عجوري : لا لوأد الابداع الفلسطيني الغزي

التقاط.PNG
حجم الخط

الكاتب: السفير حكمت عجوري

كنا قد استبشرنا خيرا بتصريحات تفيد بصوابية عدم عسكرة انتفاضة يوم الارض التي تتجسد في مسيرات العوده التي انطلقت في الثلاثين من مارس الماضي الا اننا وللاسف بدأنا نشاهد اقتحامات للخصوصية الشعبية السلمية لهذه الانتفاضة من قبل فصيل نزعم انه لا يؤمن اصلا بمقاومة غير مسلحة (المقاومة الشعبية السلمية).

هذه الاقتحامات وان لم تبد كذلك الا انها لن تفسر الا عسكرة من قبل مصاصي الدماء لاثارة غرائزهم بعد ان أُسقط في ايديهم هذه المرة واصبحوا عاجزين امام العالم عن تبرير قتلهم للابرياء الغزيين الذين خرجوا عراة الصدور امام الكاميرات ليعرضوا ظلمهم التاريخي على مدار 70 سنة وذلك مباشرة امام محكمة الاخلاق الدولية التي يديرها الضمير الانساني بعد ان اصبحت كل المحاكم الاخرى اما انها تُدار من قبل الجلاد او انها عاجزة.

هذا الامر غير المسؤول وغير المحسوب من قبل عشاق الحكم في غزة وفر لاسرائيل القوة القائمة بالاحتلال كما شاهدنا نحن والعالم، غطاء من اجل اللجوء لاسلوبها التقليدي في القصف والتدمير لمواقع تزعم القوة القائمة بالاحتلال انها مواقع عسكريه مرتبطه بالمسيرات وهي مهدده لامنها تمهيدا لاستهداف القيادات.

قصر نظر استراتيجي وممارسات غير مسؤوله من قبل حماس بزعمها انها المحرك لمسيرات العوده وهي في هكذا زعم تبرر لاسرائيل ادعاءاتها الكاذبه باستخدام حماس الاطفال دروع بشريه هذا الادعاء الكاذب من قبل اسرائيل وولية نعمتها اميركا الذي وكما اسلفت استمد شرعيه من قصر نظر حمساوي، سيعطي ذريعه لاسرائيل لاستباحة كل غزه لردع الابرياء من ممارسة حقهم الانساني في المشاركه في المسيرات السلميه التي بدأت تاخذ اهتمام انساني عالمي لشعب مظلوم لا يملك غير شرعيه اخلاقيه وشرعيه دوليه للمطالبه بحقوقه. ولا ادري ان كان هناك توافق في الافكار حتى لا تتمكن مسيرات العوده من جني اول ثمارها في انهاء الانقسام.

بالطبع مُثُمَن لحماس مواقفها التشجيعية الداعمه للمسيرات لوجستيا والى حد ما ماليا ولكن واقع الحال يشير الى ان هذا التشجيع لم يكن الا لامر في نفس يعقوب بمعنى ان بوصلة هذا الدعم تتجه نحو رغبه حمساويه لركوب موجة مسيرات العوده وتحويلها الى مهام فصائليه حمساويه على امل استعادة وهج الاشعاع والمجد الحزبي الذي خفت على مدار سنين كان الفشل وللاسف حليف هذه السنين والعناد والمكابره سلوك من ظنوا انهم ينفذون برنامج الهي بينما هم يمارسون برنامج حزبي يعتمد على الطاعه العمياء لولي الامرحتى وان كان اعمى البصيره وهي الوصفه القاتله للابداع الذي هو السلاح الوحيد القادر على الوقوف في وجه الطغيان الصهيوني المدعم بصمت دولي وعربي.

ما حدى بي لطرق هذا الموضوع ليس استعداء لحماس وهي جزء اصيل من النسيج الفلسطيني ولا تعصبا لفتح التي ومنذ انتمائي لها في سن مبكرة لم اتعلم الا ان اكون متعصبا لفلسطين وليس لفصيل او شخص ولكن هو الخوف على وأد هذا الابداع الغزي في المهد لاعتقادي بان المقاومه الشعبيه السلميه التي تتجسد في مسيرات العوده لم تكن في يوم ما استراتيجية تحرير حمساويه وانما كانت وما زالت استراتيجية الرئيس ابومازن تجاه انهاء الاحتلال وهي جزء من تربيته السياسيه التي انفرد بها دون غيره من الاباء المؤسسين للثوره المعاصره، استراتيجيه تهدف للحفاظ على الانسان الفلسطيني عقلا وجسدا بقدر الامكان كونه يمثل راس المال الحقيقي وكنز فلسطين ومخزونها البشري والطبيعي.

