان «إسرائيلي» سينظر إليه على أنه «حرب استباقية دفاعية».

عن الخليج الاماراتية