بعد ثلاث سنوات ستدخل القضية الفلسطينية مرة ثانية إلى البيت الأبيض بالزيارة التى سيقوم بها الرئيس محمود عباس ، وهى ألأولى له بعد هذه السنيين، ولقائه الأول بالرئيس دونالد ترامب ، والذى بلا شك سيشكل بداية علاقة جديده بين الرئيسيين، وبداية جديده للعلاقة بالقضية الفلسطينية ، ومن ألأهمية بمكان العلاقات بين الرؤساء لما لها من تاثير وتداعيات مهمة وخصوصا فى الحالة الفلسطينية. وستساهم هذه الزيارة فى بلورة طبيعة الدور الأمريكى فى المرحلة المقبلة ، وقد تكون إيذانا ببدء المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. فالأول مره سيسمع الرئيس ألأمريكى مباشرة من الرئيس محمود عباس عن التصور الفلسطينى للتسوية السياسية الشامله، بعد لقاء الأول للرئيس عبد الفتاح السيسى ، ولقائيه بالملك عبد الله الثانى ، وبهذه اللقاءات يكون الرئيس الأمريكى قد تعرف على الرؤية العربية والفلسطينية.وتاتى هذه اللقاءات بعد اللقاء الأول للرئيس الأمريكى لنتانياهو مباشرة بعد فوزه فى الإنتخابات ومؤتمره الصحفى الذى أكد فيه عدم فرضه لأى حل على إسرائيل، وبعدم حماسه لحل الدولتين، ومطالبته الفلسطينيين بالمفاوضات المباشرة دون شروط مسبقه، وبعد تصريحاته الغير متفائله بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وعدم معارضته للإستيطان ،وتأكيده على عدم فرض اى قرارات من الأمم المتحده ضد إسرائيل، بل ومطالبته بإلغاء القرار الذى أصدره مجلس الأمن فى الشهر الأخير من حكم أوباما، رقم 2334 الذى يدين كل الإستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية. وبعد ان شكل فريقه الكامل ، وهم من اكثر المؤيدين لإسرائيل، وخصوصا سفيره فريدمان. هذا اللقاء سيأتى فى اعقاب تحولات وتطورات مهمه تمهد لزيارة الرئيس محمود عباس، أولها عقد ألقمة العربية فى عمان، والتى أكدت على شرعية الرئيس عباس ، والتمسك بالمبادرة العربية كإطار عام للسلام مع إسرائيل،والربط بين اى مبادرات للسلام الإقليمى وقيام الدولة الفلسطينية. وتأتى أيضا بعد اول زيارة للمبعوث الخاص للرئيس الأمريكى غرينبلات ، والذى إلتقى بالفلسطينيين والإسرائيليين، وكل هذه اللقاءات ساهمت فى تكوين رؤية ولو محدوده لدى الرئيس الأمريكى عن الصراع الفلسطينى ألإسرائيلى ، والخيارات المحتمله للتسوية. وكانت النتيجة السريعة لهذه الخطوات، وقف نقل السفارة ألأمريكية من تل ابيب للقدس، ومطالبة نتانياهو بعدم التوسع خارج المستوطنات القائمة ، وبالإعلان الصريح عن رغبة الرئيس ألأمريكى فى إنهاء هذا الصراع الذى فشلت فيه كل الإدارات الأمريكية السابقة. هذه التحولات بعثت قدرا من التفاؤل لدى الفلسطينيين بان الرئيس الأمريكى الجديد لديه القدرة والقوة للعب دورا اكثر فعالية من الدور الذى لعبه الرئيس اوباما على مدار ولايتين، وكان عاجزا عن ممارسة ضغط على نتانياهو لتجميد الإستيطان والشروع بالمفاوضات، رغم الرحلات المكوكية التى قام بها وزير خارجيته جون كيرى للمنطقة. ومما يساعد الرئيس الأمريكى التاييد أو ألأغلبية التى يتمتع بها الحزب الجمهورى فى الكونجرس ألأمريكى. الرئيس الأمريكى يريد ان يحقق إنجازا تاريخيا يسجل له فى إنهاء هذا الصراع الفلسطينى الإسرائيلى ، ولكن بطريقته وتصوراتها التى تقوم على إستراتيجية الصفقة التجارية الكبرى ، والتى يحقق من ورائها الربح الكبير، مقابل تنازلات يقدمها طرفى التفاوض. وتأتى هذه الزيارة فى ظل تحولات إقليمية ودولية قد لا تعمل كثيرا لصالح الموقف الفلسطينى ، فحالة الإنقسام السياسى الفلسطينى تفرض نفسها على اى مفاوضات فلسطينية أمريكية ، والموقف العربى فى اضعف حالاته، وكل دولة عربية تولى قضاياها الداخلية أولوية ، والموقف الدولى ليس أحسن حالا بتداخل وتشابك ملفاته فى كثير من مناطق العالم كسوريا وكوريا وإيران وغيرها.