أقرت وسائل إعلام إسرائيلية بما وصفته الإخفاق الدعائي الذي وقعت فيه إسرائيل خلال أحداث الأيام الأخيرة المتعلقة بمجزرة غزة، وفض مسيرات العودة بالقوة العسكرية المفرطة، وسقوط هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى العزل.
فقد ذكر رون بن يشاي الخبير العسكري بصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية ، أن "الفلسطينيين نجحوا بالسيطرة على الصورة العالمية والأفلام التسجيلية والمقابلات الإعلامية في منطقة المسيرات غير العنيفة على حدود القطاع، في حين حظي الجيش بإخفاق وفشل كبيرين لأنه لم يوصل الصورة المطلوبة لوسائل الإعلام الدولية".
وأضاف في مقال مطول أن "الجيش الإسرائيلي أبعد الصحفيين من الجانب الإسرائيلي من الحدود، وما تم إخراجه لهم من صور وتسجيلات لم تكن كافية، والنتيجة هي انتصار للرواية الفلسطينية حول العالم، وتجلى ذلك في ردود الفعل الدولية عن أحداث مسيرات العودة، ما يعني فشلا للدبلوماسية الشعبية الإسرائيلية، لأن مقدمي النشرات الإخبارية، وعناوين كبريات الصحف في أوروبا ومعظم دول العالم الحر، أظهروا أن هناك تفوقاً واضحاً لرواية حماس والمنظمات الفلسطينية العاملة في غزة".
وأوضح أن الفلسطينيين "نجحوا دون تردد في تقديم روايتهم للرأي العام الأوروبي وأمريكا الشمالية وجزء كبير من دول آسيا وشرق أوروبا، ومفادها أن الفلسطينيين المدنيين تم استهدافهم برصاص الجيش الإسرائيلي وهم يشاركون في مظاهرات سلمية غير عنيفة، لأنهم كانوا يحاولون كسر الحصار المفروض عليهم في غزة"
هذه الرواية البسيطة تم تسجيلها وتعميمها طوال ساعات من البث التلفزيوني وآلاف الكاميرات والأقمار الصناعية من الجانب الفلسطيني من الحدود، بحيث أظهرت الجانب الكفاحي للشعب الفلسطيني ضد مضطهديه".
وأكد يشاي: "شاهدت في اليومين الأخيرين ما تم بثه على شاشات التلفزة حول العالم، والمواقع الإخبارية في شبكة الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، تسعون بالمائة منها تبنت الرواية الفلسطينية، ليس هذا فقط، بل إن المراسلين الأجانب الذين كانوا يبثون تقاريرهم على خلفية المظاهرات، بدأوا بتناقلها عبر وكالات الأنباء الدولية" .
في حين قرر الناطق العسكري الإسرائيلي أن يبقى الصحفيون في الجانب الإسرائيلي من الحدود بعيدين مسافة كيلومترين عن الأحداث، يزودهم بصور تلتقطها كاميرات الجيش، دون إجراء مقابلات مع الجنود، ودون أن يرى الصحفيون بأم العين الجانب الفلسطيني من الأحداث"، بحسب يشاي.
وختم بالقول إنه "يمكن الحديث بكثير من الثقة عن أن إسرائيل خسرت المعركة الإعلامية والدعائية في مواجهة الفلسطينيين، وهي ليست المرة الأولى من نوعها، ومن الواضح أنها لن تكون الأخيرة، لأنه ليس غريباً في هذه الحالة أن تتحدث الصحافة العالمية في صدر عناوينها عن الفلسطينيين الذين احتجوا على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وتم ذبحهم على حدود غزة بنيران الجيش الإسرائيلي، نحن الإسرائيليين من تسببنا لأنفسنا بهذه الانتكاسة الدعائية والإعلامية، التي لن يصلحها أي جهد سياسي لاحق".
صحيفة هآرتس اختارت جملة من العناوين التي تصدرت وسائل الإعلام العالمية، ودلت في معظمها على أن إسرائيل منيت بخسارة إعلامية ودعائية غير مسبوقة.
وقالت الصحيفة في تقرير لها إن "أكثر عنوان سيطر على عناوين الصحافة العالمية هو "مذبحة السفارة"، في إشارة لمقتل المتظاهرين الفلسطينيين المحتجين على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس".
وأضافت الصحيفة أن "صحيفة الديلي ميل البريطانية وصفت ما حصل على حدود غزة بأنه "حمام دماء"، والليبراسيون الفرنسية اختارت عنوان "السفارة والمذبحة"، وقالت الهافنغتون بوست إن ما حصل هو "مذبحة يوم السفارة"، وذكرت النيويورك تايمز أن إسرائيل قتلت العشرات في غزة، بينما يتم افتتاح السفارة الأمريكية في القدس، ما يؤكد أن السلام يبدو بعيدا".
وأوضحت أن "الغارديان البريطانية كتبت أن أمريكا تنقل سفارتها للقدس، والعشرات قتلوا في غزة، فيما عنونت وول ستريت جورنال قائلة إن افتتاح السفارة رافقته الفوضى، وذكرت صحيفة "ذي ستار" في جنوب أفريقيا أن الغضب في غزة، والإندبندنت قالت إن القدس تشهد نقل السفارة وغزة تشهد مقتل 55 فلسطينيا، وجميع هذه الصحف نشرت صورا حية ومباشرة من مظاهرات غزة الحدودية".
أورن نهاري مراسل الشؤون الدولية في موقع ويللا تساءل عن سبب وقوف العالم ضد إسرائيل في أحداث غزة، من خلال تغطية وسائل الإعلام العالمية لما حصل من مظاهرات أخيرة في ظل الانتقادات السياسية والإعلامية للسلوك الإسرائيلي تجاه المتظاهرين.
وقال في تقرير لها إن "العالم اختار أن يركز في الصور التلفزيونية القادمة من غزة، وتتحدث عن المواجهات العنيفة التي شهدتها الحدود، ولم يلق بالا كثيرا للمشاهد القادمة من القدس حيث كانت تتم في ذات الأثناء احتفالات نقل السفارة الأمريكية، وفي النتيجة فإن الغضب الأوروبي ينصب على إسرائيل القاتلة".
وختم بالقول: "النتيجة الفورية للتغطية الإعلامية العالمية ضدنا جاءت من خلال إعادة السفير الجنوب أفريقي، وغضب تركيا، والتنديدات الصادرة عن دول مجلس الأمن".
عومري نحمياس موفد موقع ويللا إلى واشنطن قال إن "وسائل الإعلام الأمريكية انشغلت كثيرا بأحداث غزة، من خلال تخصيصها ساعات بث متقطعة لذلك، مستعينة بصور وأشرطة فيديو مباشرة من قلب الحدث".
وأضاف في تقرير له أن "صحيفة الديلي نيوز عنونت صفحتها الأولى بصورة إيفانكا ترمب تفتتح السفارة في القدس، وبجانبها صورة لفلسطينيين في غزة يغرقون بدمائهم، وشبهت شبكة الأخبار NBC ما يحصل في غزة بأحداث حرب 2104، واصفةً ما يحصل بأنه إحياء من الفلسطينيين لذكرى النكبة، أما نيويورك تايمز فعنونت صحيفتها قائلة: "قتل في غزة، سفارة جديدة في القدس، ولا أمل في السلام".