حظي الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، باستقبال رسمي لائق في البيت الأبيض، وكان لقاؤه مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب ودياً للغاية. شرح الرئيس محمود عباس، الرؤية الفلسطينية لحل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، الذي طال أمده، كما عرض الرئيس ترامب تصوره الأولي للحل. أكد ترامب، على أن دور الولايات المتحدة في هذا الموضوع، هو دور الوسيط والمساعد، وبأنه يرى في الأفق رغبة عند الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي في الحل، وبأن الولايات المتحدة، ستبذل جهودها من أجل التوصل إلى هذا الحل.. لم يحدد ترامب شكل هذا الحل، ولا مضمونه، ولم يأت على ذكر الدولة الفلسطينية المستقلة، بل ترك الأمور غير محددة، لمسارات جهود أميركية قادمة. لم يلوح ترامب بإمكانية ممارسة ضغوط على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، لفرض حل قادم، تاركاً كل ذلك، لما سيبرز وما يستجد في مسارات بذل الجهود الأميركية، وطرائق التعاطي معها.
في الذاكرة الفلسطينية، الكثير الكثير، من تجارب الإدارات الأميركية السابقة، وكيف وصلت جهود سابقة، إلى طريق مسدود، نتيجة التعنّت الإسرائيلي، وعدم التعاطي مع أية حلول، قد تؤدي إلى إنهاء صراع طال أمده. صحيح أن لدى الرئيس ترامب، حزماً وإصراراً للوصول إلى صفقة تاريخية، تنهي هذا الصراع، لكن وفي إسرائيل، من لديه إصرار قوي، للاستمرار في الاستيطان، والحيلولة دون الوصول، إلى أي شيء، مرضٍ للفلسطينيين، استناداً لمرجعيات دولية وشرعية وقانونية. بل فرض الوقائع، على الجميع، إقليمياً ودولياً، ومنه الموقف الأميركي، ذاته!
ما جرى في واشنطن، من لقاء فلسطيني ـ أميركي، وما تضمنه المؤتمر الصحافي الذي عقده، الرئيسان ترامب ـ عباس، يستحق التوقف ملياً، عنده، ورسم آفاق جديدة، لسياسات فلسطينية، تتلاءم مع واقع جديد، بحيث يتم الحفاظ على الثوابت الفلسطينية، بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ذات سيادة، استناداً إلى مقررات الشرعية الدولية، وعاصمتها القدس، وخوض المعركة السياسية القادمة، على هذا الأساس، وما تقتضيه تلك المعركة الضروس..
من خلال ما عرفناه، كفلسطينيين، خلال السنوات الخوالي 1948 ـ 2017 كانت السياسات الأميركية، تنثني أمام التوجهات الإسرائيلية، لتكيف نفسها، مع مرامي تلك التوجهات. علينا ألاّ نتفاءل كثيراً، ولا أن ننظر للمستقبل، نظرة سوداوية... لا نزال في مرحلة الكفاح الوطني، لنيل الاستقلال وبناء الدولة، ولم تصل الأمور، درجة النضوج، على الجانب الإسرائيلي. أمام الجهود الأميركية عقبات كثيرة، وهي ليست على الجانب الفلسطيني، أبرز تلك العقبات، ما يتعلق بالاستيطان واستمراره، وبجوهر الموقف الإسرائيلي، المعادي تماماً لأي شكل من أشكال السيادة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية، سيبرز ذلك واضحاً وجلياً، حتى في بدايات الجهود الأميركية، للتوصل إلى «الصفقة التاريخية»، وفقاً لتعبير ترامب نفسه.
هنالك مصلحة أميركية، في التوصل إلى حل للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ذلك أن الولايات المتحدة، باتت تدرك بأن أي استقرار قادم، في الشرق الأوسط، لا يمكن الوصول إليه، دون حل للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. لكن جوهر السياسة الإسرائيلية، التي تقوم على الابتزاز وفرض الواقع، الذي تريده، يقوم على تفصيل أي حل قادم، على قياس قوتها، وعنصريتها، ومطامعها... ستبرز تباينات وخلافات ما بين التوجه الأميركي، وما تريده إسرائيل. الموقف الواضح والجلي للفلسطينيين سيكون كفيلاً، بإحداث المتغيرات الشرق ـ أوسطية عموماً، والموقف الأميركي تجاهها!
الرئيس الأميركي يصل إلى برلين في آخر زيارة رسمية
18 أكتوبر 2024