، وفى الوقت ذاته تحكم إسرائيل حكومة يمينية متشدده ترفض وقف الإستيطان وقيام الدولة الفلسطينية. يذهب الرئيس الفلسطينى وهو يدرك كل هذه التحولات والتطورات، ويدرك صعوبة الزيارة ، لكنها فرصة سياسية لإختراق البيت الأبيض وعرض وجهة النظر الفلسطينية لعلها تحدث إختراقا فى تصورات ومدركات الرئيس الأمريكى التى نجح نتانياهو فى تثبيتهأ ، وإعطاء صورة مغلوطة عن الموقف الفلسطينى. ولذا الصعاب والتحديات والمهام كثيرة التى على الرئيس محمود عباس القيام بها فى ساعات قليلة جدا،والتأكيد على إيجابية الدور والموقف الفلسطينى على مدار اكثر من عشرين سنة من المفاوضات، وان الفلسطينيين قدموا من التنازلات الكثير لإنجاح المفاوضات. ولعل اول مطالب الإدارة الأمريكية هى العودة لطاولة المفاوضات ، وهنا صحيح ان الرئيس محمود عباس سيقبل بالمفاوضات، ولكن فى الوقت ذاته التأكيد على جدية الدور الأمريكى ، وما مدى مصداقية الحكومة ألإسرائيلية ، والمطالبة باكمال صفقة ألأسرى التى أوقفتها إسرائيل مع السلطة ، والتأكيد أيضا على مرجعية محدده لمفاوضات لها هدف، وان الهدف ليس المفاوضات من اجل التفاوض، وانه إذا كان الرئيس الأمريكى راغبا بإنجاز تسوية سياسية تاريخية ، فلا بد من دور أمريكى ضاغط وفاعل وغير متحيز.ويأمل الرئيس ان تكون لقاءا ت الرئيس الأمريكى مع كل من الرئيس عبد الفتاح السيسى والملك عبد الله الثانى قد مهدت الطريق له فى البيت ألأبيض.ومسلحا بموقف عربى داعم أشبه بالتفويض يحمله معه، بالربط بين السلام الإقليمى وقيام الدولة الفلسطينية.وبتأكيد الرئيس الفلسطينى على قضية ألإستيطان وكيف تنهى اى أمل فى مفاوضات ناجحة.إلا إن هذه الزيارة قد تكون الأصعب للرئيس الفلسطينى ، وهى مغايرة تماما لزيارات سابقيه، فحجم الضغوطات التى تواجه الرئيس عباس فى الداخل، ومن إسرائيل، وحجم المطالب الأمريكية المتوقعة والتى تصل لحد المطالبة بإتخاذ مواقف وقرارات قد يصعب على الرئيس إتخاذها وخصوصا ما يتعلق منها بالأسرى والشهداء، والتحويلات المالية لغزة . فكل هذا يفرض على الرئيس عبئا كبيرا فى مدى قدرته اولا فى خلق علاقة خاصه مع الرئيس ترامب يبنى عليها مستقبلا، وقدرته ثانيا فى إقناع الرئيس ألأمريكى ولو جزئيا فى هذه المرحلة بوجهة النظر الفلسطينية ، وتأكيده ثالثا على قدرته على الوصول لتسوية تاريخية ،وانه يمثل شريكا حقيقيا للسلام، وانه إذا لم يتم إنجاز السلام فى عهده ، فقد يصعب أن يتحقق السلام لعقود طويلة ، ودخول المنطقة لحالة من عدم الإستقرار، وإعطاء فرصة للجماعات المتشددة والإرهاب ان يتجددا على حساب عدم حل القضية الفلسطينية. قدرة الرئيس محمود عباس فى ان القضية الفلسطينية ما زال لها حضورها ، وتاثيرها ، كيف ان القوى الإقليمية المتغلغلة فى المنطقة والجماعات الإرهابية تعيش على عدم حل القضية الفلسطينية. ويبقى ان الرئيس عباس بخبرته السياسية الطويلة ،مع اكثر من رئيس أمريكى قادر ان يؤثر فى موقف وتصورات ومدركات الرئيس ألأمريكى التى يحملها عن الصراع الفلسطينيى الإسرائيلى