بدأت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية استعداداتها، لعقد جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني بمدينة رام الله، وسط نداءات بحل المجلس التشريعي واستبداله بالوطني.
وكشف مصدر خاص لوكالة "خبر"، عن نية الرئيس محمود عباس دعوة المجلس الوطني للانعقاد، مشيراً إلى أن هذا الإجراء سيسبقه قرار حل المجلس التشريعي، واعتبار المجلس الوطني هو برلمان الشعب الفلسطيني.
وبيّن أنه سيتم تحويل ميزانية المجلس التشريعي "المحلول"، بمرسوم من الرئيس وبمصادقة من المحكمة الدستورية العليا، إلى لمجلس الوطني المكلف.
رفض برلماني
قال النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي د. حسن خريشة: "نحن أعضاء دائمين في المجلس التشريعي والوطني، ومن المفترض أن يتوافق معنا الرئيس على مثل هذه الاجتماعات، ولكن بكل أسف يتم تجاهلنا".
من جهته، أكد النائب عن كتلة التغيير والإصلاح د. يحي العبادسة، على أن عقد المجلس الوطني لن يُقدم أي جديد، مضيفاً أن "الرئيس يختطف المجلس الوطني ومنظمة التحرير والقوى الحديثة معه من زمن بعيد".
وحول دعوة اللجنة المركزية لحركة "فتح" لانعقاد جلسة للمجلس الوطني، أوضح خريشة أن مركزية "فتح" ليس لها دور في عقد جلسة للمجلس الوطني، مؤكداً على أن هذا الشأن يقع على كاهل منظمة التحرير الفلسطينية.
وشدد العبادسة خلال حديثه لوكالة "خبر"، على أن انعقاد المجلس في هذه الظروف مخالفٌ لما تم الاتفاق عليه بالقاهرة عام 2000، وأيضاً يخالف ما توافقت عليه الفصائل في بيروت.
ولفت خريشة خلال حديثه لوكالة "خبر"، إلى أن الخلاف بين الفصائل حول مكان انعقاد المجلس الوطني، بسبب الضغوط التي ستمارس على الوافدين من الأعضاء.
ونوه العبادسة إلى أن سياسة الاستفراد بالقرار الفلسطيني والاستبعاد للجميع التي يتبعها الرئيس، لا تؤسس لشراكة جديدة، بل من شأنها أن تُعمق الانقسام بين شقي الوطن.
ووصف خريشة، الوضع الفلسطيني الحالي بالمعقد، مطالباً القيادة الفلسطينية بالتروي قبل الحديث عن عقد المجلس الوطني، وعقد جلسة للمجلس المركزي، باعتباره حلقة وسط بين اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني.
وقال العبادسة: "في حال عُقد المجلس الوطني، سنعتبر أنه لا شيء حدث"، مضيفاً "بات من الواضح أن الرئيس عباس يتخذ منذ الانقسام قرارات انفرادية وعقابية ضد القطاع، ويستمد شرعيته من الاحتلال وأمريكا والجامعة العربية".
وتمنى خريشة أن يكون المجلس الوطني شاملاً ويضم الكل الفلسطيني، متسائلاً: "ما الفائدة من عقد مجلس وطني بتركيبته القديمة؟".
وأكد العبادسة على أن الساحة الفلسطينية تشهد حالة استقواء وإكراه تُمارس على الشعب الفلسطيني بأدوات أجنبية وأيادي فلسطينية، قائلاً: "إن هذا الأمر لا يختلف عن سياسات الاحتلال بالمطلق".
كما دعا خريشة النقابات والاتحادات الفلسطينية إلى أن يكون لها دور في عقد جلسة المجلس الوطني، والتقدم بانطلاقة جديدة نحو المستقبل بأحجام حقيقة للفصائل الموجودة.
الآثار والأبعاد
وفي الإطار، قال المحلل السياسي وأستاذ جامعة الأمة بغزة د. حسام الدجني، إن إقدام الرئيس واللجنة المركزية على أي خطوة غير متوافق عليها مع الفصائل، من شأنه أن يزيد حالة الانقسام والتشرذم داخل النظام السياسي الفلسطيني.
وأشار المحلل السياسي وأستاذ جامعة القدس المفتوحة، أحمد رفيق عوض، إلى أن مطالبة اللجنة المركزية لحركة "فتح"، بعقد جلسة للمجلس الوطني كانت أهم ما نتج عن اجتماعها، مبيّناً أن هذه الخطوة ستؤدي نحو الخروج من أزمات دستورية ومحاولة إعادة ترتيب منظمة التحرير وهيكلتها، في حال جاءت بالتوافق.
وأكد المحلل السياسي وأستاذ جامعة الأزهر، د. ناجي شراب، على ضرورة دعوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير للنظر بموضوع عقد المجلس الوطني بما هو قائم، مشدداً على خطورة انعقاد الوطني بوضعه القائم، خاصة أن حوالي 100 من أعضاءه توفوا، والبعض الآخر تجاوز العمر الافتراضي.
