يعيش جميع أفراد عائلة الفتاة الباكستانية التي وقعت ضحية جريمة اغتصاب وحشية، بجانب بعضهم البعض في قرية صغيرة بالقرب من ضفاف النهر في إقليم بنجاب الباكستاني.
وبحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، وقعت حادثتا الاغتصاب في قرية موزافارا أباد في مدينة مولتان.
وكانت إحدى فتيات هذه العائلة، والبالغة من العمر 12 أو 13 عامًا، تقطّع الحشائش في حقل قريب من البيت يوم 16 يوليو/ تموز عندما اغتصبها شاب من أقاربها يبلغ من العمر 16 عامًا.
وفي الأيام التي أعقبت الحادثة، اجتمع كبار العائلة في صدمة وغضب مما حدث في محاولة لحل المشكلة.
اغتصاب في بيت العائلة
وقال رئيس مركز الشرطة إحسان يونس: “سرعان ما تحولت المناقشات إلى رغبة في الانتقام، وقرر كبار العائلة الذين يعملون في مجلس المدينة أن تأخذ العدالة مجراها كنوع من الانتقام، وطالبوا شقيق الضحية البالغ من العمر 16 عامًا باغتصاب شقيقة المعتدي أيضًا انتقامًا منه على جريمته”.
وبالفعل نفذ الشاب الاعتداء على الفتاة، باغتصابها في بيت أهله فيما وصفه يونس “باغتصاب الانتقام”.
وبذلك وقعت حادثتا اغتصاب في يومين في نفس العائلة، وقد تبين أن والد المعتدي الأول هو شقيق لجد المعتدي الثاني، ويعد الاثنان ضحايا ومتهميْن في نفس الوقت.
وفي الواقع، كانت القضية صادمة ولكنها ليست جديدة، فقد سبق أن وقعت مثل هذه الحادثة في أجزاء من باكستان والهند، ولكن ما يجعل هذه القضية مختلفة أن هناك شخصًا ما تكلم واتخذت السلطات رد فعل.
و وصل بلاغ بالحادثة إلى مركز مكافحة العنف ضد المرأة في مولتان، حيث طالب المركز السلطات بالقبض على المتهمين، ولكنهم وجدوا أن هناك أشخاصًا كثيرين متورطين في الحادثة.
وقد أمرت السلطات الباكستانية باعتقال 29 شخصًا جميعهم من نفس العائلة، و تم القبض على 25 منهم بمن فيهم المعتدي الأول.
عرض مرفوض
واعترفت العائلة، أن حادثة الاغتصاب الثانية وقعت نتيجة انتقام للحادثة الأولى، ولكنهم أصروا على أن القرار جاء نتيجة اتفاق بين أفراد العائلة.
وقال متحدث من مركز مكافحة العنف ضد المرأة، لصحيفة “الفجر الباكستانية” إن والدة المعتدي الأول عرضت إحدى بناتها المتزوجات من أجل تسوية النزاع، في سبيل ألا تأخذ عائلة الفتاة أي إجراء قانوني ضد ابنها، ولكن مجلس المدينة اتفق على تسليم ابنتها العذراء لاغتصابها كنوع من العقاب.
ويعد مجلس المدينة مختلفًا من نوعه، إذ عادة ما تتكون المجالس الأخرى من كبار الشخصيات من مختلف العائلات وليست عائلة واحدة.
وقد يواجه الشخصان المتهمان عقوبة الإعدام، كما قال رئيس مركز الشرطة يونس يونس، ولكن هذا متروك للمحكمة.
وأثار الاغتصاب غضبًا عارمًا في باكستان، ودفع النائب العام إلى رئيس شرطة بنجاب لتقديم تقرير بالحادثة.
زواج بالإكراه
وقد أبرزت الحادثة دور مجلس المدينة، وهو النظام الحاكم في المدينة غير الرسمي والذي من خلاله صدرت ضد النساء أحكام بالزواج التعسفي والرشق بالحجارة وأنواع أخرى من العقاب.
وحثت المحامية والناشطة الحقوقية، أسما جاهينجر، الحكومة على ممارسة القمع ضد المجالس الحكومية والتي قالت عنها إنها غير قانونية.
وأضافت: “مجالس المدينة ليس لها أساس، والمحكمة أكدت نفس الأمر، وإذا كانوا يتصرفون خارج نطاق القانون، تجب محاكمتهم وفقًا للقانون”.
وقد عكست القضية العنف الممارس ضد النساء والفتيات في باكستان، والتي صنفت أخطر ثالث مكان في العالم تعيش فيه النساء، وفقًا لتقرير صادر عن رويترز.
وطبقًا لما قالته لجنة حقوق الإنسان في باكستان، هناك أكثر من ألف ضحية من النساء والفتيات الضحايا في “قضايا الشرف” كل عام.
العنف ضد المرأة
ففي العام الماضي، وافق النواب عن إقليم بنجاب، على تشريع يقضي بحماية النساء ضحايا العنف، والذي يقضي بتجريم كل أشكال العنف ضد المرأة، سواء أكان عنفًا نفسيًا أم جنسيًا، كما يقضي التشريع بإنشاء دور رعايا للنساء الضحايا وخط ساخن للإبلاغ عن أي اعتداء.
وقالت المحامية “جاهينجر”:” ذكّرتنا الحادثة بحادثة أخرى مماثلة عندما اغتصبت سيدة تدعى مختار ماي، ففي العام 2002، تم جرّ ماي إلى منزل واغتصابها وطردها عارية، وكان والدها خائفًا من إنقاذها، وجاء اغتصابها كعقاب بعد أن اتُّهم أخوها بممارسة الرذيلة مع سيدة كبيرة”.
وقد فعلت “ماي” ما تخشى فعله الكثير من النساء في باكستان بسبب وصمة العار التي تصاحب الاعتداءات الجنسية، وأبلغت عن الحادثة وتحدّت المعتدين عليها في المحكمة.
وبعد تحقيق طويل ومهين، أفرجت المحكمة عن 14 شخصًا متهمين باغتصابها.
وأصبحت “ماي” رمزًا عالميًا لحقوق المرأة، ومنحت جوائز وقامت بتأسيس مدرسة، وقد استلهمت الحادثة قصة لعرض أوبرا في نيويورك في العالم 2014. ولكن بالرغم من كل ذلك، استمرت في العيش في مدينتها في بنجاب.
وقالت: “يأتي إليّ الكثير من الطالبات والنساء الفقيرات للمساعدة، ولا أستطيع التخلي عنهن”.