الانتخابات البلدية التي أقرها مجلس الوزراء الفلسطيني في الثالث عشر من ايار القادم ، تأتي في سياق بعيد كل البعد عما طبخه ويطبخه الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب في مطبخه ازاء العالم عموماً وازاءنا كعرب وكمسلمين وفلسطينيين بشكل خاص ، فقد ارسل سهامه العنصرية تجاهنا في موضوع نقل السفارة كاستعداء مباشر لشعبنا ولقضيتنا التي اعتقدنا انها بعد سبعة عقود من الظلم والاستعباد والاستعمار والاحتلال والاستيطان والقتل والحصار والاعتقال والاغلاق قد اصبحت قضية العالم الحر والمتمدن ، صاحب ذلك اعلان اسرائيل عن بناء ستة الاف وحدة استيطانية جديدة منذ مطلع العام الجديد ومجيء الرئيس الجديد ترامب الى البيت الابيض ، دون ان يصدر عن هذا البيت / المطبخ اي نوع من انواع الشجب او حتى الانتقاد كما جرت العادة ، بل ان هذا الصمت المشبوه والارعن ، يتنصل من قرار مجلس الأمن الاخير رقم 2334 الذي ادان الاستيطان ودعا الى وقفه .
صحيح أن العالم يتحمل مسؤولية استمرار هذا الاستيطان بوتائر رهيبة ، لكنا ايضا نتحمل مسؤولية ان نكون رأس حربة مقاومته كشعب لم ينفض يده من التصدي لكل هذه المؤامرات التي تحاك ضده صيفا وشتاء معراخا وليكودا ، اوباما وترامب وقبلهما بوش وكلينتون وريغان وكارتر وكل الاسماء السوداء في قائمة تراث نضال شعبنا المتواصل .
الذهاب الى انتخابات بلدية في ظل ظروف خطرة تتهددنا وتتهدد وجودنا ، تعني اننا لا نحسن تقدير هذه المخاطر ، او اننا نتعامل بها على انها عبارة عن مجرد شائعات او انها مخاطر تتهدد جيراننا ، ناهيك ان الموقف الرسمي من ترامب اقواله وافعاله ظلت دون مستوى التصدي او حتى رفع وتيرة استشعار الخطر الداهم ، بما في ذلك وصول بعض الدول العربية الوازنة ان تؤيده في خطوته الاخيرة حظر سفر رعايا سبع دول شقيقة .
الانتخابات البلدية ، أثارت موجة جديدة من المناكفات القديمة ، وأعلنت حماس وغيرها من الفصائل عن رفضها ، وبالتالي ستقتصر على الضفة الغربية فقط ، وستفوز بها الحركة الحاكمة بدون منافس او منازع ، في حين ان مواجهة ترامب ومخلبه القاتل نتنياهو ، تتطلب في الحد الادنى اعادة الوحدة بين مكونات هذا الشعب ، وذلك اضعف الايمان .
إن مواجهة ترامب برؤساء بلديات جدد منتخبين ديمقراطيا في نصف الوطن ، ضفة غربية بدون غزة ، لن يغير كثيرا من برامج الرجل الفاشي ، ولن يستطيع مواجهته او مقارعته ، ولا حتى لو وافقت حماس على خوض الانتخابات او حتى الفوز فيها ، ذلك شأن بعيد جدا لا يتقاطع أبدا مع ما يعده ويخطط له ترامب ونتنياهو . كأن كاسترو الذي رحل قبل ثلاثة اشهر والذي ناهض امريكا عبر احد عشر رئيسا من رؤسائها لم يعلمنا شيئا من ذاك القبيل .