في بيان لافت للنظر، ومثير للجدل، قال البيت الأبيض الأميركي، بعد صمت مريب، منذ تسلم ترامب مقاليد الحكم، وطرح المزيد من المشاريع الاستيطانية إن المستوطنات الحالية، لا تعيق السلام، لكن التوسع وبناء مستوطنات جديدة، قد لا يخدم السلام!
البيان في مضمونه، يحمل تناقضاً صارخاً، فهو يشرع الاستيطان من جهة، ويوحي بأنه يدعو لوقفه.
البيان جاء بعد صمت الإدارة الأميركية، إزاء مشاريع استيطانية غير مسبوقة، وبعد تصرف حكومة نتنياهو، بأن إدارة ترامب، مع الاستيطان، ولن تعارضه، ولا تعارض مشاريعه الجديدة.
مما لا شك فيه، أن الحكومة الإسرائيلية، ارتبكت، ولعلّ ما صرح به سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، بأنه من السابق لأوانه، معرفة كيف سيؤثر، هذا البيان، على مساعي إسرائيل الأخيرة، لبناء منازل جديدة، في الضفة الغربية، على عمليات البناء في المستقبل.
مما لا شك فيه، أن بيان الإدارة الأميركية الجديد، بشأن الاستيطان، يتعارض مع خطط الحكومة الإسرائيلية ومراميها، ولعلّ أهميته تنبع من كونه جاء بعد صمت الإدارة الأميركية الجديدة، وقبل لقاء ترامب نتنياهو، الذي سيبحث في عدة شؤون استراتيجية، لعلّ الاستيطان أهمها.
من وجهة النظر الفلسطينية، فإن الاستيطان برمته، عمل غير مشروع، وبأن إنهاء الاستيطان، كلياً ونهائياً، هو أمر توجبه مقررات الشرعية الدولية والقانون الدولي، ولا تخلي عن أي ذرة تراب من الأرض الفلسطينية، لكن ومع ذلك، فإن في بيان الإدارة الأميركية، الجديد، ما يدعو للارتكاز عليه، وهو بأن تواصل الاستيطان، سيدمر عملية السلام كلياً ونهائياً!
لذا، فإنه ومن الواجب سياسياً، تثمين الموقف الأميركي، المتعلق بأي استيطان جديد، مع الاحتفاظ بالحق الوطني الفلسطيني، بإنهاء الاستيطان، على اعتبار أنه يشكل عدواناً على الحقوق الوطنية من جهة، وما يشكله من عقبة في وجه إقامة سلام عادل وشامل.
ما يمكن تلمسه في البيان الأميركي الجديد، أيضاً، هو تراجع ملحوظ، بين ما كان يصرح به ترامب، إبان حملته الانتخابية، وبين مضمون البيان، ولعل هذا التراجع، يستند إلى مواقف وتقديرات الإدارات الأميركية، وإلى الملفات السياسية الأميركية، الخاصة، بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، والتي توجت بالموقف الأميركي، أواخر عهد أوباما، والتصويت الذي جرى في مجلس الأمن.
الموقف الأميركي الأخير، يحتاج إلى بحث جدي ومعمّق، بين إدارة ترامب، ورئاسة ترامب، و م.ت.ف، ممثلة بالسلطة، كطرف رئيس، لا يمكن القفز عنه، فيما يتعلق، بمستقبل الضفة الغربية، وما يستجره الاستيطان، من مشكلات وعقبات، لها تداعياتها في الشرق الأوسط، عموماً.
هنالك مجريات ستحدث، قبل لقاء نتنياهو - ترامب، وبعده، وعلينا مراقبة ذلك، ومن ثم التعامل معه، على أسس الحفاظ على الكيانية السياسية الفلسطينية من جهة، مع الحفاظ على الثوابت الوطنية، ومحاولة فتح حوار جاد مع الإدارة الأميركية الجديدة.
هنالك من الوقائع الميدانية، التي، لا يمكن القفز عنها، ولعل أهمها الوجود الفلسطيني، فوق أرضه، وما هو متاح من وطنه، وبأن هذا الوجود، لا يمكن شطبه، أو إلغاؤه، تحت أي رؤية، أو تصور.
لا سيما وأن هذا الوجود، بات وجوداً قائماً، ليس بالمعنى الفيزيائي فحسب، بل وجوداً سياسياً، يحظى بالدعم والتأييد والاعتراف به إقليمياً ودولياً، لدرجة يمكن القول معها، إن الدولة الفلسطينية، باتت حقيقة قائمة، سياسياً، وبات تجسيدها جغرافياً مسألة وقت فقط!
البيت الأبيض يرفض تصريحات للكرملين تتعلق بدعم أوكرانيا
02 أكتوبر 2023