انطلقت اليوم الأربعاء، أعمال المؤتمر الوطني الأول للتنمية الاقتصادية المحلية، الذي تنظمه وزارة الحكم المحلي في مدينة رام الله، بحضور ومشاركة رئيس الوزراء رامي الحمد الله.
وقال الحمد الله، في كلمته بالمؤتمر، "يسرني أن أشارككم اليوم افتتاح فعاليات المؤتمر الوطني الأول للتنمية الاقتصادية المحلية، وان التقي هذا الحشد المميز من قادة وممثلي العمل التنموي في مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لتسليط الضوء ومناقشة الجهود المشتركة والمبادرات والتوجهات الوطنية للنهوض بالتنمية الاقتصادية، وانقل لكم تحيات الرئيس محمود عباس، وتمنياته لكم ولأعمال مؤتمركم النجاح والتوفيق".
وأضاف: "لقد أكدنا من خلال أجندة السياسات الوطنية للأعوام 2017-2022 أن "المواطن أولا"، وأن تلبية احتياجات المواطنين في كافة أماكن تواجدهم، وتقديم أفضل الخدمات لهم، أولوية عليا لدى القيادة والحكومة، رغم كافة التحديات والعقبات، وقد قمنا بتبني التنمية الاقتصادية المحلية كهدف استراتيجي ضمن خطتنا الوطنية، وسنركز عملنا من خلال ذلك على بناء مقومات اقتصادنا الوطني، وتكريس بيئة استثمارية ملائمة، وتعزيز الصناعات الفلسطينية، وتحقيق استقرار أمني داخلي".
وجدد رئيس الوزراء تأكيده بخصوص أحداث "مبنى المحاكم" أن القيادة والحكومة تكفلان حرية الرأي بالكامل، وان كرامة الشهداء والأسرى هي كرامة شعبنا كله، وسيتم تطبيق توصيات لجنة التحقيق التي شكلت بخصوص هذه الأحداث ومحاسبة المخطئ مهما كان، مشيرا إلى أن العمل الأمني مستمر لملاحقة كافة الخارجين عن القانون، وسيقدمون إلى محاكم عادلة، داعيا إلى عدم الانجرار وراء أي محاولات لضرب الوحدة الداخلية وزعزعة أمن المجتمع الفلسطيني.
وتابع الحمد الله: "وفي إطار حرصنا على تكريس بيئة استثمارية محفزة ومشجعة، عملنا على توفير البنى السياسية والقانونية لتعزيز فرص التنمية، وأطلقنا مجموعة من الحوافز والإعفاءات لصالح تنفيذ المشاريع الحيوية وذات الأولوية التنموية خاصة في المناطق المسماة "ج"، كما دعمنا وما زلنا ملتزمين بدعم المنتجات الوطنية، وقمنا بتنسيق الجهود بشكل مستمر مع سلطة النقد لتوسيع التسهيلات المالية الممكن توفيرها لتمويل المشاريع الإنتاجية والخدمية بشكل عام، والمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر بشكل خاص، بما يشكل رافعة للاقتصاد المحلي والوطني أيضا، وأؤكد في هذا السياق استمرار عملنا في إنشاء المزيد من المدن الصناعية في مختلف المحافظات، بما يعمل على النهوض بالتنمية المحلية، وزيادة فرص العمل والحد من البطالة والنهوض باقتصادنا الوطني".
وأردف: "بالرغم من مختلف الصعاب، وإجراءات الاحتلال التعسفية، وسيطرته على مواردنا الطبيعية، تمكنا على مدار السنوات الماضية من تحقيق العديد من الانجازات على صعيد النهوض بالاقتصاد الوطني والتنمية بشكل عام، أبرزها تخفيض ضريبة الدخل، وإنجاز حزمة واسعة من المشاريع الخدمية ذات العلاقة بالتنمية المحلية، وبشكل خاص المتعلقة بالبنية التحتية، وتوفير مجموعة من البرامج المتنوعة لخدمة القطاع الخاص في مجالات تنمية الصادرات، وتحديث الصناعة، ودعم المنتج المحلي، وتنمية القطاع الزراعي".
