القت السفيرة روان سليمان محاضرة سياسية في جامعة امستردام الهولندية لطلاب قسم العلوم السياسية بالجامعة، بدعوة من رئيس القسم/ الدكتور فلوريس فيرميولن، والدكتور ديميتيس بوريس المحاضر بقسم العلوم السياسية، وذلك تحت عنوان "القضية الفلسطينية والاتحاد الاوروبي".
جاء ذلك بمشاركة عدد من الاكاديميين والمسؤولين من الاتحاد الاوروبي، حيث اعربت السفيرة سليمان عن تقديرها للقائمين على تنظيم هذه المحاضرة، وعبرت عن سعادتها بالتحدث الى جيل شاب من الطلبة الذين سيساهمون خلال السنوات القادمة في الحياة السياسية الهولندية.
واستهلت السفيرة سليمان المحاضرة بالحديث عن الموقف السياسي للقيادة الفلسطينية الملتزم بحل الدولتين، من خلال اقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وقابلة للحياة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، الى جانب دولة إسرائيل.
واشارت بان الجانب الفلسطيني سيستمر في العمل بصورة إيجابية مع جميع الجهود والمبادرات الرامية إلى تحقيق هذا الهدف، بما يستند ويتوافق مع القانون الدولي.
كما أوضحت السفيرة سليمان بان عام 2017 شهد عددا من المناسبات المؤلمة للشعب الفلسطيني ابرزها مرور مائة عام على وعد بلفور الذي وعدت به بريطانيا اليهود بوطن على ارض فلسطين، مما حرم الشعب الفلسطيني من حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير. موضحةَ بان تنفيذ وعد بلفور قد أدى إلى نكبة الشعب الفلسطيني التي مر عليها ما يقارب سبعون عاما.
وقالت السفيرة إن النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني هي كارثة بكل معنى الكلمة حيث تم تهجير واقتلاع ما يقرب من 800.000 فلسطيني من ارضه، اي حوالي ثلثي السكان في ذلك الوقت.
واوضحت بأن هذا العام أيضا يصادف مرور نصف قرن على احتلال اسرائيل لاثنان وعشرون في المئة من الأراضي الفلسطينية المتبقية على حدود عام 1967، والتي تتكون من الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، مشيرة الى الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة منذ اكثر من عشرة سنوات.
وشددت السفيرة سليمان على ان كل هذه المناسبات تؤكد للمجتمع الدولي الضرورة الملحة لتركيز اهتمامه على حقيقة أن قضية فلسطين لا تزال دون حل. وإن الشعب الفلسطيني له الحق في الحياة والحرية والكرامة والأمن، كسائر شعوب العالم، وان هنالك مسؤولية على المجتمع الدولي لحل القضية الفلسطينية عبر انهاء الاحتلال الاسرائيلي للأرض الفلسطينية، وهي قضية مدرجة في جدول أعمال الأمم المتحدة منذ إنشائها. كما ان دعم إعمال حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف هو دعم للسلام.
وقالت السفيرة سليمان" اننا نقترب من الذكرى السنوية الأولى لقرار مجلس الأمن 2334 الذي اعتمد في 23 كانون الأول 2016. والذي يعيد التأكيد بشكل واضح وصريح على عدم شرعية المستوطنات الاسرائيلية وضرورة وقف إسرائيل لبنائها الاستيطاني"، مشيرة الى مسؤولية المجتمع الدولي بما فيه دول الاتحاد الأوروبي في تنفيذ هذا القرار.
كما اشارت الى ان قرار 2334 ينص على مبدأ عدم الاعتراف بالوضع غير القانوني المفروض من قبل الاحتلال الاسرائيلي في الارض الفلسطينية المحتلة بما في ذلك التغييرات التي يجريها الاحتلال داخل مدينة القدس المحتلة، وان نقل الولايات المتحدة لسفارتها من تل ابيب الى القدس يخالف هذا المبدأ، وبالتالي ينتهك مضمون القرار.
واشارت السفيرة الى اهمية دور القانون الدولي في حل القضية الفلسطينية، حيث ان مسألة وقف انتهاكات إسرائيل المستمرة للقانون الدولي والزامها باحترامه تقع على عاتق الطرف الثالث وهو الدول والهيئات الدولية.
