كشف تقرير حقوقي أجراه مركز الميزان لحقوق الانسان، أن مياه بحر قطاع غزة ملوثة بمياه الصرف الصحي، وأن تحويل البحر إلى مستنقع كبير من مياه الصرف الصحي كارثة بيئية بكل المقاييس.
واعتبر مركز الميزان لحقوق الإنسان، في تقرير موجز أصدره اليوم الأحد حول كارثة تلوث مياه البحر بمياه الصرف الصحي في قطاع غزة، أنّ التلوث خطر على حياة الإنسان، وأن إغلاق البحر وتحويله إلى مستنقع كبير من مياه الصرف الصحي كارثة بيئية بكل المقاييس، وأنّ عدم العمل لزيادة ساعة التزويد بالتيار الكهرباء ووقف التهديد بتقليصها سيكون له تداعيات بالغة الخطورة على تلويث مياه البحر في قطاع غزة.
وأشار التقرير إلى أنّ ساحل قطاع غزة يمتد بطول 42 كيلو متر تقريبا، ويتعرض لأنواع كثيرة من التلوث والممارسات الضارة التي تؤثر بشكل سلبي على البيئة البحرية، وعلى مناطق الاستجمام والثروة السمكية، وغير ذلك من أوجه الحياة العامة، وأن أكثر من بلدية من بلديات القطاع تضخّ مياه الصرف الصحي في مياه البحر، نظراً لقصور محطات معالجة مياه الصرف الصحي الموجودة في القطاع في معالجة المياه العادمة بالشكل المطلوب، بسبب انقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود ومنع دخول المضخات وقطع الغيار نتيجة للحصار، لذلك اختصرت محطات معالجة مياه الصرف الصحي دورات المعالجة، ما أدى إلى زيادة مستويات التلوّث في مياه الصرف الصحي المعالجة جزئيا أو غير المعالجة والتي يجري تصريفها في البحر.
ونوّه التقرير إلى أنّ بلديات القطاع تحتاج إلى ما مقداره (400 ألف لتر) على الأقل من الوقود شهريا، لتشغيل المضخات في حال انقطاع التيار الكهربائي، وفي حالة زيادة ساعات الانقطاع اليومي للتيار تزيد الحاجة لكميات الوقود، إضافة لعدم توفر قطع غيار لمولدات الكهرباء، وعدم المقدرة على معالجة مياه الصرف الصحي بشكل عام سيؤدي إلى ضخّها للبحر مباشرة.
وأشار إلى أنّ كميات مياه الصرف الصحي التي يتم ضخها في بحر قطاع غزة تقدّر بأكثر من (100000) متر مكعب يومياً، تضخّ من خلال 23 مصرفاً لمياه الصرف الصحي تنتشر على طول شاطئ بحر قطاع غزة، ومنها من يصب بشكل ثابت، ومنها من يصب بشكل مؤقت أي في أوقات الطوارئ.
وأكد التقرير أنّ نتائج الفحص المخبري الذي أجرته سلطة جودة البيئة ووزارة الصحة بيّنت أنّ مياه البحر ملوّثة ولا تصلح للاستجمام، حيث أثبتت 97 عينة من أصل 160 عينة جُمعت من شواطئ مختلفة في القطاع، أي ما نسبته 60% من الشواطئ ملوثة، بينما بلغت العينات التي تعتبر غير ملوثة وتصلح للاستجمام 63 عينة أي ما نسبته حوالي 40% من الشاطئ.
وكانت دراسة سابقة أجريت على مياه الشاطئ عام 2016 على يد مجموعة من الخبراء والأكاديميين الفلسطينيين، قد أظهرت أن هناك تلوثاً كيمائياً وميكروبولوجيا يختلف تبعا لاختلاف فصول السنة في مياه بحر قطاع غزة، وهو مرتبط بتدفق مياه الصرف الصحي إليه، وأوضحت أن وقف ضخها إليه لفترات محدودة أدى إلى تقليل درجة التلوث.
