هيا نقوم بتقديم الفيلم الى الأمام. وينتهي تحقيق الشرطة بالتوصية بتقديم لائحة اتهام ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. المستشار القانوني للحكومة مندلبليت يتردد ويقرر في النهاية تقديم لائحة اتهام. وجلسات الاستيضاح التي يأتي اليها محامو نتنياهو بعد اشهر من الاطلاع على الأدلة، لن تغير موقف المستشار القانوني والنيابة العامة. هل من المفروض أن ينهي رئيس الحكومة ولايته على ضوء محاكمته؟.
الاجابة عن هذا السؤال معقدة أكثر مما نتوقع. قانون أساس: الحكومة، يضع ترتيب منفصل لرئيس الحكومة يختلف عن باقي الوزراء العاديين، لكن لا يوجد بند في القانون ينهي ولايته عند بدء المحاكمة، بل على العكس: الوزراء ونواب الوزراء يتركون مناصبهم اذا حدثت ادانتهم. أما بخصوص رئيس الحكومة – فقط عندما يكون قرار الحكم نهائيا، أو بقرار خاص من الكنيست عند إدانته.
في العام 1993 قررت محكمة العدل العليا بخصوص الوزير آريه درعي، ونائب الوزير رفائيل بنحاسي، أن العضو في الحكومة الذي تمت محاكمته على مخالفة خطيرة لا يمكنه الاستمرار بعد تقديم لائحة اتهام ضده. واذا رفض الاستقالة فمن واجب رئيس الحكومة اقالته. وكل الوزراء الذين تمت محاكمتهم منذ ذلك الحين استقالوا من الحكومة دون الحاجة الى قرار آخر من المحكمة. وكذلك التغيير في قانون أساس: الحكومة، حيث تم تعديله مرتين، ولم يغير هذا التقليد.
إن هذا التقييد يسري على الوزراء، حيث تستطيع المحكمة الطلب من رئيس الحكومة اقالتهم. ممن تستطيع المحكمة أن تطلب اقالة رئيس حكومة اذا رفض ترك منصبه بعد تقديم لائحة اتهام خطيرة ضده؟.
هذا الامر لم يجرب تجاه رؤساء الحكومة، لكن من خلال حالتين تاريخيتين تبين أن للرأي العام قوة وتأثيرا.
هذا ما حدث في قضية «حساب الدولارات» في العام 1977، حيث بادر رئيس الحكومة اسحق رابين الى الاستقالة عندما أراد المستشار القانوني للحكومة اهارون براك محاكمة زوجته ليئا رابين. وفي العام 2008 أعلن رئيس الحكومة ايهود اولمرت عن تبكير موعد الانتخابات وعدم ترشحه فيها بعد أن وضع شريكه في الحكومة ايهود باراك أمامه طلب الاستقالة أو حل الحكومة. وعلى ضوء الحملة الجماهيرية التي اندلعت في اعقاب قضية «مغلفات المال» قام المستشار القانوني للحكومة مني مزوز بمحاكمة اولمرت فقط بعد انتخابات 2009، ولم يطلب منه الاستقالة لأنه لم يكن رئيسا للحكومة.
صحيح أنه من الناحية القانونية لا تستطيع أي جهة فرض تغيير رئيس الحكومة عند محاكمته كما هي الحال بالنسبة للوزراء ونواب الوزراء. ولكن، مثلما جاء في قرار درعي – بنحاسي في حينه، أن ثقة الجمهور هي أمر مهم تجاه السلطات. واذا كان من غير الممكن أن يستمر الوزير في مكتبه عند اتهامه بمخالفات جنائية، كي لا يتم الحاق الضرر بثقة الجمهور، فان الامر يسري أكثر على رئيس الحكومة.
حتى لو غاب الجانب القضائي، فان الاختبار لوزراء الحكومة واعضاء الكنيست هو: تفضيل مصلحة الجمهور حتى لو كان الثمن الهزة السياسية المقرونة باقالة رئيس حكومة متهم بمخالفات فساد خطيرة.