حظي رئيس الوزراء الإسرائيلي، باستقبال مميز وحميم، في البيت الأبيض الأميركي، ولقاء مميز بالحرارة ما بينه وبين الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. لكن ذلك، لا يحول دون قراءة ما بين السطور، من تباينات في الرأي، ان لم نقل خلافات جدية، تتعلق بالاستيطان وحل الدولتين.
لعل المتابع للشأن الأميركي، وما حملته الحملة الانتخابية، للرئيس ترامب، يمكنه ان يلحظ، بوضوح، تراجعا واضحا، في ما ورد في المؤتمر الصحافي، الأميركي - الإسرائيلي، في البيت الأبيض، وهو مؤتمر جرى، عملياً، حتى قبل بدء المباحثات الرسمية.
هنالك نقاط أراد الرئيس ترامب، قولها، حتى بدء المباحثات الثنائية، الإسرائيلية - الأميركية، وأبرزها، ما يتعلق، بحل الدولتين والاستيطان.
ما قاله ترامب، اول من أمس، إبان المؤتمر الصحافي، بأن الولايات المتحدة، ستدرس حل الدولتين وحل الدولة الواحدة، على ضوء المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، وما يتوافق عليه الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، بمعنى أنه لم يرفض حل الدولتين، وفي الوقت ذاته، لا يتبناه، كحل وحيد، وهنا سيمثل ذلك، في نظر الإسرائيليين، ثغرة يمكن للفلسطينيين، استغلالها وتوظيفها، في مسار العلاقات الأميركية - الفلسطينية، في عهد ترامب. لا يمكن تفسير الموقف الأميركي، هنا، بأنه تبنى واعتمد الموقف الإسرائيلي، من جهة، كما وأنه لا يمكن اعتباره، امتداداً للموقف الأميركي السابق، الذي يجد في حل الدولتين، طريقاً للوصول الى السلام في الشرق الأوسط.
فيما يتعلق بالاستيطان، فإن الدعوة لوقفه، تعني عملياً إيصال حكومة نتنياهو، للطريق المسدود، ودخولها في أزمة حقيقية. ولعل اللقاء المغلق، ما بين نتنياهو وترامب، سيتناول هذه النقطة وفي العمق.
هنالك اعتبارات أميركية، تمس الوضع الأميركي، الداخلي وفي الصميم، ذلك ان السياسة الأميركية، وخاصة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، لها ركائز ومؤثرات، تتجاوز فلسطين وإسرائيل، لتصل الى أطراف إقليمية ودولية، شديدة التأثير بالولايات المتحدة، وما تتخذه من سياسات ازاء هذا الصراع المعقد والمتشابك.
ما اكدته الرئاسة الفلسطينية، بأنها مستعدة للتعامل بإيجابية، مع إدارة ترامب، لصناعة السلام، يأتي في سياق التعامل الإيجابي، مع ما يجري من تحولات إقليمية ودولية، وهي سياسة حكيمة، ومرنة ومتوازنة، في آن.
من السهل الانسياق وراء الدعاية الإسرائيلية، التي تصور الأمور، وكأن ترامب واحد من أعمدة السياسة الإسرائيلية، وبأن هنالك توافقات شبه تامة، ما بين حكومة نتنياهو وترامب. ومن السهل إيراد، كل ما هو سلبي وسوداوي، في تصوير الأمور، وكأن الأمور، وصلت حد الجدار.
حقيقة الأمور، أن ترامب، هو رئيس وحاكم، لكنه في الوقت ذاته، محكوم بما تراه، وتتخذه دوائر الحكم في الولايات المتحدة، ولا يمكنها ان تقفز، فوق اعتبارات باتت قائمة، وتشكل حدوداً وتخوماً، وأبرزها ان الفلسطينيين، باتوا كياناً سياسياً، يمثل دولة في حقيقة الأمر .. وبأن لهذه الدولة، الحق في السيادة والعيش، في هذا العالم.
عملياً، ومنهجياً، لا يمكن للقاء نتنياهو - ترامب، ان ينتهي دون فتح الباب، على مصراعيه، للقاء ترامب، مع الرئيس محمود عباس (ابو مازن)، للاستماع منه مباشرة، عن رؤيته، وحدود تحركه في المستقبل القريب، ومحاولته البحث عن نقاط أميركية - فلسطينية، مشتركة بما يعزز السياسة الأميركية الخارجية من جهة، والسياسة الأميركية العربية والإسلامية، من جهة أُخرى، وفي ذلك، مصلحة أميركية - فلسطينية، مشتركة، إن لم نقل أميركية - فلسطينية - إسرائيلية مشتركة.