... وفلسطين التاريخية من البحر إلى النهر

1922111342527348
حجم الخط

توالت التصريحات من مسؤولين إسرائيليين عقب تشكيل حكومة التطرف والعنصرية حول اعتبار الأرض الفلسطينية على امتدادها حقاً تاريخياً ودينياً لليهود... وآخر هذه التصريحات العنصرية صدرت عن المساعِدة الجديدة لوزير الخارجية الإسرائيلي تسيبي هوتوفيلي عندما وجهت حديثها إلى موظفي الوزارة قائلةً: من المهم القول إن هذه الأرض لنا، كل هذه الأرض، ليس علينا الاعتذار لأننا جئنا إلى هنا". وتحدثت هوتوفيلي في شريط فيديو عن أن حاخاماً فرنسياً من القرون الوسطى يُدعى روشي يرى أن التوراة تبدأ بقصة الخلق: "حتى إذا جاءت شعوبُ العالم تقول لكم إنكم لصوص وتحتلون أرض الغير، تقولون لهم إن هذه الأرض ملكٌ لخالق العالم، وعندما قرر ذلك، انتزعها منكم وأعطانا إيّاها".
لنبدأ من حيث انتهت إليه هذه المسؤولة الإسرائيلية التي تعبر عن فكر فاشي... فكيف انتزعها الله من أيدي الخلق وأعطاها فقط للمهووسة هوتوفيلي... هل هناك "كوشان طابو" نزل من السماء على جدها أو جدتها كي تتملك ما ليس لها ولأجدادها؟! 
من المؤسف أن كثيراً من القيادات الإسرائيلية تحمل هذا الفكر وهذه الرؤية... وكأنّ الله هو ملكيةٌ خاصة لهم، أعطاهم ونسي الآخرين... وهو فكرٌ عنصري يقسم العالم إلى أجناس.
وإذا ما أدخلنا الدينَ في هذا المجال ربما سنساهم في اندلاع حرب دينية ستأكل الأخضر واليابس.
ولا يمكن لنا أن نردّ بالطريقة نفسها ونقول إن القرآن، أيضاً، الذي هو كتابُ الله ورّث أرض فلسطين للمسلمين، وأن العهدة العمرية طالبت بإخراج اليهود من القدس والأرض المقدسة.
أما عن الشواهد التاريخية، فكل ما على الأرض من العصور الحجرية وحتى اليوم يؤكد فلسطينيةَ هذه الأرض من عهد الكنعانيين وحتى اليوم.
وتصريحاتها العنصرية تؤكد أن كل ما قامت به دولةُ الاحتلال من قتل وتهجير وتطهير عرقي ونكبة للشعب الفلسطيني يجب عدم الاعتذار عنه حسب رأيها، ولا لأنها جاءت هنا... ونحن لا نعرف من أي بقعة على هذه المعمورة جاءت غازيةً ومستوطنة، وأي عائلة تسكن اليوم فوق أنقاض منزلها أو على رفات من تم قتلُهم حتى تقام دولة الاحتلال.
التصريحات العنصرية الإسرائيلية ترتفع وتأخذ بعداً خطيراً، ابتداءً من الرغبة في تهجير الفلسطينيين من الداخل إلى مناطق السلطة... إلى المطالبة بتهجير الفلسطينيين في الضفة إلى خارجها... إلى تشريع البؤر الاستيطانية وتوسيع الاستيطان وضرب كل التصريحات والقرارات الأممية بعرض الحائط... ولم تنته عند موظفين كبار أو وزراء بل تعدت ذلك إلى رئيس حكومة الاحتلال نفسه عندما أطلق تصريحاته الشنيعة والعنصرية ضد الفلسطينيين في الداخل خلال انتخابات الكنيست الأخيرة، ما استدعى رداً أميركياً على ذلك.
لا شكّ في أننا نشهد اليومَ حالةَ تسيّب يمينية عنصرية إسرائيلية في المجالات كافة تجاه الشعب الفلسطيني، ولا شك في أن القوانين العنصرية التي يجهدون لتمريرها تؤكد أن دولةَ الاحتلال تسير في طريق العنصرية والفاشية... ولعلّ قرار فصل العمال العرب عن الإسرائيليين في الحافلات العامة وإلغاءَه للحفاظ على ماء الوجه أمام العالم يؤكد مدى عنصرية دولة الاحتلال.
ونحن كفلسطينيين لن نخجل إذا قلنا، أيضاً، عن فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، وعندما يخرج من بين المحتلين من يطالب بكل شيء وينفي الآخر، فعليه ألا ينتظر منا ألا ننفي وجودَه ونفضح عنصريته ونؤكد أنه ليس له حق في هذه الأرض، وألاّ نطالبه بالعودة إلى أي دولة في الغرب أو الشرق جاء منها أو جاءت منها عائلته.