على ضوء قرار المحكمة الدستورية العليا الصادر بتاريخ 23/1/2017 حول تفسير النص القانوني بشأن الجمع بين الراتب والحقوق التقاعدية للعاملين في القطاع العام، عقد ائتلاف أمان وبالشراكة مع الهيئة المستقلة لحقوق الانسان جلسة نقاش مع الاطراف ذات العلاقة والاختصاص، لتسليط الضوء على هذا القرار من الناحية القانونية والمالية والإدارية، وتحديات التطبيق المتوقعة.
وقال الدكتور عزمي الشعيبي، إنه لا يمكن لأي سلطة أن تكون رشيدة في غياب مجلس تشريعي يراقب على أعمالها، ولا يمكن بناء نظام ديمقراطي دون فصل واضح بين السلطات الثلاث، مضيفاً أن من اجتهد في إعداد القانون الأساسي الفلسطيني كان يشرع لبناء دولة بنظام نيابي برلماني وديمقراطي، وعليه فصل القانون الأساسي الفلسطيني بين السلطات.
وأضاف، أنه لحل أي إشكاليات بين السلطات الثلاث يجب إنشاء محاكم دستورية، على أن يتمتع قضاة هذه المحاكم بالخبرة والمعرفة العالية التي تفوق مستوى المحكمة العليا التي كانت تقوم بمهام المحكمة الدستورية قبل إنشائها.
وأشار الشعيبي إلى أنه ومنذ نشوء السلطة وهناك إشكاليات تتعلق بالتقاعد نظراً لوجود نظامين الأول في غزة والثاني بالضفة، معتبراً أن الحالة استمرت هذه الحالة إلى حين صدور قانون خاص فلسطيني.
وتابع، "في السنوات السابقة، تم اتخاذ قرارات ذات طابع إداري ومالي ارتجالية كما حصل مع تقاعد العسكريين المبكر، إضافةً إلى استدانة الحكومة من أموال هيئة التقاعد وعدم الالتزام بتحويل مستحقات الهيئة لديها، كما قامت الحكومة بتحويل جزء من أبناء التنظيمات إلى التقاعد وغيرها من الحالات التي خلقت حالة فوضى بين الهيئة والخزينة العامة".
وفيما يخص قرار المحكمة الدستورية بشأن الراتب التقاعدي لرئيس ديوان الرقابة، أوضح الشعيبي أن القرار ساوى بين كل الحالات مع أن هناك أكثر من تصنيف، منوهاً إلى أن المحكمة الدستورية ذاتها أرسلت مسودة قانون تطلب فيه أخذ حقوق تقاعدية أكبر من باقي القضاة ما يعتبر إخلالاً بمبدأ المساواة بين القضاة.
من جانبه قدّم موقف الهيئة المستقلة لحقوق الانسان الباحث عمار جاموس، حيث أشار إن الهيئة راجعت قرار المحكمة من ناحية حقوق الانسان وحق المساواة ومبدأ عدم التمييز وحسن سير النظام المالي والحكم الرشيد.
وأوضح الباحث، وأنّ الهيئة تتفق مع ما انتهت إليه المحكمة الدستورية من عدم جواز الجمع بين الراتب الشهري للوزير أو لرئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية، والراتب التقاعدي الذي يتلقاه من هيئة التقاعد العام، داعياً إلى تنفيذه على الكافة، انطلاقاً من مبدأ المساواة وعدم التمييز أمام القانون، ومن مبادئ الحكم الرشيد، وحسن النظام المالي.
وأشار أبو جاموس إلى أن الهيئة تعتقد أن النظر والبت في طلب التفسير محل الورقة يرجع إلى القضاء الإداري ممثلاً بمحكمة العدل العليا، وليس إلى القضاء الدستوري ممثلاً بالمحكمة الدستورية، فكان بالإمكان تقديم طعن من أصحاب المصلحة وهم الأشخاص الذين يتساوون مع رئيس الديوان في المركز القانوني، ولا يتقاضون راتباً تقاعدياً إضافة إلى راتبهم الشهري، وكان من الممكن أن تقضي في النتيجة إلى عدم قانونية القرار رقم (61) لسنة 2010، بالاستناد إلى المادة (22) من قانون التقاعد الأردني لسنة 1959 وتعديلاته، والمادة (09) من القانون الأساسي المعدل وتعديلاته، ومن الممكن تعزيز حكمها بالقول إن راتب هيئة التقاعد مصدره الخزينة العامة، مع الأخذ بعين الاعتبار ما يترتب على ذلك من آثار.
هيئة التقاعد مستقلة ماليا واداريا واموالها ليست جزءا من الخزينة العامة
وبدوره أكد بدر عمارنة ممثل هيئة التقاعد، على أن الهيئة مستقلة مالياً وإدارياً، وأموالها مستقلة عن الخزينة العامة، مشدداً على وجود حالة فوضى في العلاقات فيما يخص قانون التقاعد.
وأضاف، أن قانون التقاعد لم ينه حالة التداخل مع القوانين التي كانت سارية سابقا، وأنه من المتوقع وبحلول العام 2021 أن تنتهي حالة التداخل هذه في القوانين التقاعدية.
وفيما يتعلق بقرار المحكمة، فقد أشار السيد عمارنة الى ان المحكمة تجاوزت القرار التفسيري ودخلت على غير اختصاصها باتخاذها لهذا القرار، متمنياً على المحكمة الدستورية أن ترد القرار شكلاً.
كما أكد المستشار القانوني لديوان الرقابة المالية والإدارية الأستاذ جفال جفال، على أن التعليق على الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية بشأن رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية لا يعني عدم قبول القرار.
وأشار جفال إلى أنه لم يتقدم الديوان بطلب التفسير ولا يعتبر جهة مخاطبة بشكل مباشر بنتائج القرار للتنفيذ، حيث تقع مسؤولية تنفيذ القرار الصادر عن المحكمة على هيئة التقاعد العام ووزارة المالية وبما يتوافق والقرار الصادر بشأن جميع المخاطبين بأحكامه (الحاليين والسابقين) من الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي والمحافظين ومن هم بدرجة وزير ورؤساء المؤسسات الدستورية والمؤسسات العامة ورئيس الديوان.
من ناحيته أشار القاضي أسامة الكيلاني من نادي القضاة، إلى أنه وبالنسبة للمحكمة الدستورية فإننا سنبقى في جدل بسبب تشكيلتها وتجاوزها لكثير من اختصاصاتها حيث تخرج المحكمة من إطار التفسير الى إعطاء احكام، موضحا أن القرار الجاري نقاشه ليس من اختصاص المحكمة وكان عليها رد الدعوة شكلاً.
وأكدت النائب عن كتلة فتح نجاة الاسل، أن المحكمة تجاوزت اختصاصها وتدخلت في قضايا تتعلق بأشخاص،
وتابعت قرارات كان بالإمكان نقاشها في مجلس الوزراء أو محكمة العدل العليا أو المجلس التشريعي.
ومن الجدير ذكره أن اللقاء حظي بحضور حقوقيين وقضاة وأكاديميين وصحفيين ومؤسسات مجتمع مدني، حيث اجمع الحضور على ضرورة مراجعة موضوع المحكمة الدستورية ودورها كون كل قرار صادر عنها يخلق إشكاليات تزيد الأمور سوءاً.