السلطة تطالب بتنفيذ قرار 2334

السلطة تطالب بتنفيذ قرار 2334
حجم الخط

ألقى السفير الدكتور رياض منصور، المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، كلمة أمام مجلس الأمن في جلسة المناقشة المفتوحة حول الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك قضية فلسطين، ذكر فيها أنه في غضون الأسابيع القليلة الماضية منذ اعتماد القرار 2334 قيل الكثير عنه.

وأضاف ان الكثير من التقارير نشرت حول القرار من جميع أنحاء العالم، وينظر اليه على انه جاء بعد طول إنتظار إلا أنه يعتبر ضروريا للغاية. ولقد أكدت الأغلبية على أهمية القرار، سياسيا وقانونيا، وعلى الفرصة التي يوفرها لتصحيح المسار لانقاذ حل الدولتين على أساس حدود عام 1967، ولفتح الطريق نحو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967، والتوصل الى حل عادل لقضية فلسطين في جميع جوانبها، وفي نهاية المطاف إلى تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وهذا هو جوهر الترحيب بالإجماع لصالح القرار، باستثناء إسرائيل وعدد قليل من أنصارها.

 

وأوضح منصور أن القرار 2334 ليس معاديا لإسرائيل ولكنه ضد المستوطنات والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان وعلى هذا النحو، فإن القرار مؤيد للسلام والقانون الدولي وحل الدولتين.

 

وعلاوة على ذلك، فإنه لايمكن تصنيف القرار 2334 بأنه أحادي الجانب.فالقانون - الذي يستند القرار عليه بشدة - هو عالمي وعادل ولا يمكن أبدا أن يكون منحازا. هذا هو الواقع وهو شريان الحياة للنظام الدولي. ومن هذا المنطلق فإن اعتماد المجلس للقرار لم يحيي الأمل فقط في احتمالات السلام، ولكنه أحيا القناعات في القانون الدولي ومصداقية مجلس الأمن ذاته. وهذا ليس بالأمر الهين في ظل الأزمات التي تقوض الإيمان في القانون الدولي، وخاصة بين الأجيال الشابة. فبالنسبة لهم فإن الظلم المستمر والفشل في عدم تحقيق السلام والأمن والازدهار يزيد من تعميق اليأس والغضب لديهم وزيادة تعرضهم لقوى التطرف.

 

وأردف منصور لهذا لايجب اضاعة الفرصة للتأكيد على تطبيق القانون وتعزيز احترامه على الرغم من الضوضاء والضجة التي تثيرها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، أو تخويفها لاولئك الذين يسعون إلى التمسك بالقانون وهو ما سمعناه من قبل المسؤولين الإسرائيليين الذين كان رد فعلهم على القرار 2334 بالرفض والعداء الشديد.

 

وقال السفير منصور أن استناد القرار 2334 على القانون والتزامه بالسلام هو السبب وراء الترحيب القوي به وعلى نطاق واسع. وهو أيضا نفس السبب لمعارضة الحكومة الإسرائيلية الشديدة له –وهي التي سعت دائما لتغليب القوة على الحق وفضلت أن تستمر في تصريحاتها الفارغة لتبرير استعمارها غير القانوني للأرض الفلسطينية وقمعها للشعب الفلسطيني، في ازدراء صارخ للقانون والمجتمع الدولي.

 

وشدد السفير منصور على أن إرادة مجلس الأمن والمجتمع الدولي ككل بالوقوف الى جانب القرار وتنفيذ أحكامه سوف يكون مؤشرا على ما إذا كان في الإمكان إنقاذ حل الدولتين أم لا وما إذا كان السلام ممكنا أم لا. وأردف أن القلة القليلة التي ازعجتها حقيقة أن مجلس الأمن تجرأ على اتخاذ القرار 2334، نقول لهم: اقرؤأ هذا القرار ودعوته الواضحة من أجل السلام. إقرؤا ميثاق الأمم المتحدة، بدءا بالمقاصد والمبادئ المحددة في المادة 1، بما في ذلك صون السلم والأمن الدوليين وفقا لمبادئ العدل والقانون الدولي وتأييد حق الشعوب في تقرير المصير، والمادة 2 التي تنص، في جملة أمور، أن يقوم جميع الأعضاء في حسن نية بالالتزامات التي اخذوها على أنفسهم بالميثاق ... ويقدموا كل ما في وسعهم الى الامم المتحدة في أي عمل تتخذه وفق الميثاق. كما نُذكّر أيضا بالمادة (6)، التي تنص على أنه إذا أمعن عضو من اعضاء الأمم المتحدة في انتهاك مبادئ الميثاق يطرد من المنظمة. وبالتالي فإن الامتثال لقرارات مجلس الأمن بعتبر إلزامي بشكل واضح، بغض النظر عن ما إذا كان القرار في إطار الفصل السادس أو السابع .