وشدد الدجني، خلال حديثه لوكالة "خبر"، على ضرورة انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني على قاعدة مخرجات بيروت، بمشاركة فصائل العمل الوطني والإسلامي، وذلك من أجل أن يتم إخضاع القرار السياسي للمؤسسة السياسية، وبالتالي يتم الخروج من دائرة الانفراد بالقرار المتمثل في مؤسسة الرئاسة والرئيس محمود عباس، إلى دائرة خاصة بصنع القرار تنبثق عن منظمة التحرير.
وأشار عوض إلى أن المجلس الوطني يؤسس لمجلس الدولة الفلسطينية، وبالتالي سيحل مكان المجلس التشريعي الحالي، وسيتم القفز على دستورية بعض الجهات والمؤسسات.
وبيّن شراب أن عقد جلسة للمجلس الوطني سواء في مدينتي رام الله أو بيروت، دليل واضح على أن الأوضاع تسير باتجاه تصاعدي بين رام الله وغزة، مشيراً إلى أن الاجراءات العقابية ضد غزة تمتاز بعدم المبالاة والمصداقية، وبالتالي فإن اجتماع اللجنة المركزية فقد أهميته.
ونوه الدجني إلى أن المطلوب الآن هو عقد الإطار القيادي الموحد، وفق ما جاء في إعلان القاهرة والتوافق على ما جاء في إعلان بيروت، والتوافق على عقد جلسة للمجلس الوطني خارج فلسطين بمشاركة كافة القوى الوطنية والإسلامية.
وأوضح عوض أن الذهاب نحو مجلس وطني بتوافق الكل الفلسطيني بالداخل والخارج، سيؤدي إلى الخروج من أزمات فلسطينية متعددة، ومنها: "أزمة شلل المجلس التشريعي الحالي واللجنة التنفيذية الحالية"، بالإضافة إلى استنهاض النظام السياسي الفلسطيني.
ولفت شراب إلى أنْ الخطورة تكمن في أن الرئيس والسلطة التنفيذية لا يملكان حق حل المجلس التشريعي، وذلك وفقا للقانون الأساسي من المادة 31 في الدستور، وبالتالي فإن الذهاب نحو المجلس الوطني الفلسطيني يتم على أساس أنه السلطة التشريعية الأعلى، مضيفاً "أنه يمكن توجيه دعوة لحل التشريعي كآلية من آليات الالتفاف على صلاحيات السلطة التنفيذية مقابل السلطة التشريعية".
وقال عوض إن الفلسطينيين لا يلتزمون بالنصوص الدستورية، ويتفقون على طرق أخرى كالمحاصصة ونظام "الكوتة" والاتفاق خارج الهيئات المنتخبة، بهدف استمرار الأوضاع الحالية.
جلسة متواضعة
أوضح الدجني أنه في حال تم عقد الجلسة من قبل الرئيس بمشاركة متواضعة من أعضاء المجلس الوطني، فإن ذلك سيزيد من الانقسام ويعطي مبرراً لبعض الفصائل، بعقد جلسات موازية للمجلس الوطني، الأمر الذي سيؤثر على وحدانية وتمثيل منظمة التحرير، ويمس وحدة الشعب الفلسطيني بأكمله.
وأشار شراب إلى أن الأوضاع تتجه نحو خيار الدوامة التي ستبتلع الجميع، مبيّناً أنه في حال انعقاد المجلس الوطني وحل المجلس التشريعي، سترفض حماس ذلك، وستوجه دعوة لانعقاد المجلس التشريعي بمشاركة نواب التيار الإصلاحي لحركة فتح، خاصة أنهم يشكلون قوة كبيرة تمثل أكثر من ثلثي أعضاء المجلس التشريعي.
ورأى عوض أن الأوضاع الفلسطينية تتجه نحو التصعيد بين طرفي الانقسام، وذلك في ظل اللغة الإعلامية المتوترة بينهما، بالإضافة إلى تغذية "إسرائيل" للانقسام بين غزة والضفة، لافتاً إلى أن المصالحة الفلسطينية مختطفة ومرهونة بقرارات إقليمية ودولية.
وقال شراب إنه في حال توفر ثلثي أعضاء التشريعي، يحق لهم تعديل الدستور والنظام السياسي الفلسطيني بأكمله، بما في ذلك منصب الرئاسة، كما حدث سابقاً خلال استحداث منصب رئيس الوزراء بعد تعديل الدستور بحضور ثلثي الأعضاء.
يشار إلى أن المجلس التشريعي الفلسطيني هو أحد مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، وجاء بناءً على إعلان المبادئ واتفاقية "أوسلو" الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي.
وتأسس المجلس التشريعي عام 1996م، بعد انتخابات تشريعية ورئاسية جرت في بداية ذلك العام، ويقوم بمهام سن القوانين والرقابة على السلطة التنفيذية