قال مستشار الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات، أ. بسام أبو شريف، إن المستهدف بالغارة الوحشية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة أمس الإثنين، هو كامل الشعب الفلسطيني وليس فقط سرايا القدس، مؤكداً على أن هذه الغارة تُمثل انتقال مستوى الجريمة الإسرائيلية إلى الجماعية ضد شعبٍ بأكمله وبأسلحةٍ محرمة دولياً.
وأشار أبو شريف، خلال حديث خاص بوكالة "خبر"، إلى أن هذه الجريمة تستوجب محاسبة إسرائيل، والتعامل مع هذا العدوان بشكلٍ مختلف عن سابقه، من خلال مطالبة الاتحاد الأوروبي فوراً بإرسال الخبراء لمعرفة طبيعة السموم المستخدمة في الغارة لقتل أكبر عدد ممكن من المقاومين بداخل النفق.
وأوضح أن هذه الجريمة تُعد رسالة من نتنياهو إلى قطاع غزة والشعب الفلسطيني والمحيط الدولي والعربي، بأنها ستلجأ لأسلحة لم تستخدم من قبل معتمدة بذلك على صمت الإدارة الأمريكية التي تحاول إدانة سوريا، بحجة استخدام السموم في "خان شيخون".
واتهم أبو شريف، دولة الاحتلال الإسرائيلي بتزويد النصرة بالغازات السامة لاستخدامها في سوريا، مؤكداً على ضرورة المطالبة بتفتيش إسرائيل حول مخزونها من المواد الكيماوية المحرمة دولياً، والسموم التي تستهدف بها كافة أبناء الشعب الفلسطيني، لذلك فإن هذا الأمر خطير جداً والتعامل معه يجب ألا يكون سطيحاً أو عرضياً.
وأكد على ضرورة مطالبة دول الاتحاد الأوروبي خاصة أن لها ممثلين في قطاع غزة، بإرسال الخبراء لبحث طبيعة المواد التي استخدمتها إسرائيل في غارتها ضد "نفق" المقاومة، مشيراً إلى أن إسرائيل استخدمت السموم لاغتيال الشهيد ياسر عرفات وووديع حداد، وحاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس خالد مشعل.
وشدّد أبو شريف، على أن السموم التي تستخدمها إسرائيل هي من منبت سم "باليوم" والذي لا يملكه أحد باستثنائها، مشيراً إلى وجود شهادات من خبراء السموم الجنائية تؤكد صحة هذا الأمر.
وأضاف: "لا شك أن اعتقال من حاول اغتيال خالد مشعل لانتزاع "الترياق" من فم نتيناهو هو الذي أنقذ حياته، لذلك علينا أن تعلم من دروسنا وألا نتحدث بكلام غير مناسب"، داعياً إلى مطالبة أطباء الاتحاد الأوروبي المتواجدين بغزة بإدلاء شهاداتهم أمام العالم حول طبيعة الغازات التي استخدمتها إسرائيل في استهداف نفق المقاومة وكامل الشعب الفلسطيني".
وتابع أبو شريف: "العالم يُحرج عندما يطالب عربي بقول الحقيقة، وعندما نقولها نحن يطمسونها"، متحدياً رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب بأن يمتلك الجرأة بطلب تفتيش الأسلحة الكيماوية في كافة بلدان الشرق الأوسط بما فيها إسرائيل.
وأردف: "عندم تجرأ جون كينيدي بطلب التفتيش على الأسلحة الكيماوية اغتالته إسرائيل"، مطالباً الكل الفلسطيني بالاستعداد لمرحلة خطيرة، وأن يكون الحديث بأن كافة الخيارات مفتوحة للرد على جريمة "إسرائيل" أمر جدي وليس مجرد فرقعات إعلامية.
ولفت أبو شريف، إلى "أن الساحة الفلسطينية تواجه نهجان وليس نهجاً واحداً، فإما أن تكون المصالحة من أجل خدمة أجندات إسرائيل، أو سيحاول نتنياهو خلق وقائع جديدة بالضرب والعنف والهمجية حتى يسود نهج الاستسلام لإسرائيل".
اغتيال أبو عمار
وبيّن أبو شريف، أن جهات فلسطينية تمتلك معلومات حول الشخص الذي وضع السم للرئيس الراحل ياسر عرفات، لكنها تتعمد إخفائها دون الكشف عن اليد التي وضعت السم أو إلقاء القبض عليه.
وقال: "إن وضع السم لخالد مشعل سبقه اغتيال وديع حداد بذات السم، وعندما قلنا أن وديع حداد قُتل مسموماً نفت إسرائيل، ولكنها اعترفت بذلك بعد 30 عاماً".
