خلال ندوة حوارية بالأردن.. الدعوة إلى زيادة الدعم العربي لتثبيت المقدسيين والتصدي لمحاولات تهجيرهم

خلال ندوة حوارية بالأردن.. الدعوة إلى زيادة الدعم العربي لتثبيت المقدسيين والتصدي لمحاولات تهجيرهم
حجم الخط

تحدث رئيس جامعة القدس المفتوحة أ. د. يونس عمرو، وأحد أستاتذة كلية العلوم التربوية بالجامعة الأردنية أ. د. اخليف الطراونة، عن مدينة القدس بين الأديان والتاريخ، وذلك في ندوة حوارية أعدتها جامعة الزرقاء ضمن جلسات المؤتمر العربي الأول: "المسؤولية المجتمعية للجامعات العربية"، الذي عقدته جامعتا القدس المفتوحة والزرقاء الأردنية. حيث تولى إدارة الجلسة رئيس جامعة الزرقاء أ. د. محمود الوادي.

وحضر الندوة مجموعة من المهتمين القادمين إلى الأردن من مختلف الدول العربية، كما حضرها نائبا رئيس الجامعة للشؤون المالية د. عصام خليل، وللشؤون الإدارية د. مروان درويش، ومختلف المحاضرين والمهتمين بالتاريخ بجامعة الزرقاء، وعدد من الجامعات الأردنية.

وافتتح الندوة أ. د. محمود الوادي، مشيراً إلى أن العرب ما زالوا يستشعرون الحزن والألم منذ احتلال القدس وفلسطين حتى اليوم، وقد ارتبطت مدينة القدس بالهاشميين ارتباطا وثيقا بالعصر الحديث، ارتباطاً بالرابط التاريخي والديني حيث أوجد الهاشميون عِقدًا شرعياً وأخلاقياً بينهم وبين المقدسات الإسلامية والمسيحية.

من جانبه، تحدث الأستاذ بكلية العلوم التربوية بالجامعة الأردنية، ورئيس الجامعة الأردنية سابقاً أ. د. خليف الطراونة، عن الجانب العاطفي والارتباط الأردني بالقدس، مضيفاً "من يقرأ تاريخ القدس يجد أن المدينة كتب عليها أن تبقى تحت الاحتلالات المختلفة آخرها الاحتلال الإسرائيلي".

وأوضح أن ما يميز السرد التاريخي لما تعرضت له القدس أن المزاعم اليهودية الإسرائيلية لوجود اليهود في القدس غير صحيحة، فقد تواجدوا بفترات مختلفة في القدس ولكن التعداد السكاني لهم لم يتجاوز ألف نسمة فقط خلال مختلف الحقب التاريخية قبل الاحتلال الإسرائيلي.

وقال أ. د. الطراونة، إن ضعف العرب والمسلمين في المنطقة العربية وتواجد الغرب واحتلاله للبلدان العربية أسهم في إعادة زيادة التواجد اليهودي في المدينة المقدسة، وقد بدأت زيادة عدد السكان في المدينة خلال القرن الماضي بشكل كبير، وتكلل ذلك بصدور وعد بلفور واتضاح المؤامرة حول القدس وفلسطين، انطلاقاً من أبعاد سياسية ودينية لكل من يبحث عن موطئ قدم في فلسطين.

ولفت إلى أن المسؤولية المجتمعية التي يعقد المؤتمر حولها تتطلب من الجميع خصوصا العرب أن ينفقوا بشكل أكبر على القدس، فما يخصص للقدس 900 مليون شيكل سنوياً من العرب والمسلمين للقدس في حين ترصد بلدية الاحتلال (8) مليار شيكل سنوياً لتهويد القدس، وكذلك الفهم العام لعامل الوقت بيننا وبينهم يختلف وهم متفقون عليها في التخطيط والاستفادة من عامل الوقت لخدمة إسرائيل.

وشدد أ. د. الطراونة على ضرورة تمكين المواطن المقدسي للثبات على أرضه، مشيراً إلى العديد من المبادرات التي يجري العمل عليها في الأردن من خلال مؤسسات التعليم العالي ومؤسسات المجتمع المدني والهادفة لتثبيت المقدسين على أراضيهم والتصدي لإجراءات الاحتلال الهادفة لترحيلهم.

فالقدس بحسب أ. د. الطراونة، مدينة مستهدفة تنتقل من احتلال إلى أخر وآخرها الهجمة الشرسة من الاحتلال الإسرائيلي لتهويد ما تبقى منها وسط ضعف في التصدي لإجراءات الاحتلال هناك.

من جانبه، قال أ. د. عمرو، إن اليهود اعتدوا على كل شيء، إما بالتحريف أو التزوير أو الانحراف به قولا وعملاً، مشيراً إلى ضرورة عدم اعتماد بعض المرجعيات التاريخية المتوفرة والهادفة لتشويه المدينة وأصولها وجذورها، لأن الحقائق العلمية ثابتة حول عروبة القدس، كما شكك بالروايات الإسرائيلية حول حقيقة الوجود العبراني في فلسطين لأن بعض الباحثين قالوا بوجودهم في أطراف العراق وآخرين قالوا في اليمن.

وأكد أنه لا ارتباط بين اليهودية كدين ومدينة القدس وأن الادعاءات الاحتلالية الصهيونية التي تساق اليوم حول أحقية اليهود بامتلاك القدس وإدارتها ما هو إلا تباك على مجد احتلالي ضائع ولا أساس عقدي لذلك في الديانة اليهودية، مشدداً على أن علاقة اليهود بالقدس كانت دوماً علاقة احتلال حربي ولا ارتباط بين اليهودية كديانة وبين مدينة القدس.