واستطرد الحمد الله: "كما أنجزت الحكومة شبكة علاقات اقتصادية وتجارية واسعة مع الدول الشقيقة والصديقة، تتمتع بموجبها دولة فلسطين بأفضليات تجارية داخل أسواق تلك الدول لصادراتها الصناعية والزراعية والخدمية، وتمكنا من تخفيض حجم المديونية والانتظام في تسديد مستحقات القطاع الخاص والبنوك، وهو ما لاقى ارتياحا كبيرا لدى القطاع الخاص، وساهم بشكل أو بآخر في تعزيز الإجراءات الهادفة إلى إخراج الاقتصاد الوطني من حالة الركود، إضافة إلى انتظام الحكومة في صرف الرواتب الشهرية لموظفي الدولة، وهو ما ساهم في الحفاظ على ديمومة الدورة المالية في السوق المحلي. كما عملنا على إقرار العديد من القوانين والتشريعات ذات الصلة بالنشاط الاقتصادي، ومنها على سبيل المثال قانون الضمان الاجتماعي وقانون الأموال المنقولة، وهما القانونان القادران عند تطبيقهما على توفير مصادر مالية ضخمة ستساهم بكل تأكيد في نمو حجم التسهيلات المالية، التي ستخدم عملية الاستثمار".
وقال رئيس الوزراء: "إن الحكومة مستمرة في جهودها لرعاية ودعم كافة المبادرات التي تشكل فرصة حقيقية لخلق تنمية اقتصادية محلية ووطنية، وقد تجسد ذلك في رعاية ودعم المؤتمر الاقتصادي الذي تم بمبادرة من معهد السياسات الاقتصادية (ماس)، وتبني مخرجاته، وتشكيل فريق وطني يضم كافة القطاعات ومكونات المجتمع الفلسطيني على الصعيد الاقتصادي لمتابعة العمل على تنفيذها. ويشكل المؤتمر اليوم فرصة هامة للمراكمة على التجارب الاقتصادية الاستثمارية على صعيد الهيئات المحلية، وتبادل الخبرات وتوحيد الجهود للنهوض بواقع التنمية في فلسطين".
وأضاف: "لقد عمدت الحكومة إلى إجراء إصلاحات كبيرة وهامة في قطاع الحكم المحلي، وستقوم بإعادة هيكلته بما يضمن استجابته لاحتياجات المواطنين وأولوياتهم، في كافة التجمعات السكانية وصولا إلى كل مواطن. كما ستعمل الحكومة من أجل تسهيل حصول المواطنين على الخدمات العامة على تنفيذ عدد من المبادرات، من ضمنها: توسيع نطاق خدماتها الإلكترونية عبر تنفيذ برنامج الحكومة الالكتروني، والتوسع في عدد المراكز التي تقدم الخدمات العامة للمواطنين، لا سيما في المناطق النائية والمهمشة".
وتابع رئيس الوزراء: "نتطلع إلى النهوض بواقع الهيئات المحلية والانتقال من الدور التقليدي إلى الدور الريادي في عملية التنمية والنهوض بالواقع المحلي من حيث الاستثمار الأمثل لمواردها، وتفعيل الشراكات مع مكونات المجتمع الفلسطيني فالهيئات المحلية تشكل رافعة للاقتصاد الوطني.
ودعا إلى تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص وكافة الشركاء في التنمية المحلية للنهوض بكافة القطاعات الحيوية والهامة، خاصة القطاع الزراعي والاستثمار في البيئة النظيفة كالطاقة البديلة والصرف الصحي وكذلك الاستثمار في التكنولوجيا".
وأوضح الحمد الله أن سعينا الجاد لعقد الانتخابات المحلية يأتي انسجاما مع أهدافنا في تقديم أفضل الخدمات للمواطنين من خلال النهوض بأداء الهيئات والمجالس المحلية، وأجدد هنا مطالبة حركة حماس الرجوع عن قرارها بتعطيل الانتخابات في غزة، فلا يجوز لأحد حرمان المواطنين من حقهم الدستوري والقانوني، في ممارسة الديمقراطية، وانتخاب ممثليهم، سيما على صعيد المجالس المحلية والبلدية، فإجراء الانتخابات في الضفة وغزة، سيشكل عاملا محوريا في دعم جهود حكومة التوافق الوطني لتوحيد المؤسسات الحكومية، ومدخلا لتحقيق الوحدة الوطنية ووضع حد للانقسام، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية".
