مع اقتراب الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية، يسود الوسط الإسرائيلي والعالم بأسره حالة من الترقب والحذر يقابلها إصرار فلسطيني بالعودة إلى الوطن المسلوب قسراً، ما يطرح تساؤلاً حول طبيعة مليونية العودة والسيناريوهات المتوقعة، في ظل تصاعد مواجهات الشبان الفلسطينيين خلال الجمع الأخيرة مع قوات الاحتلال شرق قطاع غزة، والمتواصلة منذ 30 آذار/ مارس الماضي.
ترقب وحذر
قال المختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر: إن "حالة من الترقب الشديد تُخيم على النخب والمجتمع الإسرائيلي وأجهزة أمن الاحتلال، حيث إن الاحتلال يخشى أن تنعكس مسيرات العودة الكبرى والتي تتزامن في الـ15 من هذا الشهر الجاري، سلباً على الشارع الإسرائيلي".
بدوره، أوضح المحلل السياسي أكرم عطا الله، أن مسيرات العودة أعادت قضية فلسطين إلى الواجهة من جديد، خاصة أنها ركزت على صورة الفلسطيني في قطاع غزة والأزمة الإنسانية التي يعانيها.
من جهته، أكد المحلل السياسي طلال عوكل، على أن الشبان الفلسطينيين مُصممين على اقتحام السياج الحدودي بمسيرة مليونية عارمة، وذلك في حال عدم ارتكاب الاحتلال عدوان واسع على قطاع غزة لمنع انطلاق فعاليات إحياء ذكرى النكبة الفلسطينية".
تخوف إسرائيلي
وأوضح أبو عامر، أن الاحتلال يتخوف من وجود حشود كبيرة على حدود غزة واقتحام مجموعة كبيرة من الشبان، وكيفية استيعاب هذا السيل البشري، موضحاً أن هذا السيناريو الأسوأ الذي تخشاه إسرائيل.
وأشار إلى أن هناك حالة من الضبابية تسيطر على الوسط الإسرائيلي، مبيّناً في ذات الوقت أن حالة القلق الإسرائيلي تزداد يوماً بعد يوم، خاصة مع تكرار اقتحامات الشبان الفلسطينيين اليومية للأراضي المحتلة.
خيار الحرب والمواجهة
قال عوكل: إن "إسرائيل تحاول جاهدةً استدراج رد فعل فلسطينية من المقاومة، لتبرير شن عدوان واسع يؤدي إلى وأد مسيرة العودة الكبرى، متوقعا أن تلجأ إسرائيل إلى سياسية أخرى، وهي اغتيال قيادات من حماس.
ولفت عطا الله، إلى أن حركة حماس تستبعد خيار المواجهة العسكرية وتعول على نجاح مسيرة العودة الكبرى، وفي ذلك يتزامن مع غبة إسرائيلية وسعي حثيث لوأد مسيرة العودة بشتى السبل.
ورأى أبو عامر، أن إسرائيل قد تلجأ إلى إطلاق الرصاص واستخدام وسائل مدنية لمكافحة الشغب والقوة النارية، ما سيؤدي حتماً إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى، ويعطي انطباعاً للمجتمع الدولي بأن إسرائيل تمارس عمليات قتل بشعة ضد المدنيين العزل في قطاع غزة، وهذا ما تتجنبه إسرائيل.
التحركات الدولية
واعتقد أبو عامر إن إسرائيل قد تلجأ إلى خيارات أخرى من خلال دعوة وسطاء دوليين لمخاطبة الفصائل والقوى الشعبية لمنع الشبان من اقتحام الجدار ومنع الفلسطينيين من الذهاب إلى حدود القطاع واحتواءها بأي شكلٍ من الأشكال.
ونوه عوكل، أن التحركات الدولية لاحتواء مسيرة العودة ستبوء بالفشل، موضحاً أن الولايات المتحدة تسعى لمنع أي تدخل أو تشكيل لجنة تحقيق لمحاسبة إسرائيل على جرائمها.
المطلوب فلسطينياً
طالب عطاالله، القيادات والفصال الفلسطينية بضرورة خلق حالة حوار فلسطيني، لتحقيق الأهداف المرجوة لمسيرة العودة، ومواجهة صفقة القرن التي تسعى الولايات المتحدة إلى تطبيقها.
كما دعا عوكل إلى تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، بالإضافة إلى وحدة الأداء والقرار والقيادة، كونه أهم مطلب للشعب الفلسطيني، مضيفاً "بعد ذلك يمكن الحديث عن تفعيل المجموعة العربية وحشر إسرائيل والولايات المتحدة أمام المجتمع الدولي".
ويذكر أن فعاليات مسيرات العودة الكبرى انطلقت في 30 مارس الماضي، إحياءًا لذكرى يوم الأرض الفلسطيني، حيث يتوجه الشبان والمواطنين بشكلٍ يومي إلى حدود قطاع غزة الشرقية للتظاهر بشكلٍ سلمي، ومن المقرر أن تستمر فعالياتها حتى تاريخ 15 مايو الحالي، والذي يصادف ذكرى يوم النكبة، وتنص الفعاليات على اقتحام المواطنين للحدود بهدف العودة إلى ديارهم التي هُجروا منها أجدادهم قسراً في العام 1948م.