لماذا يدقون طبول الحرب ضد غزة؟

505d03102f331569612bcccc5e496d03
حجم الخط

«أنتم أسياد الحرب دمرتم العالم... أنتم لم تفعلوا أي شيء من اجله عدا زرع الدمار من حولكم. أنظر في عيونكم وأرى عقولكم المخيفة»، («أسياد الحرب»، بوب ديلين، ترجمة يونتان غيفن).
ها هم أسياد الحرب خاصتنا يعودون، ولا يفوتون أي ميكروفون من اجل التهديد والدفع نحو حرب اخرى، ولا أحد يسأل لماذا؟ ماذا حدث؟ الشمال هادئ والجنوب ايضا بشكل نسبي، ولكن مرت سنتان ونصف السنة على الحرب الاخيرة، والـ «دي.ان.ايه» الاسرائيلي يريد جولة اخرى والمزيد من سفك الدماء. أيضا المناصب الحالية تتداخل – وزير بناء أم وزير تعليم – من لديه عقل ليفكر في ذلك؟ خمس وحدات في الرياضيات والسكن العام أمور رمادية. يحتاج الى حرب اخرى، يمكن أن يأتي بعدها المنصب المأمول.
تسير غزة بسرعة الى موتها. بقي لسكانها فقط ثلاث سنوات للحياة حسب تقرير الأمم المتحدة الذي يفيد بأنها ستكف عن كونها مكاناً مناسباً لحياة البشر في العام 2020. وقد أصبحت منذ زمن قفصاً غير صالح للحياة. وعندما لا تقوم غزة بإطلاق النار، فلا أحد يهتم بمصيرها. ورغم كل شيء، لا تقوم «حماس» باطلاق النار، لكن يكفي صاروخان غير منضبطين كي تقوم اسرائيل على الفور بـ 19 طلعة جوية وتخرج جميع من يؤيدون الحرب لدينا من جحورهم.     
عيون يوآف غالنت تلمع، ويبدو أن اللون يعود لوجهه عندما يتحدث عن غزة. «لقد وضعت اشارة في الربيع القادم»، قال سيد الحرب هذا، الذي يحلم بالعودة والقتل في غزة، مثلما فعل في «الرصاص المصبوب». لماذا في الربيع؟ ربما لأن شارل ازنبور وعد («في الربيع ستعودين»). لم يفوت غالنت، الاسبوع الماضي، أي وسيلة من وسائل الاعلام، باستثناء «صوت الموسيقى»، لتأجيج النار والتحدث عن الحرب. من الذي سيجري مقابلة مع وزير البناء الفاشل والرمادي هذا، الذي ضاق ذرعا منه وزير المالية ايضا، اذا لم يتحدث عن غزة؟ في البناء لم يسجل أي انجاز، لذلك هو يحاول العودة الى الهدم. و»الليكود» ينتظره.
وزارة الدفاع أيضا أمنية وزير التعليم. ومن اجل الوصول الى هناك يجب تأجيج النار. تقرير الانفاق لا يكفي لذلك. لهذا فان نفتالي بينيت ايضا يحلم بالحرب. «جولة الحرب القادمة قريبة»، هذه نبوءته التي تتحقق دائما في إسرائيل، وهو لا يحاول إخفاء رغبته في العودة الى حقول القتل في الشجاعية والمحادثات السرية مع الضباط.
أفيغدور ليبرمان، بالطبع في منصبه الجديد والمؤقت كشخص معتدل، لن يفوت الفرصة. «لن نتوقف حتى يقوم الطرف الثاني بالصراخ»، قال. مرة اخرى وعود فارغة بـ»الانتصار» و»الحسم»، التي لن تتحقق. ومرة أخرى يشتري الجميع البضاعة، ومرة اخرى ينتظرون الحرب القادمة وكأنها إرادة السماء.
تصرخ غزة ولا أحد ممن يؤيدون الحرب يسمع. فبالنسبة لهم غزة فرصة للتقدم، وفرصة لتحريك القوات، وتخيل الحرب ضد عدو، ليس سوى جيش من الحفاة، حرب ما هي إلا الهجوم على من لا حول ولا قوة لهم. غزة هي عودة أسياد الحرب الى العناوين، عودة مجدهم وعودة الايام الجميلة والمعارك. باستثناء كل ذلك ليس هناك أي مبرر للخروج الى هجوم آخر على غزة.
يحتمل أن يكون التدهور سريعا. المزيد من التصريحات حول الحرب، المزيد من الردود غير المناسبة من قبل الجيش الاسرائيلي نحو كل طائرة ورقية تحلق في غزة – وسنصبح داخلها. ايضا «الرصاص المصبوب» و»الجرف الصامد» اسرائيل هي التي تسببت بهما أكثر من غزة. لن نستطيع قول «سيجار» و»شمبانيا» – عندما يكون الجيش الاسرائيلي في غزة. وليس هناك من يصرخ «توقف». وليس هناك من يقول إن من لا يرغب في الحرب يجب عليه فتح غزة وعدم تدميرها مرة ثالثة ورابعة وخامسة. ولكن قول ذلك بحاجة الى جرأة، وهي الصفة الاكثر غيابا لدى أسياد الحرب عندنا. «لن يسامحكم الله»، كما قال الحائز على جائزة نوبل في الآداب للعام 2016.