هذه الاستراتيجيه تم تطبيقها قبل 11 سنه حين اصدر الرئيس اوامره لكافة الاجهزه المسلحه بعدم استخدام السلاح في وجه الانقلابيين في عام 2007 حتى لا يؤخذ عليه انه كان سببا في اراقة الدم الفلسطيني لانه لو فعل ذلك لاصبح شخصا اخر. هذه الاستراتيجيه تعززت بانشاء صندوق الطالب لتمكين كل طالب لاجئ في لبنان من تطوير قدراته الاكاديميه /الجامعيه . هذه الاستراتيجيه تشجعني على الجرأه في القول ولو في سياق مختلف باستحالة ان يوافق نفس هذا الرئيس على قرار تجويع ألموظفين في غزه عن طريق وقف مرتباتهم.

ان تمسك حماس باستراتيجية المقاومه المسلحه معتمدة على ما تسميه جزافا بالصواريخ هي استراتيجيه عسكريه اثبتت فشلها كون غزه المكان الوحيد في العالم الذي لا يوجد لساكنيها مأوى من الغارات الجويه ولا حتى منفذ للهرب غير البحر الذي تحتله بوارج العدو. اضافة الى ان هذه الصواريخ كانت ادوات تبرير لردود فعل همجيه من قِبَل من فقدو انسانيتهم التي شهدت عليها نتائج ثلاث اجتياحات منذ 2008 وايضا سببا لخسارة ما نحن بحاجته من دعم دولي لانهاء اخر واسوأ احتلال عرفه التاريخ اضافة الى ان هذه الصواريخ وللاسف ما زالت تقف وراء تعنت حماس ومحاولاتها الدائمه في احباط أية محاوله صادقه لانهاء الانقسام كون تخليها عن الحكم في غزه سيكون تخلي عن اخر حكم لحزب الاخوان المسلمين الذي اصبح امكانية انبعاثه خيالا كالعنقاء ولهذا نرى هذا التشبث من قبل حماس بالحكم في غزه ولو بذرائع مختلفه بالرغم من كل النتائج الماساويه لهذا الحكم "فشلا وانقساما وجوع" ولا اعتقد انها بذلك تبتغي مرضاة الله. 

هذه دعوة للقادرين من حماس الخروج من صندوق الطاعه العمياء للمرشد والعوده لجادة الصواب التي يمثلها حضن فلسطين الاكبر من كل الفصائل والاحزاب والتي هي بحاجه الى كل الطاقات التي تمتلكها حماس وتوظيفها من اجل التنافس مع دول العالم تحت مظلة قوة الحضاره وليس التنافس تحت مظلة حضارة القوه التي ابدعت فيها اسرائيل والتي تسببت في تدمير ثلث غزه واعاقة واستشهاد الالاف الذين كان اخرهم العالم الفلسطيني الشهيد فادي البطش الذي يعتبرتوأم ابداع المهندس الشهيد يحيي عياش.

في نفس السياق أُذَكِر ان حكم الاقليه البيضاء او الفصل العنصري في جنوب افريقيا انتهى بالرغم من كل نفوذها في العالم الى مزبلة التاريخ بينما كان المخلص نيلسون مانديلا في السجن وذلك ليس بسبب وصول الدم للركب في جنوب افريقيا ولكن بالوسائل الابداعيه التي يماثلها فيما يمارسه شعبنا الغزي بمسيراته السلميه التي ستتوأم كما وابداعا مع الضفه لحظة قطف اول ثمار هذه المسيرات في اعادة توحيد الوطن بانهائها للانقسام. المقاومه الشعبيه قطعا ستزلزل اسرائيل القوه القائمه بالاحتلال عندما وقريبا ستصل ارتداداتها الانسانيه الى عواصم قرار اقامة اسرائيل كما كان حال انتصار العالم للمظلومين في جنوب افريقيا.

بالتالي فان نجاح مسيرات العوده يكمن في استمرارها متوهجه صوب القرى التي دمرها الاحتلال في سنة 48 ، هذا الاستمرار يكمن في شعبية هذه المسيرات وسلميتها هذه كنهج جديد في منطقه دُمِرَت دولها بفعل الصواريخ التي وجدت لها ممرا امنا لتدمير البنى التحتيه وقتل الابرياء وتهجيرهم عبر قصر نظر حكام هذه الدول الذين ما زالو يعيشون في قصور ديكتاتورياتهم العاجيه وبنظرتهم الدونيه لشعوبهم ليس ابتغاء لمرضاة الله ولكن ابتغاء لمرضاة كرسي الحكم.