ثمة إجماع بين المسؤولين الفلسطينيين على أن أداء اللواء ماجد فرج، مدير المخابرات العامة، أكثر من متميّز، خاصة بعد نجاح عملية "رد الجميل" لتحرير الرهينتين السويديين، أما ذكر اسمه خليفة لعباس فلا يحظى على نفس الإجماع.
وفي تقرير نشره موقع المصر الاسرائيلي قال فيه :"أطلق عليها الفلسطينيون اسم عملية "رد الجميل". فبعد أكثر من عام من المحاولات الفاشلة لإطلاق سراحهما، نجح جهاز المخابرات الفلسطينية بإطلاق سراح رجلي دين سويديين كانا يعملان في سوريا. جبهة النصرة كانت قد اختطفت الاثنين واحتجزتهما بالقرب من الحدود السورية الأردنية. القيادة السويدية كانت قد طلبت مطلع هذا العام من الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن تساهم السلطة في عملية إطلاق سراح الرهينتين. السلطة الفلسطينية التي كانت، وفي إطار حملتها، لتجنيد أكبر عدد ممكن من الدول للاعتراف بدولة فلسطين، تسعى لكسب تأييد السويد لمشروعها، وافقت على الطلب السويدي، وأوكل محمود عباس المهمة لرجل المهمات الخاصة ، ألا وهو مدير المخابرات العامة، اللواء ماجد فرج".
عملية إطلاق سراح الرهينتين تميّزت بكتمان كبير، استعمل خلالها جهاز المخابرات الفلسطينية قدراته، وعلاقاته لإتمامها بنجاح. إذا ما أضفنا عملية إطلاق سراح وإجلاء فلسطينيين وأبناء جنسيات أخرى من اليمن، وغيرها من الدول التي تشهد صراعات وحروب أهلية، وإذا ما اعتمدنا ما تداولته بعض وسائل الإعلام عن دور المخابرات الفلسطينية في بعض العمليات المعقدة مثل اعتقال القيادي في القاعدة، أبو انس الليبي، والمتهم الأول في قضية تفجير سفارتي الولايات المتحدة في دار السلام (تنزانيا) ونيروبي (كينيا) عام 1998، فإن اسما واحدا يبرز ويتكرر في كل هذه القضايا، وهو اسم اللواء ماجد فرج.
المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية التي أدارها العام الماضي وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، فشلت في تقريب وجهات النظر بين الطرفين. لم يكن الأمر مفاجئا. ما كان مفاجئا هو الدور الذي لعبه في هذه المفاوضات من الجانب الفلسطيني اللواء ماجد فرج. صحيح أن قيادات أمنية فلسطينية كانت دائما تشارك في المفاوضات، وفي بعض الأحيان كانت تقودها (جولة موفاز – دحلان)، لكن مشاركة فرج والذي لم يُعرف عنه كلاعب رئيسي في هذا الملفات، أرسلت رسالة واضحة، أن اسما جديدا بدأ يلوّح في الأفق، كلاعب هام في دائرة القيادة الفلسطينية، أو على الأقل كلاعب هام في دائرة مقربي الرئيس الفلسطيني.
اللواء فرج من مواليد مخيم الدهيشة عام 1962. كان من قيادات شبيبة "فتح"، واعتقله الإسرائيليون عدة مرات لنشاطه في الانتفاضة وغيرها. مع قدوم السلطة الفلسطينية، ترأس جهاز الأمن الوقائي في بعض محافظات الضفة الغربية، من أبرزها محافظة بيت لحم، قبل أن يُعيَّن قائد لجهاز الاستخبارات العسكرية عام 2006. وفي العام 2009 عيّنه ابو مازن، مديرا لأهم وأكبر جهاز أمني فلسطيني وهو جهاز المخبرات العامة، ليكون بذلك أول مدير للجهاز يأتي من خارجه.
يُعتبر هذا التعيين مفصليا بالنسبة لمكانة اللواء فرج وللثقة التي يمنحها إياه الرئيس الفلسطيني. وبالفعل لعب فرج دورا هاما في الكثير من الملفات الاستراتيجية بالنسبة للسلطة الفلسطينية أبرزها ملفي المصالحة مع حركة حماس، والمفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية، بالإضافة إلى ملفات خاصة عديدة أوكلها إليه الرئيس الفلسطيني. اللواء فرج الذي اتهمته حماس في الماضي أنه حرّض النظام المصري عليها وعلى قياداتها، حظي خلال زيارته نهاية العام الماضي إلى القطاع، باستقبال الملوك والتقى قيادة حماس، وبحث معهم ملف المصالحة، والذي على ما يبدو انهار حاليا.
وأعاد اللواء فرج لجهاز المخابرات مكانته، ليس على الصعيد الفلسطيني الداخلي فحسب، وإنما كذلك على صعيد أجهزة المخابرات العالمية كجهاز يمكن الاعتماد عليه والتعاون معه في الكثير من الملفات الشائكة والحساسة. لكن السياسات الداخلية داخل حركة "فتح"، والحسابات الشخصية لقيادات الحركة تشكل العائق الأكبر أمام إمكانية صعود اللواء فرج ليصبح مرشح الإجماع داخل الحركة. فشعبيته وبساطته وانحداره من مخيم للاجئين (مخيم الدهيشة في بيت لحم) يجعلوا من اللواء فرج مرشحا من شأنه التغلب على التناقضات الداخلية للحركة.
هل يتولى المنصب الأول في السلطة الفلسطينية؟
كما ان اللواء فرج لم يُصبغ بالفساد وقضايا الفساد التي طالت الكثير من رموز السلطة وقياداتها. لكن الصفات نفسها – الشعبية والبساطة – هي نفسها التي قد تحول دون توليه المنصب الأول في السلطة الفلسطينية. فالكثيرون من قيادات فتح يعتبرون أنفسهم أحق، ويقومون بإبرام تحالفات وبناء مراكز قوى داخل الحركة وخارجها، بينما يركّز اللواء فرج على عمل جهازه وعلى إدارة الملفات التي توكل إليه، ولا يبدو، على الأقل في هذه المرحلة، أنه يولي أهمية كبيرة لموقعه وفرصه في سباق الوراثة. كما أن البعض ممن هم حول الرئيس الفلسطيني بدأوا يستشعرون خطرا من اللاعب الجديد ويحاولون إبعاده عن محيط الرئيس، فقد وصل الحد بالبعض للتلويح بأن اللواء فرج "هو ابن مخيم وبالتالي لن يكون مقبولا على الكثير من النخب الفلسطينية وحتى الفتحوية"، يقول مسؤول فلسطيني.
وبالفعل يبدو أن نقطة ضعف اللواء فرج، رغم انجازات جهازه، هي عدم القبول به من بعض المحيطين بالرئيس أو يعتبرون أنفسهم مقربين للرئيس، الأمر الذي يفسر الشائعات التي أُطلقت في أكثر من مرة عن رغبة الرئيس في إنهاء عمله كمدير لجهاز المخابرات، الأمر الذي تبين المرة تلو الأخرى أنه غير صحيح.
أما إسرائيليا، وكذلك أمريكيا، يُعتبر ماجد فرج ضابطا مهنيا ساهم في إعادة بناء المنظومة الأمنية الفلسطينية بعد الانتفاضة، وبعد دحر السلطة الفلسطينية من قطاع غزة، لكن المهنية لم تكن أبدا العامل الوحيد الذي يحدد مكانة وحظوظ أي مسؤول فلسطيني بقدر قدرته على إبرام تحالفات داخلية وإقليمية - خارجية.