وأشار إلى أن تزامن تعزيز إسرائيل من استيطانها والاستيلاء على الأراضي وعمليات الهدم للبيوت والمنشآت الزراعية والصناعية خاصة في المناطق المسماة "ج"، مع التراجع الهائل للمساعدات الخارجية لمؤسسات الدولة الفلسطينية يحتم علينا الدخول في حوار صريح مع أسرة المجتمع الدولي حول الآثار المدمرة التي تخلفها التقليصات هذه، خاصة على فاعلية عمل مؤسساتنا، وقدرتنا على الاستجابة الفاعلة في تلبية احتياجات المواطنين في مختلف أماكنهم".
وجدد الحمد مطالبته مؤسسات المجتمع الدولي، والدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية لاتخاذ خطوات عملية وجدية ليس فقط من أجل الضغط على إسرائيل لوقف استيطانها وانتهاكاتها بحق أبناء شعبنا، وقراراتها العنصرية خاصة التي تستهدف حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية، بل وإنفاذ قرارات الشرعية الدولية بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مضيفا: "لا تنمية مستدامة مع الاحتلال ولا استقرار في المنطقة بأكملها مع وجود الاحتلال".
وشكر وزارة الحكم المحلي والقطاع الخاص الفلسطيني وللشركاء الدوليين على جهودهم في تنظيم المؤتمر، آملا لهذا المؤتمر النجاح، والإسهام في النهوض بالتنمية الاقتصادية المحلية، وتحقيق الأهداف المرجوة منه.
بدوره، قال وزير الحكم المحلي حسين الأعرج، إن المؤتمر يمثل عهدا جديدا في قطاع الحكم المحلي، مستجيبا لأجندة السياسات الوطنية للأعوام 2017-2022، التي اعتمدت التنمية الاقتصادية المحلية أساسا في عمل الهيئات المحلية.
وبين أن المؤتمر يهدف إلى بحث سبل تطوير البيئة القانونية وصولا الى بيئة جاذبة للاستثمارات المحلية، كذلك المحور التمويلي وتطوير المصادر التقليدية للهيئات المحلية، للمساهمة في تعزيز العلاقة مع المؤسسات المالية الوطنية وتخفيف العبء المالي عن الخزينة العامة.
وأشار إلى أن المؤتمر يؤسس الى تبني اللامركزية الاقتصادية كجيل ثالث، بعد أن تبنى الفكر المحلي الفلسطيني المعاصر اللامركزية الإدارية في تقديم الخدمات، واللامركزية المالية لتعزيز التمويل الذاتي.
وبين أن المؤتمر سيسلط الضوء على الإجراءات الحالية المتبعة في قطاع الحك المحلي وكيفية تطويرها بما يساهم في تسهيل هذه الاجراءات وتبسيطها امام المستثمرين واصحاب المنشآت التجارية، كما سيخصص المؤتمر جلسات في الفترة المقبلة لتشجيع الاستثمار في قطاع النفايات والطاقة والشركات مع الهيئات المحلية.
وقال الأعرج: إن إبراز الميزة التنافسية لأي تجمع سكاني يعتمد على التعاون التكاملي بين كافة الشركاء، بحيث يمكنهم من الاستثمار، ويعزز المركز الاقتصادي للتجمع السكاني، ويساهم في تحقيق وتوفير فرص العمل وتحســين الخدمات الأساسية والاستراتيجية، التي من شأنها تعزيز صمود المواطن الفلسطيني.
من جانبه، أكد رئيس اتحاد الهيئات المحلية موسى حديد، أن تحقيق تنمية حقيقية، لا بد وأن تشتمل استراتيجيتها على رفع قدرات الهيئات المحلية وتهيئة مجالسها وكوادرها وطواقمها، وتهيئة البيئة القانونية المناسبة مع متطلبات التنمية القادرة على اخراج الهيئات المحلية من حيز مقدمي الخدمات الى ساحة الابتكار والابداع والاستثمار.
وشدد على ضرورة ايجاد آليات تنسيق واضحة تضمن انسجام الخطط المحلية مع الخطط الوطنية على مبدأ التكامل وتقاسم الأدوار، إضافة الى تشجيع القطاع الخاص ومنحه التسهيلات اللازمة ليكون شريكا فاعلا وقادرا على تحقيق اهدافه في التنمية والبناء.
وقال رئيس اتحاد الغرف التجارية والصناعية خليل رزق، إن الاتحاد يؤمن بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تمثل السمة الغالبة في الاقتصاد الفلسطيني، وتشكل أهم مرتكزات التنمية، وهي شرط أساسي للتنمية المستدامة.