وكشف أبو شريف لأول مرة، أن اغتيال وديع حداد تم بالتعاون بين إسرائيل والعائلة الملكية السعودية، خاصة بندر بن سلطان الذي كان مسؤولاً للمخابرات آنذاك.
وأضاف: "هناك تعاون بين إسرائيل وأنظمة عربية تسارع في تطبيع العلاقات معها علناً الآن ولكنها كانت قائمة بالسر منذ زمن طويل"، قائلاً: "لذلك نحن محاطين بالأعداء ومن يتحدث أن ضربة نتنياهو هي اختبار للوحدة الوطنية مخطئ، لأنه يريد للشعب الفلسطيني أن يتوحد لخدمة المخطط الإسرائيلي وليس مخطط المقاومة".
وتابع: "عندما عقدت مؤتمر صحفي وأعلنت أن عرفات اغتالته إسرائيل بالسم، استبعد كثير من المسؤولين الذي حصلوا على مراكز عليا لاحقاً هذا الاحتمال"، مشيراً إلى أنه حذّر أبو عمار شفهياً وخطياً بأن إسرائيل تخطط لاغتياله بالسم.
ونوه إلى أنه "بعد استشهاده بسبعة سنوات طالبوا بتشريح ما تبقى من عظام ياسر عرفات، وهم متيقنون أن آثار السم قد اختفت، ولكن خدعة البولونيوم التي خرجت بها قناة الجزيرة التابعة لقطر، لا تمر على أحد لأننا لدينا كل الوثائق التي تؤكد استخدام إسرائيل لسم الباليوم في اغتيال عرفات".
وشدّد أبو شريف، على أن هذا السم لا تمتلكه إلا إسرائيل في كافة أنحاء العالم، مبيّناً أن هذا السم يتمتع بعدم وجود رائحة له أو طعم وقاتل بنسبة 100% بعد سريانه بست ساعات.
وأضاف: "علينا أن نسأل لماذا اغتالت إسرائيل ياسر عرفات"، مؤكداً على أنها "اغتالته لأنه اكتشف أنها لا تريد السلام وتخادع المجتمع الدولي وتسعى للسيطرة على كل الأرض الفلسطينية من البحر للنهر، ولا تريد حل الدولتين".
وبيّن أبو شريف، "أن هذا الأمر درس كبير للمسؤولين القائمين الآن على السلطة الفلسطينية ولم تغتالهم إسرائيل، بأن إسرائيل لا تريد السلام ولا تريد حل الدولتين، وتقتل كل من يقاومها، بالإضافة إلى ذلك شرعت قانون يمنح أي يهودي سلب أملاك الفلسطيني بحماية جيش الاحتلال".
وتساءل: "ماذا يريد ترامب وهو يرضع من ثدي الصهيونية العالمية منذ أن كان طفلاً، وهل نتوقع منه أن يعطي الشعب الفلسطيني حقوقه؟"، مشدداً على أنه لا ينتزع الحق بالرجاء والتمني، وأن انتزاع الحق الفلسطيني لا يأتي إلا بالمقاومة طويلة الأمد المؤمنة بأن الله يُعلي كلمة الحق والمجاهدين من أجله.
محاسبة إسرائيل
قال أبو شريف "إن إسرائيل تراهن على ما يسمى بصفقة العصر التي يقودها ترامب، الذي يريد أن يهيمن على كل المنطقة وأن تصبح إسرائيل شريكاً للإمبريالية الأمريكية كإمبريالية صهيونية شرق أوسطية، من خلال تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، وخلال ذلك يقوم نتنياهو بالاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأرض الفلسطينية حتى تبقى بقع معزولة في نابلس ورام الله والخليل تربطها طرق يستطيع المستوطن بحماية جيش الاحتلال أن يقطعها في أي وقت من الأوقات، أي تحويل الشعب الفلسطيني للعيش في بقعة محاصرة تخنقها وقتما شاءت".
وتابع: "علينا أن نعي بأن المقاومة هي الطريق الأمثل والوحيد لتحرير فلسطين"، مشيراً إلى أنهم حاولوا إنشاء إسرائيل جديدة في كردستان العراق، وأفشلها الأكراد بأنفسهم قبل أن تستفحل، لأن هناك جهات يقودها البرزاني ترفع علم "إسرائيل" علناً وتقيم علاقات معها منذ خميسينات القرن الماضي، بهدف تقسيم العراق وسيطرة الصهاينة على نفط شمال العراق".
وختم أبو شريف حديثه بالقول: "الآن تحاول أمريكا أن تكرر ذات السيناريو في شمال شرق سوريا من خلال دعم ما يسمى تنظيم سوريا الديمقراطية المدعوم من قوات المارينز التي تحتل أبار النفط، مضيفاً: "ليس صحيحاً أنه تم تحرير الرقة، لأنههم تجاوزوها بالاتفاق مع داعش ليسيطروا على حقول النفط والغاز".