وأشار إلى أن ارتباط المسلمين بالقدس عقدي وتعبدي في آن، مبيناً أن من ينكر حادثة الإسراء والمعراج مثلا يخرج من الدين، كما أن قبلة المسلمين الأولى كانت نحو القدس.

ونوه إلى أن ارتباط المسيحيين بالقدس هو عقدي كذلك لأنهم يؤمنون أن عيسى عليه السلام صلب فيها وصعد إلى السماء منها وسيعود يوما إليها ليصلح حال البشرية.

أما فيما يتعلق باليهود فلا يوجد أي ارتباط عقدي في الديانة وبين القدس، ولا تستند الحركة الصهيونية الاستعمارية اليوم إلى الادعاء بحق اليهود في القدس سوى التباكي على خراب الهيكل المزعوم، مبينا أن لليهود هيكلين الأول هدمه الأشوريون والثاني أحرقه الرومان إن صحت روايتهم.

 ولفت إلى أن الحفريات الصهيونية في المدينة المقدسة اليوم ما هي إلا بحث عبثي عن مجد احتلالي زائل ولا علاقة للديانة اليهودية بها، مشيراً إلى أن المسلمين والعرب يحترمون اليهودية كديانة حيث يقف  المسلمون إلى جانب داود اليهودي باعتباره نبيا من أنبياء الله في مواجهة جالوت رغم انه فلسطيني، في إشارة إلى أن العقيدة الإسلامية والمسلمين عموما يحترمون الديانات الأخرى وهو ما لا تقوم به الحركة الصهيونية الاستعمارية التي تركز على مرحلة تاريخية واحدة من القدس قبل ثلاثة آلاف عام وتتجاهل باقي تاريخ المدينة الذي يمتد لأكثر من ستة آلاف عام. وأشار إلى أن العبرانيين لم يرتبطوا بالقدس سوى كمحتلين غزاة وليسوا أصحاب هذه الأرض.

وحذر أ.د. عمرو المؤرخين والمثقفين من الوقوع في بعض الروايات الإسرائيلية مثل القول إن أصل الفلسطينيين من جزيرة قرب اليونان، مؤكدا أن كلمة الفلسطينيين تعني بالسامية "الفلاحون" وهم أصحاب هذه الأرض واستوطنوا المثلث الزراعي الأوسط من فلسطين وكافة المناطق الساحلية، مبينا أن العبرانيين رغم كونهم محتلين لم يتمكنوا من السيطرة سوى على جزء من المناطق الجبلية وأقاموا مملكتهم فيها ولم يتمكنوا من الاستيلاء على السهل بسبب قوة الفلسطينيين وبأسهم.

وأوضح أن أصل كلمة "كنعان" ليس اسم شخص كما تدعي الروايات الإسرائيلية، بل هي اسم سامي مركب يعني الأرض المنخفضة وهي الأرض التي سكنتها قبائل من الجزيرة العربية قبل نحو 4500 عام، ما يعني ان العرب هو أصحاب هذه الأرض.

وبين أ. د. عمرو أن القدس اليوم تحتاج إلى أمرين: الأول يتمثل بإدراك اليهود أنفسهم بأنه لا حق لهم في القدس وانهم مهما فعلوا من إجراءات تهويدية واحتلالية فيها فإن مصيرها الزوال، لأن عجلة التاريخ تدور وراية الحق ستنتصر في نهاية المطاف.

والأمر الثاني هو أن يدرك الفلسطينيون أولاً والعرب والمسلمون ثانياً أهمية العودة إلى الصواب وإنهاء الانقسامات كي نوحد جهودنا لنصرة المدينة المقدسة.

ونبه أ. د. يونس عمرو إلى أن الصراع الحقيقي في القدس اليوم هو صراع ديموغرافي، لذلك لا بد من توفير كافة سبل الدعم لأهلها وسكانها، مطالباً الأمتين العربية والإسلامية بتوفير الدعم المالي بلا حدود ودون بخل لأهل القدس لتمكينهم من الصمود في وجه المخططات الاستعمارية.

كما تعرض أ. د.  لبناء الهيكل الذي أقيم عام 580 قبل الميلاد، ودمره الأشوريون في السبي الأول ليعيد الفرس احتلال القدس، ويقام الهيكل الثاني من خشب وأحرقه "تيتوس بن هرديان". وكيف عاد الرومان وطردوا الفرس واستولوا على الأرض، ثم انقسام البلاد بين القادة اليونان، حين قدم انطونيوس فلسطين كهدية لكيلوبترا. وعرّج أ. د. عمرو على قصة سيدنا عيسى عليه السلام مع المدينة وسيره في طريق الآلام.

كما فند أ. د. عمرو الادعاءات الإسرائيلية بما يتعلق بالمدينة المقدسة وبيّن الروابط ما بين الإنسان الفلسطيني والعربي المسلم والمسيحي مع هذه البقعة من الأرض وقدسيتها الدينية كجزء أصيل من العقيدة، وكذلك الرابط القومي العربي والوطني الفلسطيني والرابط الروحي والوجداني تجاه القدس.

وسجل أ. د. عمرو الفخر والتقدير للرعاية الهاشمية للقدس، التي كانت أمينة في الماضي والحاضر والمستقبل. والقيادة الفلسطينية حينما وقعت عهد حماية المقدسات في القدس للهاشميين كانت تدرك مكانة الهاشميين وقدرتهم على رعاية هذه المقدسات، ولكن على العرب أن يقفوا معهم.