 

وتابع السفير منصور قائلاً أن إعتماد القرار 2334 يمثل نقطة تحول. إنها لحظة الحقيقة ويجب على إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، أن تختار بين الإحتلال والسلام. وحان الوقت لإسرائيل أن تختار ما إذا كان حل الدولتين سوف يصبح حقيقة واقعة أم سيتم وضع التاريخ على مسار مختلف.

 

وفي هذا الصدد، أكد المجتمع الدولي مرارا وتكرارا أن الأنشطة الاستيطانية غير قانونية، وتدمر حل الدولتين، وتشكك في إلتزام إسرائيل بتحقيق السلام العادل. فالقرار 2334 أكد مرة أخرى على أن القانون لا يمكن أن يستوعب سياسات ومخططات غير قانونية. على العكس من ذلك، فإن إسرائيل هي التي يجب أن تغير سياساتها وأن تلتزم بالقانون. وتابع أن القانون يحظر جميع الأنشطة التي تهدف إلى تغيير التكوين الديمغرافي وطابع ووضع الأرض المحتلة. وهو ما تم تأكيده في القرار 2334 بشكل لا لبس فيه وطالب إسرائيل بوقف كافة الأنشطة الاستيطانية والإجراءات غير القانونية الأخرى في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، بشكل كامل وفوري والإمتثال لإلتزاماتها القانونية من أجل إنقاذ حل الدولتين وتحقيق السلام.

 

وشدد منصور على أنه قد حان الوقت من أجل التنفيذ الكامل للقرار 2334 وجميع أحكامه. والمتابعة يجب أن تبدأ فوراً. ويجب على مجلس الأمن أن ينفذ قراراته دون إستثناء. والدول عليها مسؤوليات واضحة أيضا، فرديا وجماعيا وعليها أن تفي بالتزاماتها بعدم المساعدة في استمرار هذا الوضع غير القانوني ولإظهار الاحترام الكامل لقرار مجلس الأمن. كما نتطلع إلى إصدار الأمين العام للأمم المتحدة تقاريره الدورية عن تنفيذ أحكام القرار 2334.

 

وذكر السفير منصور أن الحكومة الفلسطينية تعهدت بإحترامها للقرار 2334 وبإلتزامها نحو السلام وبالقانون الدولي وبحل الدولتين، وبعدم اللجوء إلى العنف ومكافحة الإرهاب، آخذة في الإعتبار العقبات الخطيرة للغاية التي تواجهها في ظل الاحتلال الإسرائيلي. كما تؤكد استعدادها لمواصلة التعاون مع كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق السلام العادل.

 

وأضاف منصور أننا رحبنا بإنعقاد مؤتمر السلام في الشرق الأوسط في 15 يناير في باريس لحشد الدعم الدولي للحفاظ على حل الدولتين وتحقيق السلام. ولقد أكد مؤتمر باريس ، في جملة أمور، على ضرورة إستعادة أفق لمفاوضات سلام ذات مغزى وعلى دور الدبلوماسية متعددة الأطراف لمواجهة التحديات في منطقة الشرق الأوسط وما وراءه. ونأمل أن يكون ذلك حافزا لاستمرار الجهود العالمية من أجل السلام، بما في ذلك الجهود التي تبذلها جامعة الدول العربية واللجنة الرباعية ومصر والاتحاد الروسي، فضلا عن البيان الهام لوزير خارجية الولايات المتحدة في 28 ديسمبر 2016.

 

واختتم السفير منصور كلمته بالقول أن تنفيذ القرار 2334 يوفر الوسائل اللازمة لضمان إنهاء الإحتلال الإسرائيلي وإعمال الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير في دولته فلسطين المستقلة ذات السيادة والمتواصلة جغرافيا والقابلة للحياة، تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل على أساس حدود عام 1967، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين.

 

في هذا العام الذي يصادف مرور 70 عاما على قرار التقسيم و50 عاما منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، الذي لا يزال تحت الحصار الإسرائيلي اللاإنساني، و50 عاما منذ إعتماد مجلس الأمن القرار 242 (1967)، فإننا إما أن ننقذ حل الدولتين، أو ندفنه. فلنغتنم هذه الفرصة للدخول في عصر جديد للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وللسلام العربي الإسرائيلي وللسلام العالمي.