واوضحت السفيرة أن هناك مبدأ رئيسيا في القانون الدولي، وهو مبدأ المساءلة أو ضمان الامتثال، موضحة أن القرار 2334 يشير إلى هذا المبدأ، بما في ذلك إعادة تأكيد تصميم مجلس الأمن الدولي على دراسة السبل والوسائل العملية لضمان التنفيذ الكامل لقراراته ذات الصلة، مشيرةَ الى ان قرارات مجلس الأمن ملزمة، ولدى المجلس آليات إنفاذ لضمان الامتثال يجب تفعيلها واستخدامها.
كما قالت السفيرة سليمان" إن حق تقرير المصير غير قابل للتصرف لا يخضع للتفاوض. وحق الفلسطينيين في الاستقلال وتقرير المصير معترف به دوليا. وقد اكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة كل عام هذه الحقوق غير القابلة للتصرف بأغلبية ساحقة. كما أن احترام حقوق الفلسطينيين غير القابلة للتصرف عنصر لا غنى عنه في إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط".
كما شددت على ان الاعتراف بدولة فلسطين يمثل استثمار في السلام وتأكيد لالتزام الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه بالقيم العالمية لحقوق الإنسان، على نحو يجسد ما جاء في ميثاق الأمم المتحدة. كما ان الاعتراف الدولي بفلسطين هو الطريق لتحقيق حل الدولتين في ظل الرفض الاسرائيلي لكافة المبادرات بما فيها مبادرة السلام العربية، حيث ان الاعتراف بدولة فلسطين لا يتعارض باي شكل من الاشكال مع مبدأ المفاوضات، بل على العكس فان الاعتراف بدولة فلسطين سيبعث بإشارة واضحة إلى إسرائيل بأن عرقلة الحل القائم على وجود دولتين وتحقيق السلام لن يتسامح معه المجتمع الدولي.
وبينت ان فلسطين قد انضمت إلى اكثر من 54 معاهدة واتفاقية دولية لحماية حقوقنا وفقا لولاية كل منظمة من جانب، ومن جانب آخر للتأكيد على التزام الجانب الفلسطيني واحترامه لحقوق الإنسان، والاسس الديمقراطية، وكذلك تطوير التعليم والصحة والعديد من القضايا الهامة الاخرى. كما ينبغي دعم هذا المسار من قبل الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي فنحن لا نريد أن نرى انقساما داخل الاتحاد الأوروبي في كل مرة يتم فيها التصويت على قرارات تخص فلسطين.
وفي اطار دور الاتحاد الاوروبي، اوضحت السفيرة بأنه يمكن لدول الاتحاد الاوروبي أن تلعب دورا محوريا وهاما في تحقيق حل الدولتين وانهاء الاحتلال الاسرائيلي، خاصة بان الاتحاد الاوروبي لديه علاقات جيدة مع الجانبين، كما ان لدى الاتحاد الاوروبي الأدوات التي يمكن له استخدامها من اجل الزام اسرائيل بإنهاء احتلالها.
كما اشارت السفيرة الى قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي طلب من المفوض السامي "إعداد قاعدة بيانات لجميع الشركات والمؤسسات التجارية" التي ساهمت بشكل مباشر او غير مباشر في البناء والاستفادة من المستوطنات".
ودعا الدول الاعضاء إلى اتخاذ "التدابير المناسبة للمساعدة على ضمان امتثال الشركات المقيمة في أراضيها أو الخاضعة لولايتها، للقانون الدولي والتوقف عن المشاركة في كل ما ينتهك حقوق الانسان في فلسطين"
واوضحت السفيرة أن هذه القائمة سوف تشمل شركات اوروبية متورطة في الانشطة الاستيطانية، وان على هذه الشركات اليوم ان تدرك جيدا عواقب هذه الاعمال ، والظلم والمعاناة التي تسببها لنا من خلال المشاركة في انتهاكات حقوق الشعب الفلسطيني من قبل المحتل الاسرائيلي.
واشارت أن هنالك مسؤولية والتزامات تقع على عاتق الدول فيما يتعلق بالأعمال التجارية في أراضيها أو الخاضعة لولايتها. حيث تقتضي اتفاقية جنيف الرابعة من الدول الأطراف أن تكفل احترام الاتفاقية، وتمنعها من تقديم المعونة أو المساعدة إلى الأنشطة غير القانونية في الأراضي المحتلة.
وفي نهاية المحاضرة، قامت السفيرة سليمان بالإجابة عن أسئلة الطلبة واستفساراتهم المختلفة حول القضية الفلسطينية وآفاق عملية السلام ودور الاتحاد الأوروبي في هذا الاطار.