وحول مخاطر هذا التلوث على حياة الإنسان، لفت التقرير إلى أنّ السباحة في مياه البحر الملوّثة تسبب الإصابة بالميكروبات التي تسبب عدة أمراض يمكن أن تهدد حياته، منها: الأمراض الجلدية لدى الصغار والكبار (وتسبب طفحاً وحساسيّة)، وانتشار الإسهال والمَغص خاصة لدى الأطفال، وانتشار الطفيليات المعوية (كالجارديا، الأميبا، وغيرها)، إضافة لإصابات في العين وفي الأذن قد تتطور إلى ضعف في النظر والرؤية في العين أو ضعف في السمع.
وتناول التقرير تأثير تلوّث مياه بحر قطاع غزة بمياه الصرف الصحي على جملة حقوق الإنسان باعتبارها تكاملية وغير قابلة للتجزئة، التي تعني بالضرورة أن حماية الحق في الحياة والحق بالتمتع لأعلى مستوى من الصحة الجسدية والنفسية يمكن بلوغه، يحتمان أن يعيش الإنسان في بيئة صحية غير منتجة لمسببات الأمراض التي تهدد الصحة العامة والحياة، حيث يُفرض على الدول بشكل عام أن تَضع الأنظمة والقوانين التي من شأنها مَنع تلويث البحار، وأن تتّخذ جميع التدابير الفعالة لمنع تلوث البحار بالمواد التي تعرّض صحة الإنسان للخطر وتلحق الضرر بالموارد الطبيعية وبالأحياء المائية وتضر بالاستخدامات البحرية الأخرى.
وأكدّ أن هذا التلوث ينتهك حق سكان قطاع غزة في الحياة والأمان الشخصي، وحقه في ضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته خاصّة على صعيد العناية الطبية وأمن المرض والتمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه، كما أن الحصار ومحدودية كميات التيار الكهربائي التي تزود قطاع غزة يؤديان إلى تفاقم المشكلة ولا يسمحان بتحسين جوانب الصحة البيئية والوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والأخرى وعلاجها ومكافحتها.
وطالب باحترام حقوق الإنسان وحمايتها، والعمل على وضع حقوقه وحياته ومصالحه فوق أي اعتبار، والعمل على حلّ أزمة الكهرباء في قطاع غزة، لأنها أصبحت مصدرا لمشاكل مختلفة، ومنها عدم قدرة المضخات على معالجة مياه الصرف الصحي، وضخّها إلى البحر، ومنع تقليصها لما له من آثار كارثية.
ودعا إلى الضغط على قوات الاحتلال الإسرائيلي من أجل رفع الحصار المفروض على قطاع غزة، وإدخال المعدات وقطع الغيار، بشكل متواصل، خاصة لقطاع المياه والصرف الصحي، وإلى العمل على حل مشكلة ضخ مياه الصرف الصحي للبحر بطرق علمية، وتطوير محطات معالجتها وإنشاء محطات جديدة لترشيحها ومعالجتها بما يتناسب مع الكثافة السكانية والكميات اليومية المتوقعة من تلك المياه، وإلى تطوير برنامج المراقبة والجودة للشاطئ ومياه البحر، بحيث يتم التوسع في نوعية التحاليل سواء البيولوجية والكيمائية والفيزيائية.
وطالب التقرير بتوعية المواطنين بضرورة ملاحظة تغيّر لون مياه البحر للتأكد من مدى تلوّثه، حيث تتلون مياه البحر باللون الرمادي المائل للاخضرار في حالة وجود ملوثات فيه، كما أنّ هناك خط وهمي يفصل بين المياه النقية والملوّثة يرى بالعين المجردة، والعمل على وضع كواسر أمواج صخرية على مسافة لا تزيد عن 100 متر، في مياه البحر أمام مساحات تخصص لسباحة المصطافين في مناطق آمنة، بحيث تأخذ شكل نصف دائري، يمنع وصول التلوث لأماكن السباحة، ويحصر شاطئ السباحة، ويمنع الأمواج والغرق.