هدم بيوت العائلات البدوية في أم الحيران عمل غير إنساني. فهذه العائلات عاشت في البيوت التي تم هدمها لسنوات طويلة، وبين ليلة وضحاها أصبحت هي وأبناؤها بلا مأوى في البرد القارس في النقب. يمكن أن يكون هذا عملا قانونيا، إلا أنه بدون شك لم يكن عملا عادلا.
في اللقاء الذي تم الأسبوع الماضي، في جامعة بن غوريون ظهر الغضب والألم على بدو النقب. رائد أبو القيعان، الذي مثل سكان أم الحيران، وهو أحد أقارب يعقوب أبو القيعان، الأستاذ البدوي الذي قتل، عبر ان إحباط وغضب الكثيرين. ولم يستجب أي ممثل للسلطات الحكومية المسؤولية عن موضوع البدو في النقب للدعوة والمجيء للقاء.
كان من المفروض أن يعرف أحد ما أن إخلاء العائلات من منازلها بالقوة هو عمل تراجيدي، وأن يتوقع بأنه قد يؤدي إلى صدامات عنيفة قد تنتهي بفقدان حياة أشخاص. مع كل الاحترام للقانون وقرارات المحكمة العليا، عندما يكون تنفيذ القانون يسبب المعاناة بقدر كبير، فيجب تغليب الرحمة وفحص إمكانية تعديل القانون من أجل منع معاناة كهذه.
إن قرار الإخلاء بالقوة كان قرارا غبيا. فالبدو في النقب التزموا بقوانين الدولة على مدى سنوات طويلة، رغم كونهم المجموعة الأكثر اجحافا في المجتمع الإسرائيلي، والتي تم إهمالها من حكومات إسرائيل المتعاقبة. وهذه المجموعة تمر الآن بتجربة صادمة عند الانتقال من نمط الحياة القديم الى الحياة في مجتمع صناعي حديث. محاولات الحكومة اجبارهم على العيش في المناطق المدنية نجحت جزئيا فقط. وعندما يتم فرض هذا بالقوة يكون مصيره الفشل. لم يتم الاستثمار بشكل كاف في التعليم لمنح الشباب البدو الادوات المطلوبة للاندماج في المجتمع العصري. سنوات الاهمال، التي يمكن تعريفها فقط على أنها اهمال اجرامي، سمحت ايضا للجناح الشمالي للحركة الاسلامية بالتسلل الى البدو في النقب، والدعوة الى الاسلام «المتطرف» وكراهية اسرائيل ومحاولة اقناعهم بأنهم فلسطينيون يجب عليهم عدم التجند للجيش الاسرائيلي.
وعلى الرغم من ذلك يوجد لقبيلة أبو القيعان تاريخ طويل من العلاقة الجيدة مع دولة اسرائيل. فكثير من شباب القبيلة خدموا في الجيش الاسرائيلي، وبعضهم ضباط. أي مارد سيطر على الحكومة وجعلها تتخذ قرار استخدام القوة من اجل اخلاء هذه العائلات من منازلها، وتحويل الاصدقاء الى أعداء؟ وها هم ممثلو الجناح الشمالي للحركة الاسلامية حاضرون بشكل بارز في جنازة يعقوب أبو القيعان في محاولة للاستفادة السياسية من كارثة العائلات.
نأمل أن تكون أحداث أم الحيران بمثابة دعوة لاستيقاظ الحكومة. وبدل نقل معالجة أمور البدو في النقب من وزير الى وزير، يجب على الحكومة تشكيل طاقم من الخبراء من اجل بلورة سياسة واضحة نحوهم. يمكن أن ملكية الارض ليست بالضرورة هي المشكلة الاكثر الحاحا. فأولا وقبل أي شيء يجب وضع خطة شاملة للتعليم من عمر صغير وحتى الجامعة. هذا التعليم الذي سيساعد الجيل القادم للبدو على الاندماج في حياة القرن الواحد والعشرين. وخطة كهذه يجب أن تشمل عدداً من المحفزات التي تشجع الشباب البدو على التطوع للجيش الاسرائيلي.
يوجد الكثير من البدو الذين نجحوا في الانتقال من الحياة البدوية الى الحياة المدنية بشكل شخصي، ويجب الطلب منهم الاسهام في هذه الجهود. يحتمل أنه لم يتأخر الوقت بعد لتقديم اليد للبدو في النقب لدمجهم في المجتمع الاسرائيلي والاقتصاد الاسرائيلي.