رغم إدانتها.. إسرائيل لن تنسحب من مجلس حقوق الإنسان!

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

قبل نصف عام، أدرج مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إسرائيل، ضمن القائمة السوداء التي تضم 29 دولة، بسبب انتهاجها سياسات انتقام ضد نشطاء حقوق الإنسان، وهكذا وجدت إسرائيل نفسها بجانب عدد من الدكتاتوريات في اعتراف دولي بمدى زيف الادعاء الإسرائيلي الذي يروّج للدولة العبرية باعتبارها دولة ديمقراطية، في الوقت الذي تسعى فيه إلى الحصول على اعتراف فلسطيني ـ دولي، باعتبارها دولة اليهود ما ينفي، نظرياً وعملياً هذا الادعاء الساذج حول ديمقراطيتها في ظل الانزياح المستمر نحو عنصرية غير مسبوقة، تمارسها في المواجهة مع الفلسطينيين، ناهيك عن ممارستها ضد منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية ذاتها؟
قبل أيام، صادق مجلس حقوق الإنسان على أربعة قرارات ضد السياسة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وآخر ضد الإجراءات الإسرائيلية في هضبة الجولان السورية، في أطول نقاش شهدته أروقة المجلس، تم في نهايته التصويت لصالح القرارات التي تندد بالممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، والمطالبة بدعم إرادة الفلسطينيين وتطلعهم لقيام دولتهم المستقلة ذات السيادة وحقهم غير القابل للتصرف في تقرير المصير.
وعلى اثر كل اجتماع للمجلس، وقراراته العديدة والمتلاحقة التي تدين الاحتلال الإسرائيلي وممارساته القمعية والدموية، تنهال الاتهامات الأميركية ـ الإسرائيلية المنسقة ضد المجلس وقراراته واتهامه بالتمييز ضد إسرائيل، وتترافق هذه الاتهامات مع التهديد بانسحاب أميركي، ثم إسرائيلي من المجلس، علماً أنه سبق لإسرائيل أن قامت بمقاطعته قبل عامين وبالضبط في الثلاثين من آذار 2015، بينما تسهب مندوبة الولايات المتحدة لدى المنظمة الدولية في كيل التهم البذيئة للمنظمة الدولية ومجلس حقوق الإنسان، مع التهديد الرخيص والمتكرر، باعمال يد «الخصومات والتقليصات» من أموال الدعم للدول التي تخالف الإرادة الأميركية ـ الإسرائيلية، عند التصويت في كافة أشكال المؤسسات والمنظمات الدولية، الاجتماع الأخير لمجلس حقوق الإنسان أشار من جديد، إلى أن مثل هذه التهديدات، لم تؤثر من الناحية العملية على نتائج التصويت لصالح الشعب الفلسطيني، من هنا، يتكرر النقاش في إسرائيل والولايات المتحدة مجدداً، حول التهديد بالانسحاب من مجلس حقوق الإنسان!
ومن جديد، يعتبر وزير الحرب الإسرائيلي، ليبرمان أن استمرار وجود إسرائيل في مجلس حقوق الإنسان، غير مفهوم طالما كانت كافة قراراته تتسم بالتمييز والإدانة لإسرائيل «الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط» بينما يصف رئيس الحكومة نتنياهو مجلس حقوق الإنسان بـ»السيرك»، وفي ذات الوقت تطالب وزيرة العدل شاكيد، بالانسحاب من المجلس لأن البقاء فيه «هدر للوقت».
مع ذلك هناك من يرى في إسرائيل، ضرورة البقاء في اطار المجلس على الرغم من قراراته التمييزية ضد إسرائيل، معظم الدبلوماسيين في وزارة الخارجية الإسرائيلية يوصون بضرورة البقاء دون الانسحاب، ذلك «أنك وأنت بالداخل ستعرف ماذا يحدث، وستقوم بعمل كل شيء من أجل التخفيف من حدة القرارات ضدك»، خاصة وأن هناك جملة من المتغيرات على الصعيد الأميركي، فها هي نيكي هايلي تقوم بجهد جبار لصالح إسرائيل في كافة المنظمات الدولية، وها هو جون بولتون على وشك الدخول لمنصب وزير الخارجية، على إسرائيل أن تبقى صامتة، تسمع وترى ما تفعله أميركا، وفقط بعد انسحاب الولايات المتحدة، يمكن لإسرائيل الذهاب خلفها!
مجلس حقوق الإنسان، لا يقوم إلاّ بعمله بشكل حيادي تماماً، وإدانة الممارسات الاحتلالية الإسرائيلية هي جزء من واجباته الأساسية، والحكومة الإسرائيلية هي التي تتحمل مسؤولية انتهاكاتها وجرائمها، وعليها الكف عن هذه الممارسات قبل أن تطالب بعدم إدانة سياساتها، لكن وقبل كل شيء، على إسرائيل تنفيذ كافة القرارات الدولية قبل أن تنتقد المنظمات الدولية، وهذا يعني بكل بساطة إنهاء الاحتلال، وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس في اطار حق تقرير المصير غير القابل للتصرف!