تعاطت حركة "حماس" مع البيان الختامي للقاءات القاهرة التي عٌقدت بمشاركة كافة الفصائل الفلسطينية، بمرونة عالية على الرغم من عدم تلبية البيان لطموحات الشعب الفلسطيني الرامية إلى إعلان إنهاء الانقسام، ووقف العقوبات المفروضة على قطاع غزة.
وأكدت الحركة على أنها لن تكون الأداة التي ستفشل الجهود الرامية لإنهاء حقبة سوداء من تاريخ الشعب الفلسطيني، مشيرةً في ذات الوقت إلى أنها قبلت بأن تسير عجلة المصالحة ببطئ سعياً لعدم إفشالها.
قراءة البيان
وصف المحلل السياسي فتحي صباح، بيان الفصائل بالهزيل، لافتاً إلى أنه لم يُحقق أدنى التوقعات والتطلعات الفلسطينية، الأمر الذي يؤكد أن قطاع غزة لم يعد جزءًا من السلطة وأراضيها، عدا عن عدم اكتراث السلطة لمعاناة المواطنين بغزة.
بدوره، شدّد المحلل السياسي سميح خلف، على أن بيان الفصائل كان مخالفاً لآمال الشعب الفلسطيني، خاصة أن قطاع غزة كانت تنتظر قراراً بوقف العقوبات المفروضة عليه، وإنهاء أزماته المتراكمة منذ سنوات.
وأوضح صباح خلال حديثه لوكالة "خبر"، أن البيان لم يعطٍ أي بارق أمل للشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده، مؤكداً على أن بنوده يكتنفها التشاؤم، خاصة أنه لم يتم الإعلان عن سقف زمني لفتح معبر رفح، أو إنهاء أزمة الكهرباء، أو الرواتب.
وبيّن خلف، أن البيان لم يأت بآليات لحل الأزمات والإجراءات العقابية التي اتخذها الرئيس محمود عباس في قطاع غزة، خاصة أنه ركز على آليات دون الخروج بآليات لتنفيذها.
المطلوب من اللقاءات القادمة
أوضح صباح، أنه كان من المتوقع أن يخرج البيان الختامي للقاءات برفع الحصار عن غزة، وإنهاء أزمة الكهرباء، وإعادة الخصومات التي طالت رواتب موظفي السلطة، وفتح معبر رفح بشكل دائم بما يتلاءم مع الأوضاع الأمنية في سيناء.
وأكد خلف، على ضرورة مصارحة قيادات الفصائل لشعبهم عما جاء في حديث القيادي في حماس وعضوها وفدها للحوار صلاح البردويل، من أجل الاستعداد لمواجهة التحديات القادمة، معرباً عن أمله في أن يتم حل كافة الأزمات خلال اللقاءات المنوي عقدها.
كما دعا صباح، حركتي فتح وحماس إلى مناقشة كافة الملفات خلال اللقاءات القادمة، وأهمها إعادة بناء منظمة التحرير والدعوة لعقد الانتخابات التشريعية والرئاسية، والحريات العامة، وملف المصالحة المجتمعية.
ركاكة البيان
ولفت صباح، إلى أن ضعف صيغة البيان الختامي للفصائل، جاء بسبب عدم مغادرة عقلية الانقسام، وفقدان الثقة بين حركتي فتح وحماس على الرغم من وجود ضمانات عربية.
ونوه خلف، إلى أن اجتماعات الفصائل بالقاهرة فشلت، لذلك تم الإعلان عن بعض البنود عبر بيان ختامي، للخروج من تداعيات الأزمة التي تواجه الشعب الفلسطيني، وعدم تمكن كافة الجهات من انتزاع قرار نهائي بإنهاء الانقسام وإنجاز ملف المصالحة.
ورأى صباح، أن حكومة الوفاق لديها تعليمات واضحة باستمرار معاقبة مليوني غزي وفرض إجراءات عقابية عليهم، كونهم يعيشون تحت حكم حماس منذ 11 عاماً وقبلوا بالانقسام، مؤكداً على أن هذا الأمر سيكون له تداعيات سلبية على حركة فتح في أي انتخابات قادمة
وبيّن خلف، أن البيان جاء في إطار التمهيد لصفقة ترامب والحل الإقليمي الذي يطرحه، لإخضاع قوى المقاومة بغزة لبرنامج آخر وتجريدها من السلاح، بالإضافة إلى استمرار فصل غزة عن الضفة سياسياً وجغرفياً.
وتوقع صباح، أن يكون الهدف من عدم تلبية البيان لمتطلبات الشعب الفلسيطيني لدفعه على النزول للشوارع العامة، وبدء موجة احتجاجات يتخللها مواجهات مع الأمن وبدء موجة فوضى عارمة.
مرونة "حماس"
رأى خلف، أن حركة حماس تعاطت مع بنود البيان بمرونة عالية على الرغم من عدم تلبيته لأدنى تطلعات الشعب الفلسطيني، موضحاً أن سبب مرونة الحركة مع البيان جاء نتيجة تعرضها لضغوط كبيرة.
ولفت صباح إلى أن مرونة حماس جاءت لعدة عوامل إيجابية مفاجئة على الصعيدين الداخلي والإقليمي، والتي بدأت قبل نحو شهرين، أولها أنه أصبح لديها قراءة للوضع الإقليمي والدولي أكثر من أي وقتٍ مضى، كما أنها لم تستطيع التعبير عن ذلك بوثيقتها التي صدرت في مايو 2015.
وقال خلف، إن حديث البردويل الأول عن البيان الختامي حمل في طياته الحقيقة والواقع، مضيفاً: "لم يكن مطلوباً من صلاح البردويل أن يعتذر للشعب الفلسطيني عن حديثه الأول، كونه يلامس الحقيقة".
وأشار صباح، إلى أن ثاني المتغيرات هو الأزمة الداخلية التي تعاني منها حركة "حماس"، حيث إن فرض الضرائب لم يمكنها من دفع رواتب موظفيها كاملة دون نقص، مبيّناً أن وصول السنوار لرئاسة الحركة بغزة أعطى الحركة جرأة كبيرة في اتخاذ قرار المصالحة مع دحلان وفتح والرئيس عباس، على الرغم من وجود معارضة شديدة لدى بعض السياسيين في حماس.