شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بإزالة البوابات الإلكترونية من أمام مداخل المسجد الأقصى المبارك، من جهة باب الناظر "المجلس"، وباب الأسباط، وشرعت بتركيب جسور حديدية قرب بوابات المسجد لحمل كاميرات "ذكية" بديلة للبوابات الإلكترونية التي رفضها وقاومها أهل مدينة القدس ومرجعياتهم الدينية والوطنية.
وفي الإطار، أكد المقدسيون ومختلف فئات الشعب الفلسطيني رفضهم لوضع أية إجراءات عند بوابات المسجد الأقصى بما فيها الكاميرات التي ابتكرتها سلطات الاحتلال للتملص من أزمة المواجهات والعمليات الفدائية التي لحقت بختلف مناطق الضفة والقدس رفضاً لتركيب البوابات الإلكترونية عند مداخل المسجد الأقصى.
رفض رسمي للكاميرات
أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على أنه لن تكون هناك أية تغييرات، ما لم تعد الأمور إلى ما كانت عليه قبل 14 تموز في القدس، داعياً إلى إزالة إلى كافة الإجراءات الإسرائيلية منذ ذلك التاريخ، وعودة الأمور إلى طبيعتها في القدس.
كما رفض المرابطون في محيط المسجد الأقصى المبارك إجراء تركيب كاميرات ذكية عند بواباته، حيث اندلعت مواجهات عنيفة قرب باب الأسباط منذ ساعات الفجر الأولى، أدت إلى وقوع إصابات في صفوف الشبان المنتفضين.
إجراءات باطلة
قال المحلل السياسي جهاد حرب إن المقدسيون عازمون على إنهاء كافة الإجراءات التي ابتكرتها الحكومة الإسرائيلية، منذ الرابع عشر من تموز، وذلك من خلال رفضهم لأي إجراء يمنعهم من الوصول للأقصى.
وبيّن حرب خلال حديثه لوكالة "خبر"، أن إسرائيل تسعى منذ عامين لتركيب البوابات الإلكترونية والكاميرات على أبواب المسجد الأقصى، ولكن الأردن أوقفت هذا الإجراء، مضيفاً "أن الحكومة الإسرائيلية نجحت اليوم في تمرير مخططاتها بمدينة القدس".
وأشار إلى المقدسيين والمرجعيات الدينية بمدينة القدس هي من تتحكم في المدينة، حيث باستطاعتها الخروج بتقرير حول الأوضاع داخل المسجد الاقصى، وما تمخض عن عبث الحكومة الإسرائيلية في المسجد الأقصى، وكيفية مواجهة هذه الإجراءات.
وأوضح حرب أنه حتى هذه اللحظة لا يوجد وضوح في قرار المرجعيات الدينية، أو التنبؤ بما سيصدر عنها خلال اجتماعها مساء اليوم، لافتاً إلى أن الشعب الفلسطيني والمقدسيين قابلوا إجراءات مماثلة بالرفض، وبالتالي فإن إجراءات الاحتلال الجديدة ستزداد، بهدف تغيير الوضع القانوني والتاريخي للمسجد الأقصى، وهذا ما لا يقبل به الفلسطينيين.
ولفت إلى أن قرار القيادة الفلسطينية سيكون منسجماً مع المرجعية الدينية في مدينة القدس، ولن تقبل بإحداث تغيير في أوضاع المسجد الأقصى، حتى لا يفرض الاحتلال سطيرته بشكل أوسع على محيط المسجد.
خطاب مفاجئ لإسرائيل
أشار حرب إلى أن خطاب الرئيس كان مفاجئاً لإسرائيل والحكومة، كونهم راهنوا على عدم اتخاذ إجراء من هذا القبيل وانسجامه مع المطالب الشعبية والغضب الفلسطيني في مدينة القدس، بالإضافة إلى إدراكهم لحجم الخروقات الإسرائيلية للأماكن المقدسة.
أما المحلل السياسي وأستاذ جامعة الأزهر ناجي شراب، فقد اعتبر أن اجتماع القيادة الفلسطيني اليوم يأتي في وقت صعب جداً، وامتداد للاجتماع الأول الذي أكد تجميد الاتصالات مع إسرائيل، وأيضاً بعد التفاهمات التي تمت مع الأردن وإسرائيل والشروع بإزالة البوابات الإلكترونية.
