العنصرية علامة نجاح للطالب الإسرائيلي

thumbgen (13).jpg
حجم الخط

 

كُشف النقاب في الأسبوع المنتهي عن أن وزارة التعليم الإسرائيلية، قد ألغت تعليمات سابقة، تقضي بشطب جواب طالب في امتحان، يتضمن تعابير عنصرية، ما يعني شرعنة الأفكار والتعابير العنصرية، لتكون بالتالي جزءا من الجواب الكامل للطالب، الذي يحقق له نجاحا. ولا ينتابنا "الذهول" من قرار وزارة يتزعمها رئيس تحالف أحزاب المستوطنين نفتالي بينيت، صاحب رصيد غني بالتعابير العنصرية الشرسة ضد العرب، كزعيم حكومته بنيامين نتنياهو. 
ويجري الحديث عن موضوع المواطنة، أو "المدنيات" حسب التعبير القائم لدى فلسطينيي 48. وهو من أبرز المواضيع الذي كان التركيز عليها في سنوات الألفين، وبشكل خاص في السنوات الأخيرة، إذ سعى اليمين المتطرف في حكومات بنيامين نتنياهو الثلاث الأخيرة، إلى قلب كل المنهاج لصهينته أكثر مما هو قائم، وإضعاف جانب التثقيف على مبادئ الديمقراطية، مقابل زيادة وزن المفهوم العنصري "للدولة اليهودية" أولا.
كما سعت القوى ذاتها، إلى شطب بعض الجوانب الايجابية المحدودة جدا في المنهاج، مثل عرض محدود للرواية الفلسطينية (الحقيقة) لمجريات النكبة، مقابل تعميق أكبر للمزاعم الصهيونية، وكأن فلسطين كانت خالية وأرضا بورا قبل وصول الصهاينة اليها. وأنه لم يتم تهجير الفلسطينيين، ولم تقع مذابح، بل إن العرب اختاروا في العام 1948 الرحيل بمحض ارادتهم.
وحتى الآن، كانت التعليمات تقضي بشطب جواب أي طالب في الامتحان النهائي للمرحلة الثانوية، الموازي لامتحان التوجيهي؛ يتضمن تعابير عنصرية. ولدينا ما يؤكد أن الطلاب العرب، ضحية سياسة التمييز العنصري، لا يطرحون في أجوبتهم أفكارا عنصرية، بل إن القضية قائمة بين الطلاب اليهود. ويقول معلم إسرائيلي لصحيفة "هآرتس"، إن عددا كبيرا من الطلاب يكتبون أمورا عنصرية في امتحان "البجروت" (الموازي للتوجيهي)، مثل أن "العرب طابور خامس، ولا يوجد أي مشكلة في طردهم، ويمكن التمييز ضدهم، ويمكن ضم مناطق في الضفة الغربية دون منح السكان حقوقا مدنية".
وهذه الأفكار لا يخترعها الطلاب، بل هي أجواء الغالبية العظمى في الشارع الإسرائيلي، وهي آفة يتسع انتشارها على الدوام. وبالإمكان القول، إن جميع استطلاعات الرأي التي صدرت على مر سنوات الألفين، كانت تشير إلى وجود أغلبية واضحة بين اليهود الإسرائيليين، تؤيد ابتداء من الطرد، وحتى التحفيز على هجرة الفلسطينيين من وطنهم. و"التحفيز" يعني إما تقديم محفزات مالية، أو فرض شروط حياة قاسية تدفعهم على الهجرة اختياريا. 
وهذا لا يعني أنه قبل سنوات الألفين لم تكن عنصرية، بل كانت النسب المئوية في استطلاعات الرأي أقل وطأة، ولكن إذا عدنا إلى الخلف أكثر، سنرى أن الأفكار العنصرية كانت في ارتفاع مستمر على الدوام. وهذا انعكاس للحالة السياسية، ومن يقود الحُكم. 
فعلى سبيل المثال، في العام 1981، وصل إلى عضوية "الكنيست" العنصري الإرهابي البائد مئير كهانا، وكان يطرح فكرة طرد الفلسطينيين من فلسطين التاريخية، واستمرت عضويته ولاية برلمانية واحدة، إلى أن حظرت المحكمة العليا ترشحه للانتخابات بفعل أفكاره وبرنامجه السياسي. إلا أن ذلك الفكر، هو الفكر السائد والمسيطر على الحكومة الحالية، بدءا من رئيسها بنيامين نتنياهو، وتطبيقها يأتي من خلال سياسة التمييز العنصري والحصار وحرمان شعب بأكمله من ظروف حياة طبيعية.
قرار وزارة التعليم الإسرائيلية المذكور، يعكس بشكل حقيقي جوهر الفكر الصهيوني، ولكنه أيضا مؤشر على أنه لم يعد أي حرج لدى الصهاينة، في الافصاح عما يفكرون به ويخططون له، فهم يسعون الآن، إلى بلورة جيل أشد شراسة من حُكّام اليوم، على أمل أن يكونوا قادرين على تنفيذ فعلي للتطهير العرقي في فلسطين التاريخية. 
إلا أن الصهاينة في ذات الوقت، يعون في داخلهم حقيقة أن الشعب الفلسطيني أقوى من كل مخططاتهم، وأن المستقبل بالتأكيد لن يكون للصهاينة. ومقولة نتنياهو قبل أيام، بأن على إسرائيل أن تصل إلى عامها الـ 100، فيه الكثير من التشكيك المبطن لدى الصهاينة باستمرار الكيان الإسرائيلي على حاله اليوم.

عن الغد الاردنية