من الصعب أن نفهم ما الذي مر في رأس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حين أثنى، هذا الاسبوع، في التويتر حول نية الرئيس دونالد ترامب بناء سور ضد المهاجرين غير القانونيين على حدود بلاده مع المكسيك. لعل نتنياهو اعتقد بان ترامب سيكون مدينا له. ولعل السفير رون ديرمر، المقرب اليوم من البيت الابيض بقدر لا يقل عن مكتب رئيس الوزراء، حثه على ذلك. لعله طلب استغلال الفرصة كي يتباهى ببناء الجدار على الحدود الجنوبية.
مهما يكن من أمر، فقد كانت التغريدة غبية وضارة. لقد أدخل نتنياهو نفسه في جدال سياسي داخلي في الولايات المتحدة ووقف الى جانب ترامب وضد المكسيك. في هراء تغريداته، خلق رئيس الوزراء أزمة سياسية حادة مع المكسيك وأثار موجة من اللاسامية، تغضب وتخيف الجالية اليهودية المحلية. وكي يضيف الخطيئة الى الجريمة، رفض نتنياهو أيضا طلب آريه درعي، المنصت للطائفة الحلبية الكبيرة في ماكسيكو سيتي الاعتذار وتنسيق البث. لعله يسير في أعقاب ترامب، الذي يرفض مبدئيا الاعتذار ويرى في ذلك دليل ضعف.
يمكن أن نفهم رغبة نتنياهو في التقرب من الرئيس الجديد. فالامر يخدم المصالح الحيوية لاسرائيل ويعكس ايضا فرحته الشخصية برحيل أوباما. ولكن ثمة فارق كبير بين التقرب المدروس وبين التبطل، التزلف، والسلوك غير اللائق.
إن محاولة نتنياهو بتغريدته محاكاة اسلوب ترامب المتقطع والهازئ وإن كانت محرجة، الا ان دخوله في مواجهة سياسية حادة في أميركا متهورة بحد ذاتها. فقد سبق لنتنياهو أن خرب العلاقات مع الحزب الديمقراطية ومع قسم مهم من الجمهور الاميركي حين تجاوز اوباما قبل سنتين وخطب أمام الكونغرس عن الاتفاق النووي مع ايران. ولكن كان الحديث في حينه يدور على الاقل عن مصلحة اسرائيلية جوهرية، بينما يتجند هو الان لصالح رئيس جمهوري دون أي مبرر أو منطق منظور للعيان.
على رئيس الوزراء أن يحرص من التماثل المبالغ فيه مع ترامب. فبعد عشرة ايام في المنصب، اصبح الرئيس الجديد منذ الان الزعيم المكروه في العالم وموضع الخلاف في أميركا. فقد أثارت الخطوات الاخيرة ضد الهجرة الاسلامية غضبا غير مسبوق وأخرجت الجماهير الاميركية الى الشوارع. وتنكره للعنصر اليهودي في الكارثة، والذي هو على حدود النكران اللاسامي، أثار عليه اليهود من اليسار ومن اليمين على حد سواء. اذا لم يكن لدى نتنياهو الشجاعة لانتقاد ترامب، فليكن لديه على الاقل العقل للسكوت.