من جهته، قال المحلل السياسي وأستاذ جامعة القدس المفتوحة أحمد رفيق عوض، إنه لا يمكن التنبؤ بالقرارات التي سيخرج بها الاجتماع، ولكنه سيركز على مسألة الترتيبات الأخيرة بشأن المسجد الأقصى، التي هي الأساس في البحث والاتفاق وإتخاذ المواقف.
وأوضح شراب أن الأجتماع اليوم يأتي في سياق وضع سياسي آخر يختلف عن الاجتماع الأول، حيث لم يعد هناك أي مبرر للسلطة بتجميد اتصالاتها مع إسرائيل، تزامناً مع قرار إزالة البوابات، مشيراً إلى أن اجتماع اليوم أكثر مرونة من السابق، وسيناقش استمرار التنسيق مع الاحتلال دون الافصاح عن ذلك.
ولفت عوض إلى أن خطاب الرئيس كان انحياز للخطاب الشعبي في القدس والضفة، وتوجيه رسالة لإسرائيل بأنه ليس بمقدورها أن تكون صاحبة سيادة على القدس.
القبول بالكاميرات
اعتقد شراب أن تركيب الكاميرات لم يكن قائماً لحظة وضع البوابات الإلكترونية، لافتاً إلى أن المطلب الرئيسي للسلطة والأردن وكافة الأطراف الآن هو إزالة البوابات، والقبول بقرار وضع كاميرات عند باب الأسباط باعتباره أقل تأثيراً.
وأكد شراب على أن هناك قناعات مشتركة لدى كافة الأطراف المعنية بتجنيب المسجد الأقصى من أية مظاهر مسلحة، متوقعاً أن يتم القبول بتعليق الكاميرات من مختلف الأطراف.
السناريوهات القادمة
بيّن عوض، أن تهدئة الأوضاع من عدمه مرتبط بإجراءات إسرائيل، حيث أن وضع ترتيبات تنتقص من سيادة الفلسطينيين على المسجد الأقصى من شأنه أن يحدث مواجهات وعنف بالمنطقة.
ونوه شراب إلى أن "إسرائيل" تسعى لتجنيب القدس عن أية مفاوضات قادمة من خلال الإسراع في إقامة البوابات الإلكترونية، خاصة أن إسرائيل وأمريكا أدركتا أنه لا مفاوضات أو سلام بدون إيجاد حل توافقي لمدينة القدس، خاصة أن القيادة متمسكة بمدينة القدس.
الحرب على غزة
اعتقد حرب أنه لم يعد لحكومة الاحتلال أي مبرر للتصعيد في قطاع غزة، خاصة في ظل أحداث القدس الحالية، مستبعداً رغبة إسرائيل أو الأطراف الفلسطينية في القطاع بفتح جبهة حرب في هذا التوقيت.
واستعبد عوض أن تندلع مواجهات مسلحة بين "إسرائيل" وقطاع غزة، لافتاً إلى أن المقاومة بغزة تعاملت مع الأوضاع بحذر شديد من خلال سماحها للمواطنين بالتظاهر على نقاط التماس، دون أن تقوم بإطلاق الصواريخ تجاه بلدات الاحتلال.
في حين، قال شراب، إن الحرب الرابعة على غزة يبقى هو السيناريو الأقوى في ظل ازدياد الأوضاع سوءً بالقدس حتى الجمعة القادمة، نظراً لأن المقاومة تربط مصداقيتها بما يجري في القدس، وبالتالي أصبحت شعبية المقاومة مرتبطة بالرد على الإجراءات الخطيرة، الأمر الذي يشير إلى تسارع وتيرة الحرب على القطاع.
ويذكر أن قرار تركيب بوابات إلكترونية عند أبواب المسجد الأقصى، رافقه رفض شعبي ومقدسي و رسمي وعربي، حيث اندلعت مواجهات في مدن القدس والضفة وقطاع غزة، رفضاً لقرار وضع بوابات قبيل أبواب المسجد، بالإضافة إلى عمليات فدائية نفذها شبان فلسطينيين بشكل فردي رفضاً للقرار، الذي ينتقص من سيادة الفلسطينيين على المسجد.