في نهاية اليوم الاول للثورة الفرنسية في العام 1789 كتب ملك فرنسا لويس السادس عشر في مذكراته: "لا شيء". فحسب رأيه لم يحدث أي شيء. لم يكن هناك ما يكتب عنه أو ينفعل به. وقد دفع ثمن ذلك. أغلبية من يردون الآن على قرار الامم المتحدة في مجلس الامن 2334 وخطاب وزير الخارجية الأميركي، يكررون الخطأ ذاته.
حسب رأيهم، جاء القرار والخطاب متأخرين، بل قليلان. منذ لحظة دخول الرئيس الأميركي الجديد الى منصبه بعد ثلاثة اسابيع، ستحمل الرياح كل شيء. ستجد حكومة اسرائيل نفسها حرة في الاستيطان في كل مكان يحلو لها في الضفة الغربية، وتخليد احتلال ملايين الفلسطينيين الذين ليست لهم حقوق سيتحول الى حقيقة لا رجعة عنها.
كما شاهد شعب اسرائيل كله، فان الرد الانفعالي لرئيس الحكومة ووزرائه بخصوص القرار والخطاب أشار الى وجود فوضى مطلقة، في حين أنهم يراهنون على دونالد ترامب مثل الاولاد الخائفين الذين يتوقعون الآن من الأب الكبير أن يأتي ويضرب.
هذه الايام التي يميزها توقع التغيير الكبير في السياسة الأميركية، منحتهم المجال القليل للتنفس، حيث يمكنهم الاستيقاظ قليلا من صدمة القرار.
ولكن على الرغم من الاقوال الانفعالية ضد منتقديهم في البلاد وفي الخارج، ورغم العناق الشجاع الذي يتبادلونه مع الادارة الجديدة في واشنطن، سيجد نفتالي بينيت وبنيامين نتنياهو صعوبة في التملص من الاعتراف بما حدث بالفعل. إن تصميم "الجميع" لن يفيدهما.
إن قرار العالم الديمقراطي الواضح بعدم السماح لاسرائيل بالانتحار من خلال الضم الزاحف لـ "المناطق"، والخطاب المستقيم والبسيط لجون كيري الذي كشف اثناء مشاهدة الأخبار في اسرائيل ضرورة الاختيار وبشكل سريع بين ضمان وجود الدولة الديمقراطية للشعب اليهودي وبين سياسة اليمين الحالية التي تعني دولة ثنائية القومية، اسلامية، أو دولة فصل عنصري لن تتمكن من البقاء في وجه العالم – هذان الأمران أنهيا عمليا عهد مستوطنات اليمين، وفي أعقابهما لن يمنح أي رئيس أميركي، بما في ذلك ترامب، بنيامين نتنياهو المصادقة على تنفيذ اعمال انتحارية، أعلن كل العالم وبشكل مفاجئ أنها غير قانونية.
باستثناء الامتناع عن التصويت والغاء الفيتو الأميركي، لم يكن هناك أي جديد في قرار مجلس الامن.
الاستنكار ضد اسرائيل متكرر ومعروف منذ سنوات طويلة، لكنه لم يؤثر على حكوماتها حتى الآن. وعمليا، العالم كله قال لنتنياهو ولاعضاء حكومته بأنه اذا تجرأوا على الاستمرار في سلب الفلسطينيين بشكل تدريجي، ناهيك عن الحديث عن الضم الواضح للضفة الغربية أو اجزاء منها، ستجد اسرائيل نفسها وهي تحاكم في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وحتى الرئيس الأميركي الاكثر شعبية لن يستطيع ولن يرغب في المساعدة.
إذا استمرت اسرائيل في التملص من اجراء المفاوضات الجدية مع الفلسطينيين من اجل اقامة دولة فلسطينية في ظل القيود المعروفة، التي تحدث عنها كيري، سيجد بينيت ونتنياهو أنفسهما وبسرعة في وضع يقضي بأن المسار الوحيد المتاح أمامهما للسفر اليه في الخارج هو الولايات المتحدة.